شاهر النهاري

المتوقع من القيادات الفلسطينية

الاثنين - 02 نوفمبر 2020

Mon - 02 Nov 2020

نقاشات المثقفين العرب تلتهب ولا تتوقف، بشأن تحول العرب من دروب العداء والمقاطعة مع إسرائيل إلى التطبيع الجديد، الذي أدهشنا بسرعته بين الإمارات والبحرين من طرف وإسرائيل من الطرف الثاني، ثم زاد على ذلك السودان، الذي صرحت قياداته وإعلامه بأنه لم يكن اختيارا بالمطلق، كونه يدخل ضمن صفقة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مع حاجتهم الماسة للحياة بحرية وتنمية تجارية، ورغبتهم في التقدم واستخدام مواردهم الوطنية دون مضايقات وعقوبات أمريكية.

آراء عربية متنوعة، البعض يرفض ذلك بشدة، ويتأسف على نيف وسبعة عقود من العداء والمقاطعة، ويرفض أن ينهيها بمثل هذا البرود.

البعض يؤكد أن القيادة الفلسطينية كانت مثلا للفشل العظيم، فلم تقدم النموذج العاقل في توحيد الجبهة، ولا مصداقية التعامل مع العرب، خاصة السعودية ومصر، وهما أكثر من تدخل وضحى ورفد وبذل.

البعض يقول: ماذا كسبنا من عداء طويل أنهكنا سياسيا وعسكريا واقتصاديا، بل وجعل الفلسطينيين يعيشون الشتات، إما في سجن كبير أو مهجر أو في مخيمات لم تزد الدول العربية إلا تفككا.

البعض يستنكر السلام عندما يأتي من قبل دول بعيدة عن قلب وجسد القضية الفلسطينية، ودون البدء بإنذار قيادات فلسطين، وتنبيههم بأن ذلك قرار سيادي استراتيجي لهم، وأنهم يتمنون من الفلسطينيين الانضمام معهم في هذا السلام، قبل تدشينه.

البعض ينظر لما تواجهه دول التطبيع من تحديات وطنية، وحاجتها الماسة للاصطفاف ضمن معسكر قوي، يساعدها على بناء أوطانها، ويحميها من شرور أعداء إقليميين (إيران وتركيا)، وخيانات وغدر قطر.

البعض يرفض الارتماء بأحضان العدو الصهيوني في معسكر غير مضمون العواقب، حتى ولو أعطت إسرائيل كل الوعود، ويدلل بقرار نتنياهو بناء 5200 وحدة استيطانية جديدة بالقدس الشرقية، خلال فترة الاستراحة بين التوقيع مع دول التطبيع.

البعض يؤكد عدم ضمان معاهدات التطبيع مع إسرائيل، كونها تتحدث فقط عن مشاريع تجارية واقتصادية، ولكنها تهمل عمدا الإشارة لأطماع الجغرافيا والتاريخ، التي يتم تقطيعها في تل أبيب، وطبخها في قدر الضغط الأمريكي!

البعض يحكي عن استحالة استعادة الماضي، فالعصر يختلف، والمعالجة للأمور السياسية تختلف، والدول العربية تصاب بالتفكك والوهن، حتى إن الجامعة العربية لم تعد بقيمتها وقوتها القديمة، وأن التكتلات أصبحت واضحة، تخلخل أي علاقات عربية متينة، والأمر يحتاج إلى ضرورة إعادة بناء التلاقي على أسس جديدة تحفظ للعرب بعض ما تبقى من قيمة، بعيدا عن شعارات عاطفية لا تبني ولا تحمي، ولا تدفع بعجلة التقدم والتطور.

البعض يشير إلى أننا في عصر العولمة، الذي لم يعد يتحمل التحزبات العنصرية والقومية، والثورات والحروب، وأن علاقات العرب يجب أن تكون سيادية منفصلة بالكم والكيف، وألا تبنى على حساب حقوق الشعوب وقدرة التنمية والرخاء والسلام.

البعض يحدد أن الكرة الآن في ملعب القيادات الفلسطينية المستثارة التائهة، بأنهم لا بد أن يعيدوا التفكير بنظرة متسامية بناءة، تصب في صالح وطنهم وشعبهم، وليس لرفع الشعارات، والانقلاب على أصدقائهم، وإنكار الجميل، والجري خلف التحزبات المريضة، ولملمة الأموال.

لا بد لهم من اتخاذ الخطوات الجادة لتأكيد وجودهم، فلربما يبلغون مرحلة إخاء عربية تسعى للأفضل، خاصة أن أي حل سيرتضونه لقضيتهم لن يكون أسوأ من وضعهم الحالي.

shaheralnahari@