من يأتي بالعجائب
الثلاثاء - 13 أكتوبر 2020
Tue - 13 Oct 2020
يقولون: من تكلم بغير فنه أتى بالعجائب. ومقال اليوم سيكون من العجائب، لأن كاتبه لا يعرف كثيرا عن الموضوع الذي سيكتب عنه، وهو سوق المال والأسهم والمشاركة فيها والحديث عنها، إلا ما هو معروف مما يقتضي عمل الملاحظة العابرة والاهتمام العام الذي يعرفه الجميع.
والملاحظة التي أوجبت هذا المقال أن سوق الأسهم حين بدأ لدينا منذ عشرين سنة كان يفضل المشاركة العامة للناس، ويعطي للأفراد فرصا جيدة أكثر في الشركات التي تطرح للاكتتاب، ويسهم الأفراد بنصيب كبير فيها على قدر ما يستطيعون.
وإن كان أكثر الناس لا يستطيعون إلا القليل الذي يوفرونه من دخلهم الشهري، ومع هذا يجدونها فرصة جيدة على كل حال للمساهمة في الاكتتاب والحصول على ما تيسر من ما يخصص من أسهم الشركات العاملة في السوق، وبيعها بعد التداول أو الاحتفاظ بها وتنميتها،
وقد يحققون بعض المكاسب.
هذا الحال جعل السوق تزدهر وتصبح مطلبا للناس، ومشاركة أهل الكفاف لأهل المال ورجال الأعمال مهمة لسببين، الأول: المشاركة الواسعة في الشركات المساهمة التي تطرح في السوق، حيث يصبح الجميع ملاكا فيها، وهذه المشاركة تعد مرحلة من التدريب على
ممارسة نموذج من الكسب الجديد على الناس في المملكة، لممارسة تجارة لم يعرفوها قبل الأسهم وطرحها للناس والاتجار بها.
والثاني: أن قيمة السهم الاسمية تجعل الكثير من المواطنين قادرين على المساهمة وتنمية ما في أيديهم وما يستطيعون توفيره واستثماره من باب الادخار.
وقد أخبرني أحد هؤلاء بأنه يضع في الأسهم مبلغا قليلا جدا في كل شهر من راتبه المحدود، وهو لا يزيد على خمسمئة ريال، ويقول: إن هذا المبلغ القليل الذي التزم به منذ عشرين عاما أصبح اليوم يعادل المبلغ الذي سيحصل عليه لو تقاعد من العمل بعد أربعين سنة من الخدمة.
وتلك الفرص شجعت على الاستمرار والنمو المطرد وقد تبنت الجهات المسؤولة عن الاكتتابات في بداية الأمر إعطاء الأفراد فرصا أكبر، وخصصت لهم كمية معقولة في أسهم الشركات الواعدة وذات المردود الجيد تبلغ في أكثر الحالات 50% أو أكثر، وهو ما كان حافزا لهم على الاستمرار والاستفادة.
لكن يبدو أن سياسة إتاحة المشاركة لعامة الناس قد تغيرت في الوقت الحاضر لدى المسؤولين عن السوق المالية، حيث يلاحظ منذ سنة أو سنتين قلة ما يخصص للأفراد مما يطرح في السوق من الاكتتابات الجديدة، فلا يزيد ما يخصص لهم على 10%، بينما 90% تخصص للصناديق في البنوك والمحافظ الكبيرة، وهو أمر مستغرب وأظنه يحتاج إلى مراجعة وإعادة النظر فيه أو على الأقل طرحه للمناقشة حتى يعرف الناس السبب ويبطل العجب.
وكأي واحد منكم أعرف شيئا وتغيب عني أشياء، والسؤال والاستشكال فيما يلاحظ أمر مشروع، ولا سيما فيما يهم الناس، ولا شيء أكثر هما لهم من حظوظهم من المال ونصيبهم منه وما يخلق التنافس بينهم، وكل له من المال نصيب لا يرضيه ومطلب يزداد منه ويحرص عليه.
الأغنياء يبحثون عنه ويطلبون كل طريق يؤدي إليه، والفقراء يكدحون من أجله، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
وهيئة سوق المال ينطبق عليها الأثر المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم «إنما أنا قاسم والله المعطي» وما دامت السوق المالية قائمة بالقسم بين الناس، فإن تفضيل المؤسسات الكبيرة والمحافظ الخاصة على الأفراد يحتاج إلى إعادة نظر، ومسوغ تفضيل الأغنياء وإتاحة الفرصة لهم وعدم المساواة بين الناس فيما يتاح من فرص عامة أو تفضيل فئة على أخرى؛ شيء يحتاج إلى مبرر قوي أو سبب مقنع تعلنه هيئة السوق ويعرفه الناس، إذا كان لدى سوق المال أسباب قد لا يعرفها غير المتخصصين في مجال الأسهم والاتجار بها فليعلنوا ذلك. وفوق كل ذي علم عليم.
