داعش يحاول مقاومة الانهيار بعمليات متطابقة في الفشل

الجمعة - 08 يوليو 2016

Fri - 08 Jul 2016

يبدو أن قيادات تنظيم «داعش» الإرهابي فقدت السيطرة، وتسلل إلى نفوسها الإحباط، مما آل إليه حال التنظيم من ضعف، لقاء الضربات التي يتلقاها التنظيم من قبل التحالف الدولي في كل من العراق وسوريا، وفشل العديد من عملياته على أيدي القوات الأمنية في دول الخليج عامة، والسعودية خاصة، حتى أصبحت عناصره البعيدة التي أطلق عليها عام 2015 اسم «الذئاب المنفردة» مطاردة ومحاصرة، بل ومطلوبة للعدالة.

ففي هذا الجانب، أكد الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة فهد الشقيران لـ «مكة» أمس أن العمليات الإرهابية الأخيرة التي نفذت في كل من جدة والقطيف والمدينة المنورة، وفي دول أخرى مثل بنجلاديش وماليزيا، تكشف أن التنظيم بدأ يوجه عناصره البعيدة - غير المرتبطة به مباشرة - بتفجير أنفسهم دون أهداف محددة، وبغير خطط، وذلك للأسباب التالية:

  • إثبات أمام قيادييه أنه ما زال موجودا، وبإمكانه الوصول إلى مناطق بعيدة ومختلفة، لكسب ثقتهم التي بدأت تتزعزع لقاء انحسار الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، وفقدانه عددا كبيرا من قيادات الصف الأول في العراق وسوريا.

  • تدني قدرة التنظيم على تجنيد عناصر فاعلة ومؤثرة جديدة، مما حدا به إلى اللجوء نحو صغار السن وحديثي التدين.

  • تدني مستوى قدرة التنظيم على الإقناع ولجوئه للتركيز على استغلال بعض الحملات التي تنظم في مواقع التواصل الاجتماعي مثل ما يسمى بجماعة «فكو العاني» في السعودية.


ولفت إلى أنه من خلال استعراض العمليات الإرهابية التي تبناها التنظيم لتحقيقها جزءا ولو يسيرا من أهدافه، أو لم يتبناها بسبب فشلها، يبدو واضحا أنها عمليات نفذت بواسطة أشخاص بعيدين عن الارتباط المباشر بالتنظيم، وغالبا من صغار السن، أو الملتحقين بالتنظيم حديثا، ودون أهداف محددة، وجاءت من أجل إعادة إحياء صوت التنظيم.

وأوضح الشقيران أن سيناريوهات العمليات الأخيرة تكشف أن مصدر التوجيه الذي تلقاه الانتحاريون جاء من مركز واحد، وأن الأهداف التي كانت مرسومة لهذه العمليات هي ذاتها الأهداف التي ترغب إيران وحزب الله والنظام السوري في تحقيقها بدول الخليج، مدللا على ذلك بالتالي:

تطابق توقيت العمليات بإطار زمني لم يتجاوز 24 ساعة.

تطابق الأهداف وهي المساجد


  • البحث عن المواقع التي يمكن أن تؤجج الطائفية كالمساجد وتحديدا المسجد النبوي الذي يزدحم بمسلمين من مختلف الطوائف.

  • تطابق المادة المستخدمة في التفجير.


ذئب منفرد

ففي جدة، فجر إرهابي من الجنسية الباكستانية نفسه دون هدف محدد، حيث يتضح من موقع العملية أن الانتحاري لم يكن يعرف ماذا يريد، ووجد نفسه يرتدي حزاما ناسفا، ومكشوفا للقوات الأمنية في مواقف سيارات، ليبادر بتفجير نفسه.

ومن خلال سيرته التي كشفت عنها وزارة الداخلية، فإنه مقيم بالسعودية منذ 12 عاما، ويسكن مع زوجته ووالديها، ويعمل كسائق خاص، ويتضح من خلال ذلك أنه عضو جديد بالتنظيم، وتم تجنيده من بعيد كذئب منفرد، يستخدمه التنظيم متى شاء، فاستخدمه في عملية انتحارية دون هدف.

وهن التنظيم

وفي القطيف، لا تختلف القصة كثيرا عن انتحاري جدة، فبحسب المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي فإن تفجيرا انتحاريا وقع قرب أحد المساجد بمحافظة القطيف، مغرب 29 رمضان، وتم العثور على أشلاء بشرية لثلاثة انتحاريين منهم اثنان أشقاء لم تتجاوز أعمارهما 23 عاما.

ولأن هذه العملية لم تحدث أضرارا بشرية أو مادية، إلا أنها فقط ذهبت بأرواح الانتحاريين الثلاثة، كما هو الحال في انتحاري جدة، وهي دلالة واضحة على أن الانتحاريين الثلاثة استخدموا لذات الغرض الذي استخدم من أجله انتحاري جدة، وسط وهن واضح للتنظيم أمام الرقابة الأمنية المستمرة، والمتابعة الدقيقة التي تنفذها وزارة الداخلية لملاحقة أعضاء التنظيم.

تيه وضياع

ووصولا لحادثة المدينة المنورة التي ما زال التنظيم لم يتبناها بعد، رغم أن منفذها بحسب وزارة الداخلية هو نائر مسلم النجيدي 26 عاما، ومطلوب في قضايا مخدرات، فإنه وبحسب مقاطع فيديو متداولة للانتحاري قبل العملية، بدا تائها، حيث اتجه إلى مواقف سيارات قرب المسجد النبوي، ثم اتجه مرة أخرى لإحدى نقاط تجمع رجال الأمن قبل أن يفجر نفسه.

وأشار الشقيران إلى أنه من خلال سيناريوهات كل هذه العمليات، يتضح جليا أن هؤلاء الانتحاريين، هم عناصر تابعة للتنظيم، ولكنها تأتي ضمن حلقات بعيدة، ولا تتواصل مع القيادات مباشرة، واستخدموا لقتل أنفسهم دون أهداف محددة، بعكس العمليات السابقة للتنظيم، وكانت عمليات لتعزيز ثقة القياديين الجدد الذين حلوا محل قيادات نفقت بفعل الضربات المتتالية التي يتلقاها التنظيم.

وشدد على أن التنظيم يتوقع أن عملياته ستنجح في السعودية كما ينجح في العراق وسوريا، متجاهلا قوة الضبط الأمنية في السعودية، مشيرا إلى أن هذه العمليات لا يمكن أن تشكل خللا أمنيا، لأنها استخدم فيها ذئاب منفردة كما حدث في فرنسا ودول أوروبية أخرى.