عبدالله العولقي

جائزة نوبل والصحافة العالمية

الخميس - 29 أكتوبر 2020

Thu - 29 Oct 2020

اكتسبت جائزة نوبل شهرة عالمية صاخبة نظرا لقيمتها التاريخية والإعلامية، وفي كل عام، تترقب الصحافة العالمية شهر أكتوبر لمعرفة الأسماء الفائزة بها، لكن اللافت في الأمر أن الجائزة لم تعد في المكانة التي عرفت عنها، وبدأت تفقد شيئا من بريقها التاريخي نظرا لمحاباتها الجلية وانحيازها الصريح للثقافة الغربية، ولا سيما في فرعي الآداب والسلام، وهذا ما لاح ساطعا هذا الشهر بفوز الشاعرة لويز جلوك بالجائزة في مجال الآداب على الرغم من توفر الأعلام المبدعة حول العالم في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، والذين يفوقون الشاعرة الأمريكية إبداعا وقيمة تاريخية.

جائزة نوبل لم تعد تدهش الصحافة العالمية بأعلام من العيار الثقيل، كالشاعر الهندي طاغور مثلا، أو كأناتول فرانس وجورج برنارد شو وأندريه جيد وبيرتراند راسل وغابريل ماركيز ونجيب محفوظ وجوزيف ساراماغو، وغيرهم من عظماء الأدب والفكر والثقافة، ولهذا هاجمت بعض أقلام الصحافة العالمية والعربية اللجنة الأدبية لجائزة نوبل باعتبار الشاعرة لويز جلوك لا ترقى أبدا لمستوى الجائزة وقيمتها الفنية، وأن فوزها ينطلي باب من المحاباة للولايات المتحدة أكثر من كون الشاعرة تستحق الجائزة ولديها سمة التفوق الإبداعي عن غيرها من الأعلام الذين تصر اللجنة النوبلية على تجاهلهم كل عام!

علامات الدهشة التي تثيرها نوبل في الصحافة العربية اليوم، قد تنبه لها الأستاذ العقاد مبكرا عندما أرجعها إلى ارتباط الجائزة بالحكومة في دولتها، لأن الجائزة تصدر من هيئات رسمية وتوزع في محافل شبه سياسية، فمن العسير على اللجنة أن تتجاهل مواطن الحرج السياسي في علاقاتها مع الدول الكبرى والصغرى، هذه اللفتة التي أثارت ذهن العقاد منذ أكثر من خمسين عاما، فما عساه أن يقول اليوم وهي تمنح للعامة من ضئيلي القيمة السياسية والثقافية كما حدث مع توكل كرمان إبان العهد الأوبامي لتمرير مشروعه البائس الربيع العربي!

كل عام، ترشح الصحافة العربية قائمة من مبدعيها الأدباء والشعراء وترى فيهم الأحقية والأهلية لنيل الجائزة الدولية، ففي مصر مثلا، يرى البعض أن الروائي علاء الأسواني يستحق الجائزة عن مجموعة أعماله القصصية، وفي الصحافة السورية يرشح الشاعر علي أحمد سعيد (أدونيس) منذ عقود ويعدونه أحق بها من بعض من نالوها، وفي لبنان تتوقع الصحافة كل عام فوز أديبها الشهير أمين معلوف، وهذا ما يحدث أيضا في المغرب العربي والعراق والخليج، وهكذا تتوالى الترشيحات ثم تتبعها نتائج الخيبة.

أخيرا، من المفترض علينا بثقافتنا العربية ألا نولي الجائزة كل هذا الصخب والاهتمام في صحافتنا العربية، إلا في مجالات الطب والكيمياء والفيزياء فحسب، ولا سيما أن لدينا جوائز كبرى ذات قيمة دولية كجائزة الملك فيصل العالمية التي تحظى بحضورها الدولي، وتتسم بمعايير المهنية لدى كل الجامعات ومراكز الأبحاث والصحافة في كل العالم، إضافة إلى غيرها من الجوائز العربية المرموقة في الخليج ومصر، التي تغنينا بصراحة عن جائزة نوبل في الآداب ما دامت لجنتها تصر على تعميق معنى الانهزامية في ثقافتنا وترسخ أجواء الخيبة في صحافتنا العربية.

albakry1814@