كابوس جديد يلاحق إيران

كيف تجلس راعية الإرهاب في المقعد الخلفي لروسيا وتركيا والغرب؟
كيف تجلس راعية الإرهاب في المقعد الخلفي لروسيا وتركيا والغرب؟

السبت - 17 أكتوبر 2020

Sat - 17 Oct 2020

عد محلل أمريكي حرب أذربيجان وأرمينيا بمثابة كابوس جديد يلاحق إيران، في ظل الأزمات والكوارث التي تحاصرها من كل صوب.

وقال الباحث أليكس فاتنكا في تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي»: إن النزاع في ناغورنو قره باغ يأتي في وقت سيء لطهران، ففي الداخل تواجه البلاد وضعا اقتصاديا بالغ الصعوبة بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، وفي الخارج تواجه مغامرات جيوسياسية غير منتهية في العالم العربي، من العراق إلى سوريا وما خلفهما، واستثمرت فيها الكثير في الأعوام الأخيرة.

وأكد أن إيران باتت أضعف من أن تتدخل للعب أي دور في الحرب، وقال «مع أن طهران قد تكون راغبة في التدخل في النزاع بجنوب القوقاز، حيث لعبت في السابق دور الوسيط، فإن قدرتها على القيام بمثل هذا الدور، هي أقل مما يفرضه قربها الجغرافي من النزاع، والأسوأ من ذلك أن طهران لا تتمتع بالاستقلالية الديبلوماسية كأوائل التسعينات، عندما اندلع القتال بين أرمينيا وأذربيجان على المستوى نفسه من التصعيد، ونشط الإيرانيون في حينه بفاعلية أكثر بين الجانبين»، وفقا لموقع (24) الإماراتي.

يدان مقيدتان

وأكد الباحث أن إيران تجلس في المقعد الخلفي لروسيا وتركيا والغرب، فيما تحدد هذه القوى مسار النزاع، مشيرا إلى أن وجود أقلية أذرية كبيرة داخل إيران يبلغ تعدادها 20 مليونا، يثير احتمالا حقيقيا بأن يتمدد النزاع الأرميني-الأذري ويشكل خطرا جديا على الأمن الداخلي لإيران، حيث لا تريد طهران أن تخسر في هذا النزاع، لكن يديها مقيدتان.

وأضاف «عقب اندلاع الجولة الأخيرة من الأعمال العدائية بين أرمينيا ذات الغالبية المسيحية وأذربيجان ذات الغالبية المسلمة في 27 سبتمبر، استغرقت إيران ثلاثة أيام لتقبل فكرة أن انفجار العنف هذه المرة يختلف نوعيا عن مناوشات سابقة، ومعلوم أنه على رغم التوقيع على وقف لإطلاق النار في نهاية الحرب التي اندلعت بين عامي 1988 و1994، فإن البلدين الجارين انخرطا في جولات متعددة من القتال منذ ذلك الوقت، بما في ذلك جولة في أوائل الصيف الماضي، وبعد 4 أيام من القتال، وبعدما أدركت ألا نهاية سريعة له تلوح في الأفق، بدلت طهران خطابها الدبلوماسي من التأكيد على حياديتها والرغبة في التوسط بين يريفان وباكو، إلى القول إنها تقف إلى جانب الأذريين».

دعم خفي

ورغم محاولات إيران البقاء على الحياد، إلا أن الممثلين السياسيين للمرشد الإيراني علي خامنئي في أربع محافظات في شمال غرب البلاد تقطنها غالبية أذرية، أصدروا بيانا مشتركا يدعمون فيه أذربيجان. وجاء في البيان أنه «ما من شك» في أن إقليم ناغورنو قره باغ الانفصالي تابع لأذربيجان. ومع ذلك، تزامن البيان مع تقارير كشفت أن طهران فتحت مجالها الجوي لإمدادات عسكرية روسية وجهتها أرمينيا، ونظمت تظاهرات ليس فقط في محافظة أذربيجان الشرقية، بل في طهران هتف خلالها المشاركون «قره باغ لنا. وستبقى لنا».

وأكد أن مجرد الإشارة إلى احتمال سماح إيران بمرور السلاح إلى أرمينيا عبر سمائها، كان بمثابة نبأ متفجر، سارعت طهران إلى نفيه، واتخذ الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف ومستشار المرشد للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي الموقف نفسه، وهو أنه يتعين على أرمينيا الانسحاب من الأراضي الأذرية التي تحتلها منذ 1994، والأكثر طيشا كان رجل الدين الموالي للنظام حسين نوري حمداني، الذي صاغ النزاع بعبارات دينية قائلا « ناغورنو قره باغ جزء من العالم الإسلامي ويجب أن يعود إلى البلد المسلم ويجب تحريره».

قلق جديد

وشدد الكاتب على أن الزخم الشعبي وراء باكو كان كبيرا إلى درجة لم تحل دونه علاقة الشراكة القوية التي تجمع أذربيجان مع إسرائيل، حيث تعتبر واحدة من الدول الشيعية الأساسية، وهي تقيم علاقات اقتصادية وعسكرية واستخباراتية مع العدو الإقليمي لإيران، وهذا واقع يعود إلى عقدين، وقد تعلم الإيرانيون التكيف معه.

ونوه الكاتب إلى أن إيران ليست في موقع يمكنها من مواجهة الأقلية الأذرية لديها، وبخلاف أوائل التسعينات، عندما أتاح سقوط الاتحاد السوفيتي للأذريين الإيرانيين إعادة التواصل مع إخوانهم في الشمال، الذين كانوا خاضعين للحكم الروسي-السوفيتي منذ أوائل القرن التاسع عشر، فإن الجالية الأذرية الإيرانية أكثر وعيا للديناميات التي تقف خلف النزاع الأرميني-الأذري، وتقف بعاطفة أكبر خلف باكو، وهو ما يشكل قلقا جديا لطهران وإيران، بعد كل شيء، هي بلد متعدد الإثنيات، وهي غير مستعدة لمواجهة انتفاضة من أقليات مضطهدة قد يشعلها النزاع الأرميني-الأذري.