خالد الزعتر

اتفاق الرياض والدولة الحديثة

الاثنين - 21 ديسمبر 2020

Mon - 21 Dec 2020

اتفاق الرياض ثمرة جهود حثيثة من قبل المملكة العربية السعودية نجحت في ردم الهوة وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اليمنيين شركاء السلاح في مواجهة الإرهاب الحوثي، وبالتالي فإن حالة الترحيب الدولي والإقليمي تجاه الاتفاق تعكس الثقة الإقليمية والدولية بالدبلوماسية السعودية في أن تقود اليمن إلى بر الأمان وبناء الدولة الحديثة فيه.

تشكيل حكومة الكفاءات المناصفة بين الشمال والجنوب بحسب الاتفاق، هي خطوة مهمة في طريق بناء الدولة الحديثة في اليمن، وهي دولة المؤسسات القائمة على تحقيق المواطنة الحقيقية والقضاء على سياسات التمييز المناطقي، بعيدا عن السياسات السابقة التي أرسى قواعدها علي عبدالله صالح القائمة على المحسوبية والاستزلام والمناطقية، التي عبثت السياسات باليمن وعطلت مؤسسات الدولة.

الترتيبات التي أرسى قواعدها اتفاق الرياض، خاصة ترتيبات المؤسسات العسكرية بانضواء القوات العسكرية تحت مظلة وزارة الدفاع، وانضواء القوات الأمنية تحت مظلة وزارة الداخلية، هي خطوة في غاية الأهمية في طريق إرساء قواعد سلطة الدولة، وقطع الطريق أمام أي محاولة لتضخيم سلطة الميليشيات وانتشار السلاح خارج إطار شرعية الدولة، بحيث تصبح الدولة هي المحتكرة للقوة، وهذه خطوة في غاية الأهمية نحو بناء الدولة الحديثة في اليمن، بعيدا عن الوضع السابق، حيث تشهد اليمن حالة متصاعدة من انتشار السلاح.

إن تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب لا شك هي خطوة مهمة في طريق إعادة هيكلة الأفكار التي ظلت قائمة عليها الدولة اليمنية التي أرسى قواعدها علي عبدالله صالح، التي كانت قائمة على سياسة التمييز والاضطهاد بحق المحافظات الجنوبية، وبالتالي فإن اتفاق الرياض يأتي لإرساء دولة جديدة قائمة على أفكار وأدبيات جديدة لتحقيق مبدأ المساواة بين الشماليين والجنوبيين، وسيقود لخلق مرحلة جديدة من تحقيق النهضة والتنمية في كل المحافظات اليمنية.

بالنسبة للمواجهة مع ميليشيات الحوثي الإرهابية، فإن الاتفاق يعمل على توحيد الجبهة الداخلية، وتوجيه البوصلة نحو المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، وقطع الطريق أمام أي محاولات لخلق صراعات جانبية كما حدث في السابق، التي استفادت منها الميليشيات الحوثية، ومكنتها من تعزيز وجودها في معركة مأرب، بينما كانت القوات المنضوية تحت لواء الشرعية في حالة من الانقسام في مواجهات جانبية مع القوات الجنوبية في محافظة أبين، وليس هذا فحسب، بل أحد الأسباب الرئيسية خلف إطالة أمد الأزمة اليمنية هي حالة الانقسامات والصراعات الجانبية، حيث ظلت الميليشيات الإخوانية تحاول تشتيت المشهد بشعارات مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي وغزو العاصمة المؤقتة عدن، والدفع نحو إسقاط تحرير صنعاء من حساباتها السياسية والعسكرية.

khzaatar@