فهد المرسال

متأخر عشر دقائق!

الأحد - 06 ديسمبر 2020

Sun - 06 Dec 2020

في مساء نوفمبري رائق دخل صديقي مكتبي بلا موعد مسبق وفي الحقيقة لا يحتاج الأصدقاء لأذونات مسبقة لزيارة بعضهم، أحضرت له القهوة وقلت هات ما عندك فنظراتك تشي بأن لديك ما تقوله. ابتسم ابتسامة هادئة وقال: لا جديد، هي مشكلتي التي لا أجد لها حلا، لم يتبق كتاب أو صديق إلا وطرقت بابه ليساعدني بالعثور على حل مناسب يريحني، قلت وأنا أمد له الفنجان الثاني، والهواء الآتي من النافذة يغازل جديلة الستارة: وما هي مشكلتك العصية على الحلول؟ أسهب في نظراته بعيدا وقال مشكلتي أنني متأخر عشر دقائق دائما في يومي وحياتي بشكل أوسع، وكل نضالي يتمحور حول القبض على الوقت المناسب والتربع على عرشه!

تعجبت، وأكمل وهو يشعل سيجارته: أنا أبدأ يومي متأخرا عن العمل عشر دقائق، ويخنق يومي ذلك، وأذهب لمقر عملي كومة خجل، وعاصفة تجلد ذاتي على خطيئة تأخري، والعزاء دائما بأنني غدا لن أفعلها، وبكل ألم أفعلها غدا وأستيقظ متأخرا تلك العشر دقائق اللعينة! قلت مشكلتك اسمح لي بأنها تافهة ولا تستحق كل ذلك الوجل فإحضارك لساعة "خراشية" قادرة على إيقاظ سكان المريخ إذا أردت!

قال: لا أنت لم تفهمني مثل الآخرين، أكمل بتفاعل حتى لو استيقظت مبكرا سأتأخر تلك العشر دقائق، الأشياء تتآمر علي يا صديقي حتى إشارات المرور! أنا متأخر دائما على نطاق أوسع مثلا كثيرا ما تقال لي كلمة "لو سبقت عشر دقائق لحصلت على ما تريد" أتدري يا صديقي أيضا في المواقف التي تتطلب أن تتحدث رجولتي تجدني متأخرا ولا أحضر في الوقت المفترض بي أن أعلن عن نفسي فيه! وذلك يؤلمني بشدة، حلمت ذات يوم بأنني عالجت مشكلتي وتقدمت عن التوقيت الحالي عشر دقائق أوه يا لفرط سعادتي تخيلت أنني دائما أسبق الآخرين والعالم والعمل والمواقف الحياتية بخطوة لأكون دائما حاضرا في الوقت المناسب قلت: هل تقصد بأنك لست مبادرا؟

قال: أنت تقوم بتلطيف المشكلة فقط، تخيل حتى في الصلاة كلما دخلت إلى رحاب المسجد للصلاة أدخل والإمام يلتفت يمينا ويسارا منهيا الصلاة! قلت إذا الوقت هو خصمك ومشكلتك فقط؟ أجاب وهو يرى الساعة المعلقة على حائط أمامه بفزع، وقال: شاهد تأخرت عن موعد لي مع العائلة! غادر وأنا أقوله له في الصدى: كل ما في الأمر أنك فوضوي نبيل يا صديقي!