اكتشاف الضياء من عمق الظلمة!
الثلاثاء - 12 يوليو 2016
Tue - 12 Jul 2016
كم نفتقد نحن المبصرين لكثير من المعاني، التي نتركها تمر من حولنا برماديتها، ودون أن نستشف ما فيها من ضياء، ودون أن نستشعر قيمة النعم والأشياء، التي وهبنا الله فنصبح آخر من يدري ويكترث.
وفي كتاب مترجم للكاتبة الأمريكية الكفيفة الصماء (هلين كيلر)، (1880 - 1968م)، طرحت فيه سؤالا من العمق بحيث إنه قادر على تحريك عقل ومشاعر كل من يطلع عليه، حتى ولو كان من المبصرين الناطقين.
والكتاب عنوانه (لو أبصرت ثلاثة أيام)، وتلك أمنية عظيمة عند من يعيش في مثل حالها، حتى وإن استهنا نحن بذلك.
لقد قسمت جوابها لثلاثة أقسام عنونتها بترتيب الأيام الثلاثة.
ففي اليوم الأول: قررت أنها في حال تحققه ستقضي كل لحظاته تتمعن في ملامح وجوه وأعين من تحبهم ويحبونها، بداية من عيني مرافقتها (آن سوليفان)، التي تفانت في خدمتها وتعليمها وتدريبها ورعايتها، وخوض مختلف تجارب النجاح معها، فكانت بديل عينها وسمعها ونبضها.
ومرورا بأعين أهلها ومحبيها وأصدقائها، ممن لا تتعرف على ملامحهم إلا بتلمس قسمات وجوههم، وملامسة شفاههم لفهم كلامهم، ونهاية بالتمعن في أعين كلابها الوفية، التي كانت لها نور هدى وإخلاص أينما وجهت.
في اليوم الثاني: قررت أن تنعم بالشروق وبالطبيعة والأرض والنباتات والمخلوقات من حولها، وأن تزور متاحف الطبيعة، ومعارض الفن والإبداع الإنساني، وأن تنعم بالموسيقى والشعر والرقص والغناء، وسائر المعارف والفنون، التي ابتدعها الإنسان ليزيد من جمال الكون من حولنا، ولم تنس في نهاية اليوم المتعة بسحر منظر الغروب، ومراقبة السحاب والنجوم.
في اليوم الثالث: قررت بأنها ستستمتع وتتمعن بطلوع الشمس مجددا، وأنها ستحتضن هدوء الطبيعة وتتلمس عظمة الإنسان فتكتشف بعينيها حياته في الظروف المختلفة، وصناعاته وحرفه ومجتمعاته وعاداته، وتختم يومها بمراجعة سريعة لكل ما تم في اليومين الماضيين.
كان هذا حالها كفاقدة لا تمتلك إلا الأمنيات، فتجعلها نهج استمتاع تسير عليه، وتذكرنا بما نحن كمبصرين متكاسلين عنه، فلا نتفكر، ولا نتمتع بمعطيات الكون بإخلاص وحميمية كما تفعل هي، حيث إنها تعرف أنها فرصتها الوحيدة، والتي إن فاتت عليها، فلن تعود لها بسهولة حتى تعتادها وتهملها مثل ما نفعل نحن.
وفي ختام الكتاب الجميل قدمت نصائح غالية لمن يمتلكون كل الحواس ويهملون في استخدامها بعقل ومشاعر، فيعبرون خلال روتينية حياتهم لا يعترفون، ولا يستزيدون، ولا يسعدون ولا يسعدون من يحبهم، وخصوصا محبي الموت، وكارهي الحياة.
أولئك الذين يجهلون حتى ألوان أعين محبيهم، ويجهلون حقيقة ملامحهم، وتقلب مشاعرهم وميولهم، ويمرون من ممرات الدنيا وهم في رعب من الموت، وإهمال لجمال وعظمة ما وهبنا الله من حياة وجمال وعلوم وفنون ومشاعر ومتعة.
فعلا إنها ثلاثة أيام قصيرة الوقت، ولكنها حياة بأكملها عند من يعرف كيف يحياها، وكم نحن في عصرنا هذا السريع المريع التقني المتسارع العنيف أحوج من كل وقت لرؤية الضياء ولو لثلاثة أيام بصيرة.
