عبدالله محمد الشهراني

فكّر في المطار

الأربعاء - 02 ديسمبر 2020

Wed - 02 Dec 2020

في عام 2017 وأنا في مهمة عمل خارج البلاد، أتذكر أنني كنت أتابع التغطية المباشرة لجوائز سكاي تراكس العالمية المتعلقة بالطيران.

كنت أتابع ذلك الحدث المهم مع مجموعة من الأصدقاء الذين يعملون في المجال نفسه الطيران، وكان إلى جواري صديق من هولندا يعمل في شركة KLM.

أُعلن عن الفائزين بالجوائز فيما يخص شركات الطيران، وعندما اقترب الإعلان عن جائزة أفضل مطار في العالم، همس جاري في أذني قائلا «تراهنني أن الفائز هو مطار سنغافورة (شانغي)»؟ التفت إليه و(شمّقت.. وأخذته من فوق لتحت ومن تحت لفوق)، وبدأت أبحث عن ترجمة لكلمة (لا يا شيخ!) أو (بالله!!؟.. في ذمتك !!؟).

هذا الحوار السابق - بين سعودي وهولندي - هو دليل على نجاح دولة سنغافورة في جعل ذلك المطار علامة فارقة في العالم ورمزا لا يمكن إغفاله أو تجاوزه فضلا عن منافسته والتفوق عليه. مطار وضعت فيه كل الأفكار الإبداعية الممكنة ونفذت بدقة وجودة عالية، مطار استثمر فيه بسخاء، إلى جانب إدارة وضعت على قمة أهدافها أن يكون ذلك المعلم أيقونة تفخر بها الدولة، ومزارا يقصده المسافرون دون الحاجة لدخول الدولة. أعرف صديقا من محبي السياحة والسفر وضع في خطة إحدى سفراته التوقف في مطار شانغي في سنغافورة رغم وجود رحلة مباشرة للمدينة التي يقصدها، وكل ما دفعه إلى ذلك هو جمال المطار وسمعته العالية.

بوابات الدول هي المطارات، تماما كمداخل البيوت وصالات (اللوبي) الفنادق. والمطار ليس مساحة ولا بوابات وبرسلان فاخر فحسب، بل قصة تأخذك بكل فصولها من باب الطائرة إلى مواقف السيارات. المطار هو العرض (البرزنتسشن) الذي تقدمه الدولة للزائر ويحتوي على شرائح (سلايدات) بعضها يحكي قصة الدولة وتاريخها وبعضها تتحدث عن الحاضر و (سلايدات) أخرى يُفهم منها إلى أين تتجه هذه الدولة وكيف هو شكل مستقبلها. من المطار يقاس السلوك ومن المطار يظهر الترحاب وكرم الضيافة.

لكي يشعر المستثمر بالتفاؤل ولكي تزرع في داخله الثقة.. فكّر في المطار. وإذا أردت أن تجعل السائح منجذبا إلى دولتك ومسوقا لبرامجك السياحية وجالبا لسياح آخرين.. ففكّر في المطار. وإذا كنت تريد أن تصنع صورة قوية عن الوطن تبنى في ذهن مسافر يقضي ساعات (ترانزيت) في بلدك.. ففكّر في المطار.

@ALSHAHRANI_1400