توظيف الأقارب، يخزي العين ما أحلاهم!
السبت - 12 ديسمبر 2020
Sat - 12 Dec 2020
في جامعاتنا المحلية يكاد يكون توظيف الأقارب في الوظائف الأكاديمية أو الإدارية أمرا طبيعيا واعتياديا، وفي حالات كثيرة سواء داخل أو خارج الإطار الأكاديمي يعتبر توظيف الأقارب من الرجولة والمروءة ومن النخوة العربية الأصيلة، وهذه الحالة «السايكولوجية» العجيبة نوعا ما والغريبة هي في الواقع مرتبطة بعدة عوامل، منها ما له علاقة مباشرة بالفساد الإداري، وغياب الرقابة أو ضعفها في فترة معينة وانحسار دورها في فترات أخرى، ومنها ما له علاقة بغياب الوعي لدرجة يبلغ عندها الاعتقاد بأن توظيف القريب غير الكفء معروفا يؤجر عليه فاعله ويعاقب تاركه!
غياب الوعي سواء على المستوى الفردي أو الجمعي يمكن استدراكه أو تصحيحه، إما بسن القوانين والأنظمة من مرجعيات عليا، ومن ثم تطبيقها وتنفيذها بشكل دقيق، وإما من خلال حملات توعوية منظمة تستهدف رفع مستوى الوعي تدريجيا، وهذا أمر معقول، خاصة إذا ما كانت الحالات التي نتحدث عنها يتداخل فيها عوام الناس مع نخبهم، ولكنه يصبح غريبا وداعيا للتأمل والدراسة إن كانت الفئة المستهدفة هي ممن يُفترض أن تتوفر فيها فضيلة احترام الحقوق والتحلي بالمثالية في أسمى درجاتها وأبهى صورها، وعلى وجه التحديد أولئك الذين يتربعون على سدة القرار الإداري داخل الحرم الجامعي.
في إحدى الجامعات المحلية عندما أصبح توظيف الأقارب مثارا للشك والريبة ومدعاة للتندر والسخرية، لم تجد إدارة الجامعة سبيلا لغطرستها وتعاليها على اللوائح والأنظمة إلا بافتتاح مسار جديد للدراسة أسمته «التفكير ومهارات الاتصال»، وجعلته حاضنة لتوظيف كل قريب أو صاحب واسطة ونفوذ، فجاءت - كما يقال - بما لم تستطعه الأوائل! وعيّنت من خلال نافذتها هذه أعدادا ليست بالقليلة ممن لا يستحق الوظيفة أو ممن هم من أصحاب التخصصات الهامشية، فكان منهم من إن تسأله تقديم محاضرة في مهارات التفكير لا يستطيع إلا ما دمت عليه قائما.
نوافذ توظيف الأقارب بهذه الطريقة وعلى هذا المنوال ما زالت مفتوحة، على سبيل المثال: معاهد اللغات ومعاهد الاقتصاد والمعرفة ومعاهد الوسطية والاعتدال ومعاهد السياحة، وهكذا، كلها قنوات للتوظيف الناعم، فهذه المعاهد وغيرها من المراكز العلمية لها صبغة أكاديمية في كل شيء، إلا أنها في الواقع تفتقد عند التوظيف لتطبيق الأعراف والمعايير الأكاديمية والبيروقراطيات الإدارية بشكل ما يجعلها سهلة الاختراق أو تقع تحت سيطرة شاملة ومؤثرة من الإدارات العليا.
الإشكالية أن توظيف القريب غير الكفء فعل ضرره لازم ومتعدٍ، بمعنى أن ضرره يلزمه هو، ويلازم طلابه وزملاءه في الجهة التي هو فيها، ويتعدى ضرره إلى غيره إذا انتقل أو اتصل بالمؤسسات التعليمية والجهات الرسمية الأخرى، ولذلك عندما أدركت مجموعة من أعضاء مجلس الشورى أبعاد هذه الإشكالية نادت على عجل بضرورة مراجعة التعيينات الأكاديمية، لأن مثل هذه النوعية من الأكاديميين بعد مدة قصيرة وبقدرة قادر هكذا تصبح من أصحاب القرار النافذ ومن الرؤساء والوكلاء والمستشارين!
