شاكر أبوطالب

إيقاف التلاعب التجاري!

الاحد - 11 أكتوبر 2020

Sun - 11 Oct 2020

رغم الجهود المستمرة التي تقوم بها وزارة التجارة، ورغم تخصيص مركز لاستقبال البلاغات والشكاوى، وإطلاق تطبيقات وخدمات الكترونية متنوعة، وتكرار تحذيرات ووعيد وزارة التجارة وتلويحها بالحملات التفتيشية المفاجئة وفرض العقوبات المالية، والإعلان في وسائل الإعلام عن الإجراءات الصارمة التي تتبعها الفرق الرقابية بالوزارة لضمان عدم تلاعب المنشآت التجارية بالأسعار والجودة والوفرة أو أي ممارسات احتكارية، وإيقاع أشد العقوبات بحق المخالفين، رغم ذلك كله؛ تستمر بعض الشركات والمؤسسات في التلاعب التجاري من خلال عدد من المظاهر، أبرزها الامتناع عن إمداد السوق ونقاط البيع ببعض المنتجات والخدمات لخلق أزمة في العرض، وبالتالي المساهمة في زيادة الطلب والتأثير على قرارات المستهلك، ودفعه لشراء كمية تفوق حاجته الاستهلاكية بهدف التخزين لتفادي حدوث نقص ما، وبسبب اهتزاز ثقته أيضا في توفر المنتج أو الخدمة بصورة مستمرة.

يتخذ التلاعب التجاري أساليب متنوعة لا حصر لها، وبمرور الوقت وتضييق الخناق عليه رقابيا، يطور التلاعب التجاري من أساليبه ويغير من مظهره، وفق مبدأ الأفلام السينمائية بأن «اللص يسبق الشرطي دائما بخطوة إلى الأمام»، فهناك فئة من العاملين في التجارة، سواء من التجار أو الموظفين، وكذلك فئة من الشركات والمؤسسات التجارية، جميعهم منشغلون بمسألة التلاعب التجاري لتحقيق أعلى معدلات الربحية بأقل مجهود، ولذلك تجدهم ينفقون بعض الوقت في تطوير أساليب التلاعب التجاري وابتكار أساليب جديدة!

ومن مظاهر التلاعب التجاري تجفيف السوق من منتج أو خدمة ما، دون وجود إعلانات أو بيانات رسمية، أو مبررات تجارية منطقية وواضحة، وفي الوقت نفسه يستمر بيع المنتج نفسه أو الخدمة من خلال قنوات وأساليب غير قانونية، وبأسعار تفوق القيمة المحددة سابقا، فالمشهد هنا يشير إلى حدوث استغلال لثغرات في المنظومة التجارية والرقابية، أتاحت ظهور هذه السوق السوداء إن جاز التعبير.

ولعل أبرز مثال على هذا النوع من التلاعب التجاري هو أزمة الدخان وانقطاعه عن نقاط البيع واختفائه منها، وقد تطلب التعامل مع هذه الأزمة المفتعلة تكامل جهود عديد من الجهات الحكومية، إلى جانب تعاون المستهلكين مع التحرك الحكومي، ورغم ذلك كله، تمكنت الأزمة من البقاء على قيد الحياة حتى اليوم، من خلال استمرار بيع العلب القديمة لبعض أنواع الدخان، التي لا تحمل تاريخ إنتاج أو انتهاء صلاحية، أو تعمد انقطاع بعض أنواع الدخان دون سبب!

ومظهر آخر من مظاهر التلاعب التجاري يتمثل في تعمد بعض محطات الوقود في اليوم العاشر من كل شهر ميلادي، وهو موعد إعلان تحديث أسعار الوقود من قبل شركة (أرامكو السعودية)، إغلاق المحطة بالكامل حتى منتصف الليل، أو البيع فقط للبنزين من نوع 95 أوكتان، وهذا السلوك يتكرر شهريا دون وجود حلول عملية تمنع هذا النوع من التلاعب التجاري.

والمأمول من وزارة التجارة أن تسبق المتلاعب التجاري دوما بخطوة على الأقل، من خلال الابتكار والتطوير للعملية الرقابية للسوق السعودية، وتسهيل إجراءات البلاغات والشكاوى، وتحسين معالجة الطلبات بكل جدية وسرعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في زمن قياسي مع كل حالة، والضرب بيد من حديد لبتر أذرع التلاعب التجاري.

shakerabutaleb@