محمد الأحمدي

ماذا لو تغير مسار الجائحة؟

الثلاثاء - 08 ديسمبر 2020

Tue - 08 Dec 2020

منذ أن ظهر فيروس كوفيد 19 في ووهان الصينية في ديسمبر الماضي، والعالم يصارع بكل السبل السيطرة على انتشاره، فارضا الاحترازات الوقائية التي غيرت بعض العادات الاجتماعية. فالتلامس والمصافحة أصبحا سمة للجهل بالإجراءات، وعلامة على عدم احترام حق الإنسان في السلامة، وعدم ارتداء الكمامة في الأماكن المغلقة مخالفة تستوجب العقوبة.

وبعد هذه الفترة الطويلة من التعايش مع الوباء العالمي الذي ظهرت أوائل اللقاحات له، مما أعاد التفاؤل في الأوساط البشرية، والثقة في المراكز البحثية العالمية، إلا أنني أعتقد بأن الكارثة لم تبدأ بعد، حتى وإن وصل العالم إلى لقاح ضد الفيروس، رغم تضحياته التي طافت بالعالم على كل الأصعدة.

فبداية التحول الفيروسي وانتقاله إلى الحيوان كفيل بإحداث ضرر بالغ بالحياة البشرية، والقوة الاقتصادية، أكثر فتكا من الضرر الذي حدث باستهداف الفيروس للناس مباشرة. أو على الأقل تغيير عادات غذائية طالما لم يطلها التغيير عبر الأزمنة، فكما فتك بالمصافحة فسيفتك بالأنماط الغذائية إن وصل إلى الحيوانات المعتمد عليها في الغذاء الإنساني. فتقرير خدمة البحث في البرلمان الأوروبي 2020 يعتقد أن 60% من الأمراض المعدية المعلن عنها منشؤها حيواني.

وهنا ثلاثة أنواع من الحيوانات مؤهلة وكفيلة بإحداث أزمة جديدة قد تتسبب في تغيير النمط الغذائي للإنسان كما تغيرت العادات الاجتماعية جراء الجائحة.

فإنفلونزا الطيور أثرت على هولندا عام 2003 بخسارة 30 مليون طائر، وبتكلفة اقتصادية تقدر بأكثر من 150 مليون يورو، حسب المفوضية الأوروبية في 2006. وبخسائر فادحة في موطن نشأته ببعض دول جنوب شرق آسيا تقارب 8 مليارات يورو. وعلى الرغم من تقديم مشاريع تمويلية للأبحاث، واستراتيجيات الوقاية منها التي ساهم الاتحاد الأوروبي حسب المصدر نفسه بمبلغ 1.12 مليون يورو، وقدم 20 مليون يورو لشراء الطيور لتعويض الخسائر، إلا أن تجدد الإصابة في 2020 نذير شؤم.

فالاتحاد الأوروبي من رابع أكبر منتجي لحوم الدواجن عالميا حيث يقدر إنتاجه بنحو 15 مليون طن في 2018 بحسب موقع الاتحاد الأوروبي، يأتي 70% منها من ست دول بتكلفة تقدر بـ 432.6 مليار يورو، بينما تتصدر الولايات المتحدة والبرازيل والصين الدول المنتجة للحوم الدواجن بنسبة 42.4% وفقا لمنظمة الغذاء والزراعة في الأمم المتحدة 2017.

وتأتي أوروبا ثانية بين منتجي البيض في العالم بعد الصين بإنتاج ما يزيد على 7.5 ملايين طن من البيض سنويا من 400 مليون دجاجة في 2018. وفي عام واحد (2013) أنتج نحو 891.4 مليون دجاجة من أكثر من مليوني مزرعة دواجن. إذا في حالة انتقال الفيروس لهذا المصدر الغذائي العالمي سيربك حتما هذا القطاع.

أما عند العودة للأرشيف البريطاني حول تقرير الآثار الاقتصادية والتجارة العالمية المصاحبة لجنون البقر المقدم للبرلمان البريطاني في 2005، فإن 3.7 مليارات جنيه إسترليني هو تقدير التكلفة المتوقعة على خزينة الحكومة حتى نهاية 2002. وقد كلف انهيار تصدير لحوم الأبقار 780 مليون جنيه إسترليني عقب حظر المفوضة الأوروبية تصدير اللحوم من بريطانيا آنذاك.

وفي السياق، فإن استهداف الفيروس الأبقار المنتجة للحليب المتوقع انخفاض أعدادها في أوروبا من 22.8 مليون رأس إلى 21.9 مليونا في 2030 دون كارثة مع طلب متزايد على الحليب مقدر بـ 180.6 مليون طن في 2030 حسب ما ورد في تقرير قطاع الألبان في الاتحاد الأوروبي 2018؛ كفيل بإحداث أزمة كبيرة جدا.

وفي حالة وصول الفيروس المشؤوم إلى الخنازير، التي تحتل الصين - منشأ الوباء - المرتبة الأولى في إنتاج لحومها ثم يليها الاتحاد الأوروبي بما يزيد على 150 مليون رأس، الذي يمثل أكبر فئة من المواشي في الدول الأوروبية متفوقا على الأبقار، فإن الكارثة ستؤلم مستثمري ومستهلكي هذا الحيوان.

بالمناسبة، الدنمارك مصدر تحول كوفيد 19 إلى حيوان المنك تشكل 8.1% من إنتاج لحوم الخنازير في الاتحاد الأوروبي، وتشهد بولندا ظهورا لفيروس إنفلونزا الخنازير في لوبوسكي القريبة من ألمانيا التي تربي نحو 17.8% من الخنازير في الاتحاد الأوروبي.

إذن، هل يختلف مسار الكارثة إذا انتقل الفيروس إلى أي الحيوانات المذكورة؟ وما حجم الضرر الذي سيقع على الإنسان والاقتصاد والتوازن الغذائي والبيئي؟

@alahmadim2010