في جامعاتنا قد نجد عائلة مكونة من أب وأم وبعض الأبناء يعملون كلهم في الجامعة نفسها، ولا بأس إن كانوا جديرين بالثقة، وكذلك قد نجد عائلة غربية تعمل في جامعة واحدة، ولكن الاختلاف بين العائلتين ربما تتجلى صورته في طريقة التوظيف، فالغربي يتزوج زميلته في التخصص بعد أن تلتقي أفكارهما وتتطابق رؤاهما، وإذا أنجبا فطفلا أو طفلين يتفوقان على أبويهما أو يسيران على نهجيهما، بينما «خوينا» تعيّن معيدا بالصدفة «والدنيا سهالات» ثم أرسل للخارج كي يتعلم ويطور من تفكيره، وأثناء تواجده هناك تعلمت زوجته اللغة بالممارسة والاحتكاك، وتحصّل لها على شهادة، ولما عادت العائلة بشهاداتها تعيّنت في الجامعة وهي تقول: يخزي العين ما أحلانا.
drbmaz@drbmaz@
غياب الوعي سواء على المستوى الفردي أو الجمعي يمكن استدراكه أو تصحيحه، إما بسن القوانين والأنظمة من مرجعيات عليا، ومن ثم تطبيقها وتنفيذها بشكل دقيق، وإما من خلال حملات توعوية منظمة تستهدف رفع مستوى الوعي تدريجيا، وهذا أمر معقول، خاصة إذا ما كانت الحالات التي نتحدث عنها يتداخل فيها عوام الناس مع نخبهم، ولكنه يصبح غريبا وداعيا للتأمل والدراسة إن كانت الفئة المستهدفة هي ممن يُفترض أن تتوفر فيها فضيلة احترام الحقوق والتحلي بالمثالية في أسمى درجاتها وأبهى صورها، وعلى وجه التحديد أولئك الذين يتربعون على سدة القرار الإداري داخل الحرم الجامعي.
في إحدى الجامعات المحلية عندما أصبح توظيف الأقارب مثارا للشك والريبة ومدعاة للتندر والسخرية، لم تجد إدارة الجامعة سبيلا لغطرستها وتعاليها على اللوائح والأنظمة إلا بافتتاح مسار جديد للدراسة أسمته «التفكير ومهارات الاتصال»، وجعلته حاضنة لتوظيف كل قريب أو صاحب واسطة ونفوذ، فجاءت - كما يقال - بما لم تستطعه الأوائل! وعيّنت من خلال نافذتها هذه أعدادا ليست بالقليلة ممن لا يستحق الوظيفة أو ممن هم من أصحاب التخصصات الهامشية، فكان منهم من إن تسأله تقديم محاضرة في مهارات التفكير لا يستطيع إلا ما دمت عليه قائما.
نوافذ توظيف الأقارب بهذه الطريقة وعلى هذا المنوال ما زالت مفتوحة، على سبيل المثال: معاهد اللغات ومعاهد الاقتصاد والمعرفة ومعاهد الوسطية والاعتدال ومعاهد السياحة، وهكذا، كلها قنوات للتوظيف الناعم، فهذه المعاهد وغيرها من المراكز العلمية لها صبغة أكاديمية في كل شيء، إلا أنها في الواقع تفتقد عند التوظيف لتطبيق الأعراف والمعايير الأكاديمية والبيروقراطيات الإدارية بشكل ما يجعلها سهلة الاختراق أو تقع تحت سيطرة شاملة ومؤثرة من الإدارات العليا.
الإشكالية أن توظيف القريب غير الكفء فعل ضرره لازم ومتعدٍ، بمعنى أن ضرره يلزمه هو، ويلازم طلابه وزملاءه في الجهة التي هو فيها، ويتعدى ضرره إلى غيره إذا انتقل أو اتصل بالمؤسسات التعليمية والجهات الرسمية الأخرى، ولذلك عندما أدركت مجموعة من أعضاء مجلس الشورى أبعاد هذه الإشكالية نادت على عجل بضرورة مراجعة التعيينات الأكاديمية، لأن مثل هذه النوعية من الأكاديميين بعد مدة قصيرة وبقدرة قادر هكذا تصبح من أصحاب القرار النافذ ومن الرؤساء والوكلاء والمستشارين!
في جامعاتنا قد نجد عائلة مكونة من أب وأم وبعض الأبناء يعملون كلهم في الجامعة نفسها، ولا بأس إن كانوا جديرين بالثقة، وكذلك قد نجد عائلة غربية تعمل في جامعة واحدة، ولكن الاختلاف بين العائلتين ربما تتجلى صورته في طريقة التوظيف، فالغربي يتزوج زميلته في التخصص بعد أن تلتقي أفكارهما وتتطابق رؤاهما، وإذا أنجبا فطفلا أو طفلين يتفوقان على أبويهما أو يسيران على نهجيهما، بينما «خوينا» تعيّن معيدا بالصدفة «والدنيا سهالات» ثم أرسل للخارج كي يتعلم ويطور من تفكيره، وأثناء تواجده هناك تعلمت زوجته اللغة بالممارسة والاحتكاك، وتحصّل لها على شهادة، ولما عادت العائلة بشهاداتها تعيّنت في الجامعة وهي تقول: يخزي العين ما أحلانا.
drbmaz@drbmaz@