عبدالإله حكيم

«لا والله.. هو يمكن ما يبغى قسم السياحة والفندقة!»

الأربعاء - 18 نوفمبر 2020

Wed - 18 Nov 2020

مع الأسف ما زلنا نعاني من التحدي الأزلي؛ النظرة الدونية لقطاعات الخدمة. في موقف طريف لي مع شخص مقرب جدا إلى قلبي، سألني عن رأيي ومشورتي بخصوص قريبه الذي لم تنجح طلبات قبوله لدى الجامعات، فسألني: «إيش عندكم تخصصات في الكلية التقنية غير السياحة والفندقة؟»، فأجبته الجواب الكافي والوافي غير المتحيز بإذن الله لقسمي قسم السياحة والفندقة، مع أني محاضر/مدرب بالكلية وخريج بدرجة الماجستير في السياحة والضيافة. وأتبعت كلامي بـ «بما إني جاوبتك على سؤالك! تسمح لي أدافع عن تخصصنا، وليش أو إيش معنى: غير السياحة والفندقة؟»، أجابني بـ «لا والله.. هو يمكن ما يبغى قسم السياحة والفندقة!». لم يعلم بأني أشرفت على هذا القريب عند تقديمه للجامعات وبالمصادفة السياحة كانت من ضمن رغباته، انتهى!

ما يستفاد من القصة.

عندما تسعى دولتنا الحبيبة أدام الله خيرها وأمنها وأمانها جاهدة لسعودة قطاع كامل كالسياحة، وجعله توجها من توجهات وأهداف ورؤية 2030 للتنمية والتطوير على الصعيدين المحلي والدولي، وإنشاء مبادرات كبرى لأجل ذلك، ماذا نفعل في المقابل؟ مثال جميل جدا على كبرى المبادرات استراتيجية وزارة السياحة والمسماة بأهلها، وهي (الاستراتيجية الوطنية لتنمية القدرات وتطوير الكفاءات السياحية في المملكة)، التي تهدف إلى إنشاء وإعداد كوادر وطنية مؤهلة بأعلى المعايير العالمية تحت لسم (برامج تنمية رأس المال البشري السياحي)، الذي يحتوي على ما لا يقل عن 15حزمة من البرامج المميزة لدعم ولإحداث نقلة نوعية في جانب قطاع السياحة، مما يعكس صورة جميلة متفانية من الإحسان عن الشغف والطموح المتعلق بنمو قطاع السياحة. مع التشديد والتركيز على إثراء تجربة السائح والحفاوة السعودية بما يليق بغاليتنا المملكة العربية السعودية، حيث تعكس قيم الضيافة السعودية الأصيلة من خلال تأهيل حديثي التخرج والباحثين عن عمل مع أهمية تطوير وتمكين العاملين بهذا القطاع، وكذلك رواد الأعمال، أصحاب المنشآت السياحية الصغيرة والمتوسطة من خلال تلك الحزم والبرامج.

كل ذلك لأجل توفير كم هائل من شواغر الوظائف لشابات وشباب البلد الغالي الطموحين، الذين على عاتقهم يكون مستقبل السياحة، وبحسب مصدر الهيئة العامة للإحصاء في 2018 فإن عدد الوظائف المباشرة والمتوفرة في قطاع السياحة نحو 552,556 وظيفة، بمعنى أن الجيل الصاعد من طالبات وطلاب السياحة والضيافة نستطيع وصفهم بأنهم الآن في قمة الموجة الصاعدة، موجة قطاع السياحة والضيافة، متجهين بشكل جميل مع الموجة الجديدة (ترند السياحة).

ولا ننسى بالتأكيد أن دور المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ليست مهمتها توفير أقسام متخصصة في علوم السياحة والضيافة فحسب، بل تعيين واستقطاب مختلف الكفاءات السعودية من أبناء الوطن الحبيب أيضا لشغل تلك الكوادر التعليمية، وكذلك عمل الاتفاقيات المبادرات والمشاركات المختلفة مع شركاء السياحة والضيافة في الجانبين الحكومي والخاص.

بعد كل هذا يأتي محترم من الأجيال القديمة، ونظرته وفكره باتجاه عدم استحسان قطاع الخدمة، ويفترض أن قريبه لا يرغب به، بينما لا نعلم في الحقيقة من لا يرغب حقيقة، فيعكس صورة مناقضة عن مقولة مكررة عن «الشغل مو عيب»، سؤالي الحساس:، هل فعلا عند قولها يوجد يقين تام؟ أم «الشغل مو عيب» للناس فقط! أما لي أو لقريب أو عزيز فـ «لا»؟

رسالتي لكل مسؤول، أو رب أسرة أو معيلها، سواء كان من الأجيال القديمة أم الجديدة، ذكرا أو أنثى على حد سواء: أعزائي، إن زمن الأجيال القادمة مختلف، وسيختلف تماما عن الأجيال السابقة، ولا بد من وجود مرونة وقابلية لتفهم مستحدثات المهن، واستيعاب القطاعات الجديدة، وتوجهات الدولة المختلفة لإنعاش الحركة الاقتصادية لمملكتنا الحبيبة، نعم البعض سيواجه تحديا وصعوبة في التقبل من الوهلة الأولى ولكن لا بد من ذلك. فلا تحرموا من يعز عليكم الخير الكثير، خاصة في ظل دعم وعطاء الدولة لمستجدات القطاعات، ومن ذلك السياحة والضيافة.