إردوغان يقود إسطنبول إلى الإفلاس

الرئيس التركي يحارب إمام أوغلو في الخفاء ويراه منافسه الرئيس
الرئيس التركي يحارب إمام أوغلو في الخفاء ويراه منافسه الرئيس

الاثنين - 07 ديسمبر 2020

Mon - 07 Dec 2020

فيما لجأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى سياسة الأرض المحروقة في الحرب التي يخوضها ضد معارضيه بالداخل، وأمر المصارف الرسمية التركية بالتمويل عن بلدية إسطنبول في تصرف يفضح المصالح الشخصية للرئيس، لجأ أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول إلى الأسواق المالية الدولية، مما حدا بالمدينة إلى بيع أول سندات دولية باليورو بوند هذا الأسبوع.

وأثار القرار صدمة كبيرة في الأوساط التركية، ولا سيما أن المدينة تشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتجمع عوائد ضخمة من الضرائب تذهب إلى الحكومة المركزية وتعيد توزيعها، مما يترك المدينة عرضة لضغط الحكومة، وفقا لموقع (24) الإماراتي.

وفسر الكاتبان لورا بيتل وفونجا غولر الإشكالية الكبيرة التي تمر بها تركيا في صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، فأكدا أن إمام أوغلو، الذي يدير أكبر مدينة تركية ويعد الشخصية الأكثر جاذبية في حزب الشعب الجمهوري المعارض، كان راضيا عن الطلب القوي على الإصدار الأول لإسطنبول، والذي جمع 580 مليون دولار لتمويل بناء أربعة خطوط مترو.

وبعد الإصدار الناجح، قال إمام أوغلو للصحيفة البريطانية «لقد كانت تجربة إيجابية بالنسبة إلينا، إننا مسرورون جدا حيال نجاحنا وسط الظروف العالمية الحالية». وأضاف أن المدينة تأمل في العودة إلى الأسواق العالمية العام المقبل، بهدف جمع تمويل استثمارات في المواصلات والمياه، والتخلص من النفايات، وكذلك تعزيز استعدادات المدينة للزلازل التي تقع على فالق أرضي خطير.

الدفع للإفلاس

ورأى الكاتبان أنه سبق للبلدية أن سعت إلى الحصول على موافقة الحكومة لجمع 60 مليون يورو إضافية لتمويل خطي مترو وخط للتراموي، وتخطط لإصدار المزيد من السندات الدولية العام المقبل. وفاز إمام أوغلو (50 سنة) العام الماضي في الانتخابات المحلية، التي أنهت 25 عاما من سيطرة الرئيس رجب طيب إردوغان على المدينة.

وأضافا أن المخاطرة الكبيرة تكمن في العلاقة بين إردوغان وإمام أوغلو وما إذا كان الرئيس التركي يريد دفع إسطنبول إلى الإفلاس. وفي دلالة على الأهمية السياسة والاقتصادية لبلدية المدينة، التي بلغت موازنتها هذه السنة 3.3 مليارات دولار، ضغط إردوغان من أجل إعادة الانتخابات التي جرت في 19 مارس من العام الماضي، والتي فازت فيها المعارضة بفارق ضئيل. وأدت الخطوة إلى مفعول عكسي، عندما حقق إمام أوغلو فوزا ساحقا.

حرب خفية

ويخوض إردوغان حربا ضد إمام أوغلو منذ تسلمه منصبه قبل 18 شهرا، حيث اشتكى الأخير من محاولات متكررة لعرقلة جهوده في إدارة المدينة. وقد رفضت المصارف الرسمية إقراض البلدية المال- وهي خطوة قال عنها رئيس البلدية «إنها لا تزال مستمرة للأسف»، مضيفا «من الواضح أن ذلك قرار سياسي».

وفي مارس من هذه السنة، عمد إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة إلى الإعلان عن حملات لجمع تبرعات لدعم أشخاص تضرروا من وباء كورونا، لكن الحكومة المركزية اعتبرت هذه الخطوة غير قانونية. وقال إمام أوغلو إن 6.5 ملايين ليرة تركية تم جمعها من تبرعات شعبية لا تزال مجمدة في حسابات بمصارف الدولة، و»هذا خطأ يتعين أن يؤنبهم ضميرهم بسببه».

وبحسب إمام أوغلو، فإن مجلس إدارة الرساميل ووزارة الخزانة والمال فاجأتا بعض المستثمرين الأجانب بمنحهم الإذن للبلدية لإصدار سندات دولية لمدة خمسة أعوام، والتي تتضمن عائدا بنسبة 6.6%، و»آمل أن يعني ذلك أن العلاقات تتحسن. إن إعطاءهم الموافقة كان الأمر الصحيح الذي فعلوه، والأمر الطبيعي. نحن ممتنون لهم».

علاقة متوترة

وأشار الكاتبان إلى أن العلاقات مع إردوغان نفسه تبقى متوترة. وإمام إوغلو، الذي تفترض استطلاعات الرأي أنه يشكل خطرا جديا على الرئيس في حال ترشح ضده في الانتخابات الوطنية، هو منتقد صريح لطموح إردوغان شق قناة غرب إسطنبول.

وفتحت وزارة الداخلية في وقت سابق من هذا الشهر تحقيقا بعدما أطلق إمام أوغلو حملة إعلانية ضد المشروع. وبينما يفكر المستثمرون الأجانب فيما إذا كان يجب أن يشاركوا في إصدار السندات الأربعاء، فإن البعض يتساءل ما إذا كان الرئيس يسعى إلى حرمان إسطنبول من المداخيل.

مخاطرة أساسية

وكشف الكاتبان أنه بينما توفر المدينة، التي تشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، عوائد ضخمة من الضرائب، فإن هذه العوائد تجمعها الحكومة المركزية وتعيد توزيعها، مما يترك المدينة عرضة لضغط الحكومة.

وقال أحد الممولين الذي يتخذ لندن مقرا له إن «المخاطرة الأساسية تكمن في علاقة إردوغان-إمام أوغلو، وما إذا كان إردوغان يريد دفع إسطنبول إلى الإفلاس». لكن إمام أوغلو استبعد هذا الاحتمال.