ولاء الشيحي

«ديناميت» نوبل والمرأة

الاحد - 11 أكتوبر 2020

Sun - 11 Oct 2020

‏صنع أصابع «الديناميت» لخدمة البشرية والاستفادة من ثروات الأرض بسهولة ويسر، وحين رأى أن البشر استخدموا اختراعه في الشر والقتل والدمار كما يستخدم في الخير والحفر والبناء، اخترع أصابع «ديناميت» أخرى لا يمكن استخدامها إلا في تفجير الإبداع، فكانت جائزة «نوبل» التي أسسها وتكفل بها المخترع «ألفريد عمانوئيل نوبل».

‏وبقي خير «الديناميت النوبلي» منذ 1901م حتى يومنا هذا قائما، لدعم الإبداع ونشره في العالم أجمع، فأصبح الاسم الذي ينال جائزة في فروع «نوبل» يعرفه القاصي والداني، وينتشر إبداعه ويتناقله الناس ويبحثون في سيرته كمبدع، حتى أصبح «ديناميت الإبداع» أقوى من «ديناميت التفجير».

‏مفارقة عجيبه أن يكون مخترع أداة «التفجير» هو خالق أقوى أداة لتفجير الإبداع العلمي والأدبي وأفعال السلام، فمن رحم فكرت «الديناميت» ولدت أعظم فكرة لخلق الإبداع والسلام، ولو كانت تقديرا وشهرة ودعما، ويبقى - بعد ذلك - دور الإنسان في استخدام أي «ديناميت» يريد بينهما.

‏في زاوية من زوايا جائزة نوبل، يظهر أن الإبداع سيد الجائزة بغض النظر عن الجنس أو الجنسية، ففي هذا العام 2020م أعلنت الأكاديمية السويدية للعلوم عن فوز أربع سيدات في بعض فروع الجائزة، ففي «الكيمياء» فازت عالمتا الوراثة الفرنسية إيمانويل شاربانتييه والأمريكية جنيفر داودنا، وعرفنا إبداعهما العلمي في تطوير «مقصات جزيئية» قادرة على تعديل الجينات البشرية، وفازت عالمة الفلك الأمريكية أندريا غيز في «الفيزياء» بمجال البحوث المتعلقة بـ«الثقوب السوداء»، وفي «الآداب» فازت الشاعرة الأمريكية لويز غلوك، وأصبحنا جميعا نعرف إبداعها الأدبي الذي تشكل فيه الطفولة والحياة الأسرية والعلاقات موضوعات رئيسة، وطالعنا شيئا من كلماتها وطابعها الأدبي الذي تستوحيه من الأساطير، وعرفنا أسماء الدواوين والنتاج الأدبي لأستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة يال.

‏جائزة نوبل تمنحنا فرصة للبحث المعرفي والأدبي، لنطلع على ما يستحق التقدير علما وأدبا، وتمنحنا فرصة معرفة أسماء تستحق الحفظ والشهرة، وتزيد تفاؤلنا بتنامي الأدب والعلم والمعرفة، وسط كم كبير من السطحية والتفاهة التي أصبحت تسيطر على منصات الإعلام الفردي والمؤسسي، ولا تبقى إلا أمدا قصيرا لتزول بفعل تفاهات أخرى تسيطر لوقت آخر.

‏وحضور المرأة بشكل قوي في جائزة نوبل لهذا العام يصنع التفاؤل لتنال المرأة التقدير الذي تستحق فهي إنسانة قادرة على المنافسة في التفوق العلمي والإبداع الأدبي، وقادرة كذلك على صناعة السلام وبناء الاقتصاد فهي الأساس في الحياة، وإذا كان من رحمها يولد المبدعون ففي عقلها ينبت الإبداع.

‏بدأت الجائزة عام 1901، وكانت أول امرأة تفوز بها «ماري كوري» في الكيمياء عام 1903، ثم جاءت «سلمى لاغيرلوف» في الآداب عام 1909، ثم عادت «ماري كوري» لتفوز بجائزة أخرى في الفيزياء عام 1911، مما يثبت حضور المرأة منذ البداية، ولا يزال يتواصل إبداع المرأة وسيزداد إذا آمنت بها المجتمعات.

‏كانت المرأة جزءا من الإبداع الإنساني ولا تزال، فقد فازت 17 سيدة بجائزة نوبل في مجال السلام، و16 سيدة في مجال الأدب، و12 سيدة في مجال الطب، و7 سيدات في مجال الكيمياء، و4 سيدات في مجال الفيزياء، ونالت واحدة جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية.

‏المرأة تصنع الإبداع وتلد المبدعين.

@misswalaa986