شاهر النهاري

عيد واحد.. عشرة.. مليون

السبت - 09 يوليو 2016

Sat - 09 Jul 2016

البشر ليسوا سواء في شيء وإن تقاربت صفاتهم لدرجات عظيمة، مما يجعل التصنيف مختلا مهما حاولنا رسم الخطوط البيانية، ومهما استخدمنا المقاسات والإحصاءات الدقيقة، فنظل نشاهد التباينات، بين شخص وآخر، وبين طبقة اجتماعية وطبقة أخرى، بل وبين مختلف شرائح تلك الطبقات، ولكنا نظل نستخدم الأرقام والمقاسات، والبيانات، ونحدد بها كنه الشخص، بحسب جماعة يتوافقون معه في تلك الميزة، إلى أقرب حد.

نظرتنا للمال ليست واحدة، ويدخل فيها الحالة النفسية، فالبخيل لا يمكن أن يقارن بالكريم، وكلاهما لا يقارنان بالمسرف؛ والنشأة لها تأثير، وقد يكون لها أثر عكسي فنجد الابن عكس أبيه في شأن التعامل مع المال، مع عدم وجود قاعدة ثابتة فيها.

والتربية والظروف النفسية والاجتماعية لها تأثيرات على ثقافة الشخص، أثناء تعامله مع المال، ويصعب وضع نظريات ثابتة في هذا المجال، ولكن من السهل وضع بعض المقاييس غير الملزمة، والتي تكاد أن تكون صادقة، مثل أن نقسم المجتمع إلى طبقات بشأن نظرتهم للمال، فنجد طبقة من البشر يكون للريال أثر كبير في حياتهم، ونراهم لفقرهم، ولظروفهم شديدة الضيق يحسبونها بالريال، لمعرفتهم بأن ريالا واحدا يفرق بوجوده من عدمه عند مناطق الجوع، ومناطق العطش، وعند الحصول على فرصة ولو صغيرة، بتعديل وضع معيشي يحياه الشخص ضمن هذه الفئة الفقيرة.

وننتقل لطبقة أعلى وأكثر قدرة على امتلاك المال، فنجد العشرة ريالات في محيطهم، وفي ثقافتهم وفي أمنياتهم تعادل مستوى الريال عند الطبقة الأسفل؛ وبمثل ما يقوم به الفقير حين يعطي ابنه ريالا واحدا كمصروف يومي، نجد طبقة العشرة ريالات، تعطي ابنها عشرة ريالات كمصروف يومي، وكلا الطبقتين، تعتقدان بأن المبلغ كاف للابن، الذي لا يملك عادة الخيار.

وفي الطبقة الثالثة، نجد المائة ريال هي الفيصل في شؤون الحياة اليومية، فتكون المائة ريال مصروفا عقلانيا ومنطقيا يقوم الوالد بمناولته لابنه، وهو لا يشعر بأنه أعلى أو أقل مما يحتاجه طفله في يومه.

صدقوني الحال لا يتوقف عند رقم مبلغ معين بين بقية الطبقات للأعلى فنجد من يتعامل مع الألف وكأنه ريال الطبقة الأدنى، ونجد فوق ذلك من يعطي بالعشرة آلاف كمصروف يومي لطفل، ربما تجري من خلفه حاشية كبيرة، يتوزعون بينهم العشرة آلاف وكأنها ريال المعدم الفقير.

ولن أتعب رؤوسكم بالحديث عمن يشعرون بأن المليون وربما أكثر منه، هو مصروف ابنهم المدلل، والذي يعتبر أن المليون بنفس قيمة ريال الفقير.

تمتعوا أحبتي بمصروفكم أيا كانت قيمته، ولا تطغوا، وتذكروا أن غيركم يسعد بما هو أقل مما يسعدكم كثيرا، وربما أنه لا يجد مصروف الريال يوميا، وقد يتدنى المبلغ إلى ما هو أقل.

تعاملوا مع حياتكم بنوع من الوعي والرشاد، وعدم التبذير، وتخيلوا حياة غيركم، وحاولوا أن يكون جزء ولو كان بسيطا من مصروفكم عطاء نفسيا كريما لمن يقطن في فئة أقل من فئتكم.

وأرجوكم، لا تقوموا بما يقوم به بعض المهايطين، ممن يقعون في طبقة دنيا من المستوى المالي، وتجدهم يصرفون بمبالغة مرتفعة الجنون، ليتغلبوا على من يبعدون عن فئتهم بالآلاف من الريالات، عيد فطر سعيد عليكم أحبتي.