وُلِدت وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) من رحِم برامج فك رموز الشيفرة خلال الحرب العالمية الثانية التي حلّت أسرار آلة «اللغز» (Enigma) الألمانية الشهيرة وباقي الشيفرات الألمانية واليابانية، وساعدت بذلك على تحقيق انتصار الحلفاء في تلك الحرب المدمرة. خلال السنوات التي تلت نهاية الحرب، أوجدت الولايات المتحدة لنفسها عدوا جديدا يتمثل في الاتحاد السوفيتي، ووجدت الاستخبارات الغربية نفسها تستهدف أشخاصا يشتبه في أنهم جواسيس، وزعماء أجانب، وحتى مواطنين أمريكيين وغربيين في بعض الأحيان، بدلا من استهداف عسكريين ومقاتلين في ساحات المعارك. خلال النصف الثاني من القرن العشرين، لعبت وكالة الأمن القومي الأمريكية دورا مهما ومثيرا للجدل في كثير من الأحيان في معظم أحداث الحرب الباردة، من الحرب الكورية إلى أزمة الصواريخ الكوبية إلى حرب فيتنام وغيرها من الأحداث الجسام التي شهدها العالم في تلك الفترة.
اكتشاف الأسرار
ولكن كيف تعمل وكالة الأمن القومي وكيف تتمكن من تنفيذ مهامها الاستخباراتية؟ معظم الناس يعرفون النظريات العامة المتعلقة بجمع المعلومات الاستخباراتية: تحديد الأهداف بوضوح والابتعاد عن الوهم، ضمان تحليل المعلومات ضمن أطرها المحددة حتى يمكن فهمها بشكل جيد، واتباع قواعد وإرشادات دستورية وقانونية واضحة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتجسس على أبناء البلد نفسه. لكن الأمر ليس سهلا كما يبدو من الناحية العملية بالطبع.
في كتاب «محاربو الشيفرة»، يقدم ستيفن بوديانسكي عرضا مثيرا ومفصلا للجهود التي تبذلها وكالة الأمن القومي الأمريكية لاكتشاف أسرار الاتحاد السوفيتي، وبذلك يوفر الكتاب تاريخا موثقا لعمل الاستخبارات الأمريكية خلال الحرب الباردة.
ويتحدث الكتاب عن دور شبكة تحليل الإشارات في وكالة الأمن القومي في المساعدة على الحد من خطر نشوب حرب نووية والسماح بنجاح استراتيجية الاحتواء. بمساعدة عملاء على الأرض والاستفادة من التكنولوجيا المتطورة المتاحة، تمكنت وكالة الأمن القومي من اعتراض الاتصالات السوفيتية، وضمنت بذلك حصول الوكالة على كل ما يفكر به أعضاء القيادة السوفيتية ويقولونه عن بعضهم بعضا، لدرجة أن وكالة الأمن القومي كانت تعرف «مقاس خصر بريجنيف، وكم مرة أصيب بالصداع، ومشاكل أبنائه، ونواياه في المكتب السياسي بخصوص تحديد من يتولى المناصب، ورأيه في القيادة الأمريكية، وموقفه من أوضاع المفاوضات». الأمر الذي ساعد هنري كيسنجر على التفوق في المفاوضات مع السوفييت حول الحد من الأسلحة الاستراتيجية في أواخر ستينات وبداية سبعينات القرن العشرين.
جرائم الإعلام
ويتحدث الكاتب بوضوح عن جرائم الأنظمة الشيوعية والضرر الذي تسبب به الإعلام الأمريكي حول العمليات السرية للاستخبارات الأمريكية. لكنه يقول أيضا إن «صراع علم تحليل الشيفرات الذي حدث في الظلال وراء الظلال كان غامضا من الناحية الأخلاقية مثل أي شيء آخر يخص الحرب الباردة». في حقيقة الأمر، قامت وكالة الأمن القومي بعمل مثير للإعجاب في تعاملها مع الصراعات والمواجهات واستراتيجيات الحروب المحدودة في وجه أفق كارثة نووية. غالبية الشعب الأمريكي لم يكونوا قادرين على قبول الأخطار الحقيقية التي كانت السياسة الشيوعية التوسعية تمثلها على العالم، كما أن الاستخبارات السوفيتية (KGB) والمؤسسة العسكرية السوفيتية كانت تتمتع بنفوذ على صنع السياسة السوفيتية أكبر بكثير من نفوذ المجتمع الاستخباراتي في الولايات المتحدة.