تمعن في وجه أبيك وزوجتك وأمك وأخيك وأختك وصديقك وجارك، انظر لمبهجات حياتك، وتذكر أن المنظر الطبيعي والصناعي الجميل لا يدوم بنفس مشاعره، إلا في الذاكرة، التي جمدناها بالإهمال.
[email protected]
وفي كتاب مترجم للكاتبة الأمريكية الكفيفة الصماء (هلين كيلر)، (1880 - 1968م)، طرحت فيه سؤالا من العمق بحيث إنه قادر على تحريك عقل ومشاعر كل من يطلع عليه، حتى ولو كان من المبصرين الناطقين.
والكتاب عنوانه (لو أبصرت ثلاثة أيام)، وتلك أمنية عظيمة عند من يعيش في مثل حالها، حتى وإن استهنا نحن بذلك.
لقد قسمت جوابها لثلاثة أقسام عنونتها بترتيب الأيام الثلاثة.
ففي اليوم الأول: قررت أنها في حال تحققه ستقضي كل لحظاته تتمعن في ملامح وجوه وأعين من تحبهم ويحبونها، بداية من عيني مرافقتها (آن سوليفان)، التي تفانت في خدمتها وتعليمها وتدريبها ورعايتها، وخوض مختلف تجارب النجاح معها، فكانت بديل عينها وسمعها ونبضها.
ومرورا بأعين أهلها ومحبيها وأصدقائها، ممن لا تتعرف على ملامحهم إلا بتلمس قسمات وجوههم، وملامسة شفاههم لفهم كلامهم، ونهاية بالتمعن في أعين كلابها الوفية، التي كانت لها نور هدى وإخلاص أينما وجهت.
في اليوم الثاني: قررت أن تنعم بالشروق وبالطبيعة والأرض والنباتات والمخلوقات من حولها، وأن تزور متاحف الطبيعة، ومعارض الفن والإبداع الإنساني، وأن تنعم بالموسيقى والشعر والرقص والغناء، وسائر المعارف والفنون، التي ابتدعها الإنسان ليزيد من جمال الكون من حولنا، ولم تنس في نهاية اليوم المتعة بسحر منظر الغروب، ومراقبة السحاب والنجوم.
في اليوم الثالث: قررت بأنها ستستمتع وتتمعن بطلوع الشمس مجددا، وأنها ستحتضن هدوء الطبيعة وتتلمس عظمة الإنسان فتكتشف بعينيها حياته في الظروف المختلفة، وصناعاته وحرفه ومجتمعاته وعاداته، وتختم يومها بمراجعة سريعة لكل ما تم في اليومين الماضيين.
كان هذا حالها كفاقدة لا تمتلك إلا الأمنيات، فتجعلها نهج استمتاع تسير عليه، وتذكرنا بما نحن كمبصرين متكاسلين عنه، فلا نتفكر، ولا نتمتع بمعطيات الكون بإخلاص وحميمية كما تفعل هي، حيث إنها تعرف أنها فرصتها الوحيدة، والتي إن فاتت عليها، فلن تعود لها بسهولة حتى تعتادها وتهملها مثل ما نفعل نحن.
وفي ختام الكتاب الجميل قدمت نصائح غالية لمن يمتلكون كل الحواس ويهملون في استخدامها بعقل ومشاعر، فيعبرون خلال روتينية حياتهم لا يعترفون، ولا يستزيدون، ولا يسعدون ولا يسعدون من يحبهم، وخصوصا محبي الموت، وكارهي الحياة.
أولئك الذين يجهلون حتى ألوان أعين محبيهم، ويجهلون حقيقة ملامحهم، وتقلب مشاعرهم وميولهم، ويمرون من ممرات الدنيا وهم في رعب من الموت، وإهمال لجمال وعظمة ما وهبنا الله من حياة وجمال وعلوم وفنون ومشاعر ومتعة.
فعلا إنها ثلاثة أيام قصيرة الوقت، ولكنها حياة بأكملها عند من يعرف كيف يحياها، وكم نحن في عصرنا هذا السريع المريع التقني المتسارع العنيف أحوج من كل وقت لرؤية الضياء ولو لثلاثة أيام بصيرة.
تمعن في وجه أبيك وزوجتك وأمك وأخيك وأختك وصديقك وجارك، انظر لمبهجات حياتك، وتذكر أن المنظر الطبيعي والصناعي الجميل لا يدوم بنفس مشاعره، إلا في الذاكرة، التي جمدناها بالإهمال.
[email protected]