تجويد تعامل الممارسين الصحيين!
الثلاثاء - 01 ديسمبر 2020
Tue - 01 Dec 2020
أتذكر عام 1410هـ، وأنا في الخامسة عشرة تقريبا، مشهد الدماء تنضخ من رقبة أحد الشباب وهو ملقى في حوض سيارة وانيت، أمام باب طوارئ (مستشفى أضم العام) جراء حادث مروري، فهرع العاملون والمراجعون إلى الخارج يشاهدون اللحظة المأساوية، وكان تردد الكادر الصحي واضحا في إنزال الشاب المضرج إلى النقالة، فانبرى منهم شاب أشقر بملامح أوروبية يدعى (كوفي) فأمسك بالشاب من تحت إبطيه وتناوله من قريبه الواقف في حوض السيارة، فكانت الدماء تبلل وجه كوفي وملابسه الطبية حتى وضعه بمساعدة آخرين على النقالة، وأنقذوا حياة الشاب بعون الله.
تلك اللحظة لم تمّحِ من مخيلتي، وظل إكباري لكوفي ملازما لي، وسيبقى المثال الأول عبر كل مشاهداتي، فإلى هذا اليوم ـ مع يقيني بوجودهم ـ لم أرَ متفانيا في أداء واجبه الإنساني كذلك الشاب، وكلما مررت بمنشأة صحية ورأيت ممارسات بعض الكوادر الصحية تذكرت مثالي، وقلت عليك السلام يا كوفي!
المنشآت الصحية يرتادها المرضى والمتألمون، بعضهم تخفف عنه لمسة أو كلمة إنسانية حانية، والمؤسف أنها تحتجب أحيانا خلف غيوم متنوعة تلبد سماوات بعض الممارسين الصحيين، فذاك بطبيعته جامد قليل الكلام، وتلك حييّة، وهذا متأفف من كثرة العمل والمراجعين، وهذه لا مبالية، وآخر عصبي متوتر بطبيعته، وتلك متوجسة، وغيرها من الأمور التي تخلِف تعاملات الممارسين الصحيين أطباء وممرضين، ما يجعل المريض المسكين بالكاد يستطيع الشكوى أحيانا حتى لا يؤثر بحديثه على مستوى العناية.
ليس غريبا أن ترى نماذج مميزة جدا (أطباء وممرضين واختصاصيين وفنيين) ذكورا وإناثا، مواطنين ومقيمين، يقدمون راحة المريض ويسهرون عليها (بكل ما تعنيه الكلمة) لكن هذه الأمثلة تتناقص أحيانا أو تندر في بعض المنشآت، فتصطدم بكوادر تتمنى لو بقيت في منزلك وتحملت الألم على أن تقابلهم، وربما تشعر برغبة حقيقية في الاعتذار إلى بعضهم أنك مرضت، وأنك فاجأته بالقدوم إلى المنشأة الصحية، وكأنك قد قطعت عليه متعة لن تعود، وكلفته من أمره عُسرا!
كأي مواطن سعودي أتمنى أن تكون كل كوادر المنشآت الصحية من المواطنين، لكن بعض النماذج تجعلني أراجع تلك الأمنية، حين أقارن في بعض المنشآت بين الكادر الشرق آسيوي في خفتهم وديناميكيتهم وتعاملهم، والرتم الذي يتحرك به ويتعامل بعض أبناء الوطن، ما يجعلك تتعجب وتود أن تقول له: أنا على ثقة أنهم درسوك فنون التعامل بإنسانية، واحتواء انفعالات المرضى والمتألمين، ونزق بعض مرافقيهم الخائفين.
