خليل الشريف

لماذا نؤجل السعادة؟

الاحد - 04 أكتوبر 2020

Sun - 04 Oct 2020

يتفق الجميع على أن السعادة أحد أهم أهداف الحياة إن لم تكن أولها، ومن المؤسف أن كثيرين منا يؤجلون سعادتهم باستمرار دون وعي أو قصد، فهم دائما يحاولون إقناع أنفسهم أنهم سوف يكونون سعداء ذات يوم حين تخطي عقبة ما. فمثلا البعض منا يقول: إنهم سوف يكونون سعداء عندما ينهون دراستهم.

أو عند حصولهم على وظيفة أو ترقية. ويأملون أن الحياة سوف تكون أفضل عندما يتزوجون ويصبح لديهم أطفال. وعندما يتحقق ذلك ويرزقون بالأطفال يبدؤون بانتظار أن يكبر هؤلاء الأطفال من أجل أن يعتمدوا على أنفسهم. وبعد ذلك يصابون بالإحباط عندما يصبح لديهم مراهقون لا يعرفون كيف يتعاملون معهم. وبالطبع سوف يعتقدون أن السعادة بانتظارهم هناك عندما يتخطى أبناؤهم هذه المرحلة.

نقول لأنفسنا إن حياتنا سوف تكون مثالية عندما نمتلك منزلا، أو عند توافقنا في حياتنا الأسرية، أو عندما نحصل على سيارة جديدة أو نقضي إجازة في مكان جميل، أو عندما نحال إلى التقاعد وهكذا.

والحقيقة أن الحياة، أثناء تلك الأماني التي لا تنتهي، تبقى متواصلة وكما ذكر ريتشارد كارلسون «ليس هناك وقت يجدر بنا أن نكون فيه سعداء سوى الوقت الذي نحياه الآن»، وهذا صحيح، فإن لم نكن سعداء الآن، فمتى؟ عندما تقرر أن السعادة تكون في المستقبل فإنك تجعل من الحاضر حالة من الانتظار الممل، بينما تكمن حياتك الحقيقية في اللحظة الحالية، إن أخطر ما يمكن أن يجعلك تفقد لحظات عمرك هو التمدد عبر الزمن، سواء تجاه الماضي أو تجاه المستقبل، يؤكد ذلك ما يقوله جون لينون «الحياة هي ما يحدث لك في أثناء انشغالك بالتخطيط لشؤون أخرى».

إن التحديات في الحياة لن تنتهي، والتطلعات لن تتوقف، ومن الأفضل لنا أن ندرك ذلك الآن، وأن نقرر أن نكون سعداء بأي طريقة. ومن أكثر الأقوال التي تصف ذلك ما قاله ألفريد دي سوازا «لقد ظللت أعتقد لوقت طويل أن الحياة الحقيقية لم تبدأ بعد، ولكن كان لا يزال هناك بعض العوائق التي يجب تخطيها أولا، كعمل لم أكمله مثلا، أو وقت ما أزال في حاجة لقضائه، أو دين يجب أن أدفعه. بعد هذا كله يمكن أن تبدأ الحياة الحقيقية. وفي النهاية أدركت أن كل هذه العوائق ما هي إلا حياتي نفسها!». وكما يقرر ريتشارد كارلسون عن هذه الحقيقة الجوهرية «لا توجد طريقة تقودك إلى السعادة، إنما السعادة نفسها هي الطريقة».