علياء مليباري

الأمان في زمن كورونا I wish to be Saudi

الاحد - 06 ديسمبر 2020

Sun - 06 Dec 2020

بدأت فترة كورونا وأنا في بلاد العم سام بين الاستعداد لإنجاب طفلتي الأولى وتخرجي من مرحلة الدكتوراه، كنت حائرة، لم أفهم ماذا تعني كورونا، وهل هي فعلا بهذه الخطورة؟ حتى جاء ذلك اليوم الذي سمعنا فيه بإيقاف الرحلات في جميع دول العالم، ومنها بلدي. هنا أدركت بأنها فعلا أزمة.. سأنجب طفلتي الأولى دون مقدرة زوجي على الحضور. كيف سيكون تخرجي وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟ فعلا أنجبت وحيدة، ولم يسمحوا في البداية بمرافق خوفا من العدوى، ولكن أتاح الطبيب الأمريكي لأختي الحضور بحجة أنني بحاجة مترجم، ويا ليتهم علموا بأني أترجم لأعوام لديهم، لأنه استشعر وضعي وخوفي وكان بي رحيما. إنجابي لطفلة خديجة وبقاؤها في الحضانة فترة طويلة كان أمرا قاسيا في ظل الكورونا أيضا، كنت أزورها أحيانا دون القدرة على لمسها كي لا أنقل لها العدوى من الخارج. أما تخرجي فقد تأجل للعام القادم ولربما في ذلك خيرة، حتى استخراج الأوراق الثبوتية لابنتي من الجهات الحكومية كان صعبا جدا بسبب إغلاق كل شيء، بينما استخراج تذكرة عبور سعودية لها استغرق يومين فقط.

كان هذا حالي كمغتربة في الخارج وحولي كثير من القصص والخوف المحيط بنا والأصعب كيف نعود لبلدنا.

كمبتعثين.. كنا ملتزمين في بيوتنا ونتابع دراستنا عن بعد، ولكن بسبب وجودنا المحصور في المنازل وحالة الهلع التي تطال المجتمع من حولنا وتقريبا خلو أغلب المتاجر من البضائع لفترة من الزمان، وارتفاع معدلات الجرائم والسرقات وعدم توفر الفحوصات في كل مكان وعدم التزام جميع الأشخاص بالأقنعة، وحتى المستشفيات قد لا تستقبل من تشك بإصابتهم؛ ازداد خوفنا، وعن نفسي مع ارتفاع الحالات في أمريكا كنت أصبر نفسي وإخوتي وأصدقائي بقولي: سألتزم بالعزلة وأحافظ على أرواحنا وألتزم بكل تعليمات سفارتنا وولايتي حتى تمر الأزمة، وموقنة بأننا سنعود قريبا حسب خطة بلدنا لحضن الأرض التي رعتنا ونحن خارجها.

بدأت رحلات الإجلاء وقررت العودة بابنتي بعد عدة أشهر وترك إخوتي خلفي، إذ لم ينهوا دراستهم بعد، وانقسم قلبي مرة أخرى بين هنا وهناك. عدت ووجدت الفرق الهائل في ظل الأزمة، بلدنا تسخر لنا الطائرات لتعيدنا من جميع دول العالم ونعم الجميع ملتزم بالكمامات وجميع المتاجر ممتلئة والفحص متوفر بدون مقابل للجميع في كل مكان. عدت وأحسست أن الأمان في بلدنا لم يأت من فراغ، بل من حب وتكاتف وعمل جماعي.

نعم فقدنا في عوائلنا بعض الأحبة بسبب هذه الجائحة، ولكن وجدت عناية واهتماما في كل مكان وكل جهة، فقط لأن هذه الأزمة أظهرت حقيقة الأوطان والإخلاص للوطن، وذلك أهم من كل نواحي التقدم الأخرى، فلا يوجد أهم من الإنسان ولا يوجد أعظم من وطن وحكومة قدمت الإنسان قبل المال والممتلكات.

أصبحت أتحدث مع أصدقائي الأجانب عما قدمه بلدنا في هذه الفترة، وسط انبهارهم وقولهم لي منذ عرفنا بلدك وقلوبنا تردد "I wish to be Saudi"

الحمد لله دوما وأبدا على نعمة الأمن والأمان، وأسأل الله أن تمر هذه الغمة ونحن وأنتم هنا وهناك في أحسن حال.