إن مراقبة جودة تعامل الكوادر الصحية تقع على عاتق وزارة الصحة وإدارات المنشآت الصحية، ومع ثقتي باهتمامهم وجهودهم، لكنني أدعو إلى مضاعفتها، وضرورة العناية بتجويد التعامل مع المرضى، واتخاذ إجراءات مشددة صارمة بحق متجاوزي قواعد تلك الجودة، ومكافأة المميزين، وفي رأيي أن تطبيق شعار (المريض دائما على حق) اقتداء بتطبيق المؤسسات الخاصة شعار (العميل دائما على حق) من أهم بنود تجويد التعاملات، فيكفي المريض أنه محتاج إلى العناية والرعاية على أن نزيد مكابدته بمن يستفزه ويراكم فوق ألمه غيظا وخيبة أمل.
ahmad_helali@
تلك اللحظة لم تمّحِ من مخيلتي، وظل إكباري لكوفي ملازما لي، وسيبقى المثال الأول عبر كل مشاهداتي، فإلى هذا اليوم ـ مع يقيني بوجودهم ـ لم أرَ متفانيا في أداء واجبه الإنساني كذلك الشاب، وكلما مررت بمنشأة صحية ورأيت ممارسات بعض الكوادر الصحية تذكرت مثالي، وقلت عليك السلام يا كوفي!
المنشآت الصحية يرتادها المرضى والمتألمون، بعضهم تخفف عنه لمسة أو كلمة إنسانية حانية، والمؤسف أنها تحتجب أحيانا خلف غيوم متنوعة تلبد سماوات بعض الممارسين الصحيين، فذاك بطبيعته جامد قليل الكلام، وتلك حييّة، وهذا متأفف من كثرة العمل والمراجعين، وهذه لا مبالية، وآخر عصبي متوتر بطبيعته، وتلك متوجسة، وغيرها من الأمور التي تخلِف تعاملات الممارسين الصحيين أطباء وممرضين، ما يجعل المريض المسكين بالكاد يستطيع الشكوى أحيانا حتى لا يؤثر بحديثه على مستوى العناية.
ليس غريبا أن ترى نماذج مميزة جدا (أطباء وممرضين واختصاصيين وفنيين) ذكورا وإناثا، مواطنين ومقيمين، يقدمون راحة المريض ويسهرون عليها (بكل ما تعنيه الكلمة) لكن هذه الأمثلة تتناقص أحيانا أو تندر في بعض المنشآت، فتصطدم بكوادر تتمنى لو بقيت في منزلك وتحملت الألم على أن تقابلهم، وربما تشعر برغبة حقيقية في الاعتذار إلى بعضهم أنك مرضت، وأنك فاجأته بالقدوم إلى المنشأة الصحية، وكأنك قد قطعت عليه متعة لن تعود، وكلفته من أمره عُسرا!
كأي مواطن سعودي أتمنى أن تكون كل كوادر المنشآت الصحية من المواطنين، لكن بعض النماذج تجعلني أراجع تلك الأمنية، حين أقارن في بعض المنشآت بين الكادر الشرق آسيوي في خفتهم وديناميكيتهم وتعاملهم، والرتم الذي يتحرك به ويتعامل بعض أبناء الوطن، ما يجعلك تتعجب وتود أن تقول له: أنا على ثقة أنهم درسوك فنون التعامل بإنسانية، واحتواء انفعالات المرضى والمتألمين، ونزق بعض مرافقيهم الخائفين.
إن مراقبة جودة تعامل الكوادر الصحية تقع على عاتق وزارة الصحة وإدارات المنشآت الصحية، ومع ثقتي باهتمامهم وجهودهم، لكنني أدعو إلى مضاعفتها، وضرورة العناية بتجويد التعامل مع المرضى، واتخاذ إجراءات مشددة صارمة بحق متجاوزي قواعد تلك الجودة، ومكافأة المميزين، وفي رأيي أن تطبيق شعار (المريض دائما على حق) اقتداء بتطبيق المؤسسات الخاصة شعار (العميل دائما على حق) من أهم بنود تجويد التعاملات، فيكفي المريض أنه محتاج إلى العناية والرعاية على أن نزيد مكابدته بمن يستفزه ويراكم فوق ألمه غيظا وخيبة أمل.
ahmad_helali@