Mtenback@
والملاحظة التي أوجبت هذا المقال أن سوق الأسهم حين بدأ لدينا منذ عشرين سنة كان يفضل المشاركة العامة للناس، ويعطي للأفراد فرصا جيدة أكثر في الشركات التي تطرح للاكتتاب، ويسهم الأفراد بنصيب كبير فيها على قدر ما يستطيعون.
وإن كان أكثر الناس لا يستطيعون إلا القليل الذي يوفرونه من دخلهم الشهري، ومع هذا يجدونها فرصة جيدة على كل حال للمساهمة في الاكتتاب والحصول على ما تيسر من ما يخصص من أسهم الشركات العاملة في السوق، وبيعها بعد التداول أو الاحتفاظ بها وتنميتها،
وقد يحققون بعض المكاسب.
هذا الحال جعل السوق تزدهر وتصبح مطلبا للناس، ومشاركة أهل الكفاف لأهل المال ورجال الأعمال مهمة لسببين، الأول: المشاركة الواسعة في الشركات المساهمة التي تطرح في السوق، حيث يصبح الجميع ملاكا فيها، وهذه المشاركة تعد مرحلة من التدريب على
ممارسة نموذج من الكسب الجديد على الناس في المملكة، لممارسة تجارة لم يعرفوها قبل الأسهم وطرحها للناس والاتجار بها.
والثاني: أن قيمة السهم الاسمية تجعل الكثير من المواطنين قادرين على المساهمة وتنمية ما في أيديهم وما يستطيعون توفيره واستثماره من باب الادخار.
وقد أخبرني أحد هؤلاء بأنه يضع في الأسهم مبلغا قليلا جدا في كل شهر من راتبه المحدود، وهو لا يزيد على خمسمئة ريال، ويقول: إن هذا المبلغ القليل الذي التزم به منذ عشرين عاما أصبح اليوم يعادل المبلغ الذي سيحصل عليه لو تقاعد من العمل بعد أربعين سنة من الخدمة.
وتلك الفرص شجعت على الاستمرار والنمو المطرد وقد تبنت الجهات المسؤولة عن الاكتتابات في بداية الأمر إعطاء الأفراد فرصا أكبر، وخصصت لهم كمية معقولة في أسهم الشركات الواعدة وذات المردود الجيد تبلغ في أكثر الحالات 50% أو أكثر، وهو ما كان حافزا لهم على الاستمرار والاستفادة.
لكن يبدو أن سياسة إتاحة المشاركة لعامة الناس قد تغيرت في الوقت الحاضر لدى المسؤولين عن السوق المالية، حيث يلاحظ منذ سنة أو سنتين قلة ما يخصص للأفراد مما يطرح في السوق من الاكتتابات الجديدة، فلا يزيد ما يخصص لهم على 10%، بينما 90% تخصص للصناديق في البنوك والمحافظ الكبيرة، وهو أمر مستغرب وأظنه يحتاج إلى مراجعة وإعادة النظر فيه أو على الأقل طرحه للمناقشة حتى يعرف الناس السبب ويبطل العجب.
وكأي واحد منكم أعرف شيئا وتغيب عني أشياء، والسؤال والاستشكال فيما يلاحظ أمر مشروع، ولا سيما فيما يهم الناس، ولا شيء أكثر هما لهم من حظوظهم من المال ونصيبهم منه وما يخلق التنافس بينهم، وكل له من المال نصيب لا يرضيه ومطلب يزداد منه ويحرص عليه.
الأغنياء يبحثون عنه ويطلبون كل طريق يؤدي إليه، والفقراء يكدحون من أجله، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
وهيئة سوق المال ينطبق عليها الأثر المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم «إنما أنا قاسم والله المعطي» وما دامت السوق المالية قائمة بالقسم بين الناس، فإن تفضيل المؤسسات الكبيرة والمحافظ الخاصة على الأفراد يحتاج إلى إعادة نظر، ومسوغ تفضيل الأغنياء وإتاحة الفرصة لهم وعدم المساواة بين الناس فيما يتاح من فرص عامة أو تفضيل فئة على أخرى؛ شيء يحتاج إلى مبرر قوي أو سبب مقنع تعلنه هيئة السوق ويعرفه الناس، إذا كان لدى سوق المال أسباب قد لا يعرفها غير المتخصصين في مجال الأسهم والاتجار بها فليعلنوا ذلك. وفوق كل ذي علم عليم.
Mtenback@