عبدالله العولقي

إيران بعد خامنئي

السبت - 07 نوفمبر 2020

Sat - 07 Nov 2020

يمثل المرشد الأعلى للدولة الإيرانية علي خامنئي المرجعية الدينية في طهران، فهو الشخص الذي يمتلك زمام السلطة المطلقة على جميع مرافق ووزارات وأنظمة الدولة، ولهذا فإن مهامه الرسمية تتجاوز وظيفته الدينية كالإفتاء والإرشاد إلى الشؤون السياسية والعسكرية، ولا سيما أن خامنئي هو من ساعد الحرس الثوري على توسيع نفوذه المتعاظم داخل النظام حتى أصبح أقوى من الجيش الرسمي للدولة.

لقد حرص الخميني عبر نظريته الخرافية الولي الفقيه على إنشاء دولة عميقة في طهران، تتمثل قاعدتها في شبكات وهيئات معقدة من أنظمة الحكم والقرار، وتمتلك بعض هذه الهيئات بنية قوية من الأجهزة الأمنية، ولديها شركات متعددة الأنشطة في المقاولات والاتصالات والبنوك وغيرها، وعلى الرغم من تراكم الدولة العميقة في النظام الإيراني، إلا أن كلمة الفصل في اختيار المرشد تظل بيد مجلس الخبراء، فهو الجهة المخولة بتعيين وعزل قائد الثورة، ويتألف هذا المجلس من 88 عضوا منتخبين، بيد أن الحرس الثوري في السنوات الأخيرة لم يعد يلقي أهمية تذكر لهذا المجلس أو لغيره بفضل تعاظم نفوذه العسكري والأمني في الداخل الإيراني.

هناك حديث متزايد في وسائل الإعلام الإيرانية والعالمية حول تدهور صحة المرشد علي خامنئي، وبرحيله سيتشكل تغيير جوهري طارئ في نمطية الجمهورية الإيرانية، وتكمن أهمية الخبر حول خليفته القادم، هل سيكون نجله مجتبى المقرب من قادة الحرس الثوري؟ أم سيكون إبراهيم رئيسي، المرشح الذي خسر الانتخابات الرئاسية السابقة لصالح روحاني؟ الراجح في الأمر أن الرئيس القادم وبغض النظر عن هويته سيكون مجرد دمية إعلامية بيد الحرس الثوري، وأن قادة الحرس الثوري سيتملكون زمام الحكم الإيراني، ولن يسمحوا لبقية القوى الإيرانية أن تتشارك معهم في إدارة طهران.

بعد رحيل خامنئي سيعمد الحرس الثوري إلى تهميش الإصلاحيين الذين شكلوا ما يشبه المعارضة الداخلية منذ وفاة الخميني عام 1989م، ولا سيما أن الإصلاحيين يطالبون منذ مدة باختيار المرشد الأعلى بموجب شرعية عامة ومن خلال انتخابات شعبية، وهذا ما يرفضه قادة الحرس الثوري لأنهم ينبثقون من خلفية يمينية أصولية متشددة، ولذا تؤكد بعض التقارير أنهم قد اجتمعوا بالفعل مع خامنئي وتشاروا معه على ضرورة تسمية خليفته بالتشاور مع مجلس الخبراء، بشرط ألا يكون من رجال الإصلاحيين.

أخيرا، الصراع الإعلامي القائم اليوم بين الإصلاحيين والمتشددين في الداخل الإيراني، يمكن وصفه بتبادل الأدوار ضمن إطار حكم الولي الفقيه، والركون لإسقاط النظام على هذا الاختلاف هو صفقة خاسرة تماما، الرهان الرابح في زوال الكابوس الإيراني يظل بيد الشعب الذي عانى كثيرا من تسلط وقمع الآلة الميثولوجية العقيمة، خاصة الشباب، لأنهم الفئة التي تتطلع إلى آفاق المستقبل ولا تريد العيش في متاهات السرداب.

@albakry1814