عبدالله العولقي

الحالة السياسية الأمريكية

الأربعاء - 18 نوفمبر 2020

Wed - 18 Nov 2020

الأجواء السياسية المتوترة اليوم على الساحة الأمريكية تعيد إلى ميدان الصحافة والإعلام أحد أهم الأسئلة العامة حول طبيعة الحالة السياسية الأمريكية، ولا سيما بعد اقتراب وصول جوزيف بايدن إلى سدة البيت الأبيض، فقد تباينت الآراء واختلفت كثيرا حول طبيعة مهام الرئيس الأمريكي ومدى سلطته ونفوذه في اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة.

يعتقد بعض المحللين السياسيين أن الرئيس الأمريكي مجرد موظف في البيت الأبيض، ولا يتمتع بأي سلطة نفوذية حقيقية، سوى هامش ضئيل من حرية الإرادة والقرار، وأن السلطة المطلقة في جوهرها تعود إلى المؤسسات العملاقة التي تدير حكم واشنطن كالكونجرس والاستخبارات ومكاتب البنتاغون، إضافة إلى سلطة الإعلام التي رأينا أثرها الواضح عندما تكالبت على الرئيس الحالي دونالد ترمب حتى أطاحت به، وأخيرا يأتي دور الشركات الصناعية الكبرى كشركات السلاح والاتصالات، وهذا ما قد يفسر سلوك شركة فايزر الدوائية وتأخرها عن الإعلان عن اكتشاف لقاح لكورونا إلى ما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية، لأن هذا الاكتشاف التاريخي قد يغير مجرى الانتخابات لصالح الرئيس ترمب، وهنا تظهر قدرة الشركات الصناعية وأثرها على الحالة السياسية الأمريكية.

أنصار هذا الرأي يؤكدون أن الولايات المتحدة في منظومتها العامة هي دولة مؤسسات عميقة، وأن الرئيس الأمريكي، سواء كان ديمقراطيا أم جمهوريا، يظل على كرسيه البيضاوي فترة رئاسته الرسمية ثم يغادر البيت الأبيض وهو لا يدرك أو يلم بكافة تفاصيل الحالة السياسية الأمريكية، نظرا لتعقيداتها العميقة وتشابك مؤسساتها العملاقة، فتظل مهامه الرسمية مجرد أجندة وظيفية تنفيذية للملفات المطروحة مسبقا على مكتبه الرئاسي.

أصحاب الرأي الآخر، يرون وظيفة الرئيس الأمريكي من زاوية معاكسة تماما، وأن لديه كافة الصلاحيات الرئاسية وله حق التفرد بالقرار السيادي، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، من أنه يمتلك قرار إعلان الحرب، فكما يقول الأستاذ أحمد المسلماني هو المالك للحصة الأكبر من السلطة السيادية، فلا يمكن التعامل مع البيت الأبيض أو الولايات المتحدة من دون الرئيس، فهو صاحب القرار السياسي الأوحد لواشنطن.

ويستدلون بأحداث سبتمبر 2001م عندما أعلن الرئيس جورج بوش الابن قرار الحرب على أفغانستان والعراق دون الرجوع لأي منظومة أخرى سوى المؤيدين له في المؤسسة العسكرية، ضاربا بكل أصوات المعارضة من المؤسسات الأخرى عرض الحائط، والأمر نفسه يقال عن الرئيس هاري ترومان عام 1945، عندما أصر بغطرسة القائد على إلقاء أول قنبلة نووية في التاريخ على اليابان دون الالتفات لأي مؤسسة أمريكية معارضة لهذه الجريمة الإنسانية!

أخيرا، الحالة السياسية الأمريكية حالة معقدة لدرجة يمكننا القول إنها دولة عميقة بمؤسساتها الضخمة، هذه المؤسسات لديها السلطة والنفوذ في الحالة السياسية الأمريكية، كما يمكننا القول أيضا إن لرؤساء البيت الأبيض شخصياتهم الإدارية المتباينة بعضها عن بعض، ولدى أي رئيس بصمته التاريخية في حكمه وقراراته وإدارته.

@albakry1814