شاهر النهاري

اتركوا المتعسر للسعودية

الجمعة - 20 نوفمبر 2020

Fri - 20 Nov 2020

هذا العنوان يعتبر ملخصا سريعا لمجريات قمة الدورة الحالية لأعظم تجمع عالمي للدول العشرين الأعظم اقتصادا على وجه الأرض، في دورته الحالية 2020م.

كل الدورات السابقة كانت تحصل في ظروف طبيعية، وكم سيذكر التاريخ هذه الدورة الاستثنائية، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، ضمن تحديات جائحة عالمية لم يسبق لها مثيل، فكأن العالم يُجمِع على أن السعودية هي الأقدر على حل العُقد المتعسرة، والتعامل مع المستحيل بكل قدرة وتمكن وحلول عصرية لم يسبق أن طبقت دوليا.

وهذا الاجتماع هو الخامس عشر لمجموعة العشرين (G20)، والمنعقدة قمته يومي 21-22 نوفمبر 2020م، في مدينة الرياض السعودية، وهي أول قمة لمجموعة العشرين تستضيفها السعودية، وثاني قمة تستضيفها منطقة الشرق الأوسط، وأول قمة تستضيفها دولة عربية.

وقد تسلمت السعودية رئاسة القمة في الأول من ديسمبر 2019م، في مدينة أوساكا اليابانية، حيث صرح حينها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بأن المملكة وبكل ثقة وسعادة تلتزم خلال رئاستها للمجموعة بمواصلة العمل الدؤوب، الذي انطلق من أوساكا مع تعزيز التوافق العالمي، والتعاون مع شركاء المجموعة للتصدي لتحديات المستقبل.

كل ذلك حدث قبل أن تنطلق عدوى فيروس كوفيد - 19 من مدينة يوهان الصينية، وتنتشر حول العالم وتحدث إصابات بالملايين، وقتلى، ما أدى إلى تغييرات في النظام الصحي، وتعطل جميع وسائل المواصلات بين الدول، وبلوغ مرحلة جائحة عالمية بتاريخ 11 مارس 2019م، واستمرارها حتى يومنا.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم، فكان القرار السعودي بالمضي قدما، وكأن شيئا لم يكن.

وقد اختارت المملكة لهذه الدورة عنوان «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع». والجميع هنا يقصد بها البشرية جمعاء بدولها المتقدمة والنامية والمتأخرة، ودولها الغنية، والفقيرة على السواء، والقمة تسعى لحل مخاطر عالمية عظمى على غرار التغير المناخي، والتطورات الديموغرافية ومعدلات الولادات المنخفضة، وارتفاع متوسط العمر المتوقع، وشيخوخة المجتمعات.

وقد شملتها الدورة في ثلاثة محاور رئيسة:

1. تمكين الإنسان.

2. الحفاظ على كوكب الأرض.

3. صنع آفاق جديدة للبشرية.

وفي بدايات التنظيم للدورة قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بافتتاح أعمال المجموعة، وإلقاء كلمة بتاريخ 26/3/2020م، ولأول مرة في تاريخ القمة عن البعد، وفي حضور جميع المشاركين، وبترتيبات نقل الكتروني نفذته عقول وأياد تقنية سعودية خالصة.

كما تم الترتيب قبل انعقاد القمة النهائي لأكثر من 100 اجتماع ومؤتمر، تشتمل على اجتماعات وزارية، واجتماعات متخصصة لمسؤولين رسميين واجتماعات ممثلي مجموعات التواصل: مجموعة الأعمال (B20)، مجموعة الشباب (Y20)، مجموعة العمال (L20)، مجموعة الفكر (T20)، مجموعة المجتمع المدني (C20)، مجموعة المرأة (W20)، مجموعة العلوم (S20)، مجموعة المجتمع الحضري (U20)، كما أضافت لها السعودية مجموعة جديدة، هي: (قادة اقتصاد الفضاء 20)، التي تظل تنظر للأبعد، حيث تناقش قادتها في الاستثمار المستقبلي عبر استخراج المعادن من مناجم الفضاء الخارجي.

كما استضافت السعودية من خارج المجموعة قادة كل من: الأردن والإمارات والسنغال وإسبانيا وسنغافورة وسويسرا وفيتنام.

وكان شعار الدورة G20 قد صمم من حرفة قديمة اشتهرت بها بوادي وقرى السعودية، من مادة الصوف، والتي يطلق عليها السدو، وبخطوط بديعة ونقوش هندسية تجمع بين الفن والأصالة.

ومما لا شك فيه أن السعودية كانت تتمنى أن يتم هذا الكرنفال الاحتفالي في أجواء طبيعية، وأن يتمكن قادة المجموعة ومرافقوهم من زيارة الوطن السعودي، والاطلاع على تراثه الأخاذ وتاريخه العريق وحاضره الملهم، على اعتبار أن أهداف القمة تتناسب مع الرؤية السعودية، بما فيها من تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، والتنمية المستدامة، ومحاربة الفساد، وتمكين المرأة، وتعزيز رأس المال البشري، وزيادة تدفق التجارة والاستثمار.

وباعتبار أن كوفيد - 19 أزمة عالمية، فقد أقرت دول مجموعة العشرين في دورتها الحالية التزامات بأكثر من 21 مليار دولار أمريكي، بهدف دعم إنتاج الأدوات التشخيصية والعلاجية واللقاحات، وتوزيعها، كما ضخت أكثر من 11 تريليون دولار أمريكي لحماية الاقتصاد العالمي، ووفّرت أكثر من 14 مليار دولار أمريكي لتخفيف أعباء الديون في الدول الأقل تقدما لتمويل أنظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية.

وهكذا، فقد اكتسبت المملكة العربية السعودية ثقة عالمية جديدة بالقدرة على تبديد الصعب، قدرة تحكيها الحقائق على وجه الأرض، ويحتضنها الشعب السعودي، الذي لا تعوقه الحدود ولا الإمكانات، وكل ذلك مزامنة مع ما أظهرته الحكومة السعودية، وأعجب به وأكده قادة دول المجموعة وشعوبهم من على البعد.

shaheralnahari@