يقدم الكتاب دراسة مشوقة تسلط الضوء على كثير من معالم السياسة المعاصرة التي تستحق الاهتمام. المواقف العدائية المتزامنة من كل من روسيا والصين تجاه الولايات المتحدة تبين أن الوضع الاستراتيجي لأمريكا يواجه تحديات حاليا أكثر من أي وقت مضى، ولذلك فإن من الضروري معرفة كيفية الاستفادة من العمليات الاستخباراتية للدفاع عن المصالح القومية.
ملاحق تقنية
باختصار، يتحدث ستيفن بوديانسكي، وهو خبير متمرس في علم تحليل الشيفرة، في الكتاب عن كيفية نشوء وكالة الأمن القومي من الجذور في الحرب العالمية الثانية مرورا بسقوط برلين والأحداث التي ترافقت مع ذلك الحدث وتلته. ويبين بوديانسكي التحديات التي واجهها خبراء تحليل الشيفرة وكيف تمكنوا من فك بعض أكثر الشيفرات تعقيدا في القرن العشرين. ومن خلال اطلاعه على وثائق جديدة، يوضح الكاتب نجاحات وإخفاقات الوكالة خلال الحرب الباردة، كما يقدم تقييما لعمل وكالة الأمن القومي في هذه المرحلة، خاصة في ضوء ما كشفه عميل الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن أخيرا عن نشاطات أجهزة الاستخبارات الأمريكية. يبين بوديانسكي هوس الوكالة بتوثيق كل جزئية من البيانات التي تحصل عليها وفك وتحليل كل إشارة لا سلكية أو الكترونية. يضم الكتاب مجموعة من الملاحق التي تشرح التفاصيل التقنية للشيفرات السوفيتية وكيف فكت وفهم أسرارها.
ستيفن بوديانسكي مراسل شؤون الأمن القومي للشركة الإعلامية «يو إس نيوز اند ورلد ريبورت»، ومدير مكتب واشنطن لمجلة «ناتشر» ومحرر مجلة «الحرب العالمية الثانية». نشر ستة كتب عن تاريخ الاستخبارات والجيش، ويلقي محاضرات باستمرار حول هذا الموضوع، كما ينشر مقالات في صحف كثيرة بما في ذلك نيويورك تايمز وورلد ستريت جورنال.
اكتشاف الأسرار
ولكن كيف تعمل وكالة الأمن القومي وكيف تتمكن من تنفيذ مهامها الاستخباراتية؟ معظم الناس يعرفون النظريات العامة المتعلقة بجمع المعلومات الاستخباراتية: تحديد الأهداف بوضوح والابتعاد عن الوهم، ضمان تحليل المعلومات ضمن أطرها المحددة حتى يمكن فهمها بشكل جيد، واتباع قواعد وإرشادات دستورية وقانونية واضحة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتجسس على أبناء البلد نفسه. لكن الأمر ليس سهلا كما يبدو من الناحية العملية بالطبع.
في كتاب «محاربو الشيفرة»، يقدم ستيفن بوديانسكي عرضا مثيرا ومفصلا للجهود التي تبذلها وكالة الأمن القومي الأمريكية لاكتشاف أسرار الاتحاد السوفيتي، وبذلك يوفر الكتاب تاريخا موثقا لعمل الاستخبارات الأمريكية خلال الحرب الباردة.
ويتحدث الكتاب عن دور شبكة تحليل الإشارات في وكالة الأمن القومي في المساعدة على الحد من خطر نشوب حرب نووية والسماح بنجاح استراتيجية الاحتواء. بمساعدة عملاء على الأرض والاستفادة من التكنولوجيا المتطورة المتاحة، تمكنت وكالة الأمن القومي من اعتراض الاتصالات السوفيتية، وضمنت بذلك حصول الوكالة على كل ما يفكر به أعضاء القيادة السوفيتية ويقولونه عن بعضهم بعضا، لدرجة أن وكالة الأمن القومي كانت تعرف «مقاس خصر بريجنيف، وكم مرة أصيب بالصداع، ومشاكل أبنائه، ونواياه في المكتب السياسي بخصوص تحديد من يتولى المناصب، ورأيه في القيادة الأمريكية، وموقفه من أوضاع المفاوضات». الأمر الذي ساعد هنري كيسنجر على التفوق في المفاوضات مع السوفييت حول الحد من الأسلحة الاستراتيجية في أواخر ستينات وبداية سبعينات القرن العشرين.
جرائم الإعلام
ويتحدث الكاتب بوضوح عن جرائم الأنظمة الشيوعية والضرر الذي تسبب به الإعلام الأمريكي حول العمليات السرية للاستخبارات الأمريكية. لكنه يقول أيضا إن «صراع علم تحليل الشيفرات الذي حدث في الظلال وراء الظلال كان غامضا من الناحية الأخلاقية مثل أي شيء آخر يخص الحرب الباردة». في حقيقة الأمر، قامت وكالة الأمن القومي بعمل مثير للإعجاب في تعاملها مع الصراعات والمواجهات واستراتيجيات الحروب المحدودة في وجه أفق كارثة نووية. غالبية الشعب الأمريكي لم يكونوا قادرين على قبول الأخطار الحقيقية التي كانت السياسة الشيوعية التوسعية تمثلها على العالم، كما أن الاستخبارات السوفيتية (KGB) والمؤسسة العسكرية السوفيتية كانت تتمتع بنفوذ على صنع السياسة السوفيتية أكبر بكثير من نفوذ المجتمع الاستخباراتي في الولايات المتحدة.
يقدم الكتاب دراسة مشوقة تسلط الضوء على كثير من معالم السياسة المعاصرة التي تستحق الاهتمام. المواقف العدائية المتزامنة من كل من روسيا والصين تجاه الولايات المتحدة تبين أن الوضع الاستراتيجي لأمريكا يواجه تحديات حاليا أكثر من أي وقت مضى، ولذلك فإن من الضروري معرفة كيفية الاستفادة من العمليات الاستخباراتية للدفاع عن المصالح القومية.
ملاحق تقنية
باختصار، يتحدث ستيفن بوديانسكي، وهو خبير متمرس في علم تحليل الشيفرة، في الكتاب عن كيفية نشوء وكالة الأمن القومي من الجذور في الحرب العالمية الثانية مرورا بسقوط برلين والأحداث التي ترافقت مع ذلك الحدث وتلته. ويبين بوديانسكي التحديات التي واجهها خبراء تحليل الشيفرة وكيف تمكنوا من فك بعض أكثر الشيفرات تعقيدا في القرن العشرين. ومن خلال اطلاعه على وثائق جديدة، يوضح الكاتب نجاحات وإخفاقات الوكالة خلال الحرب الباردة، كما يقدم تقييما لعمل وكالة الأمن القومي في هذه المرحلة، خاصة في ضوء ما كشفه عميل الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن أخيرا عن نشاطات أجهزة الاستخبارات الأمريكية. يبين بوديانسكي هوس الوكالة بتوثيق كل جزئية من البيانات التي تحصل عليها وفك وتحليل كل إشارة لا سلكية أو الكترونية. يضم الكتاب مجموعة من الملاحق التي تشرح التفاصيل التقنية للشيفرات السوفيتية وكيف فكت وفهم أسرارها.
ستيفن بوديانسكي مراسل شؤون الأمن القومي للشركة الإعلامية «يو إس نيوز اند ورلد ريبورت»، ومدير مكتب واشنطن لمجلة «ناتشر» ومحرر مجلة «الحرب العالمية الثانية». نشر ستة كتب عن تاريخ الاستخبارات والجيش، ويلقي محاضرات باستمرار حول هذا الموضوع، كما ينشر مقالات في صحف كثيرة بما في ذلك نيويورك تايمز وورلد ستريت جورنال.