خالد بن جبر آل ابراهيم

إبحار من نوع خاص

السبت - 03 أكتوبر 2020

Sat - 03 Oct 2020

يقول علي بن أبي طالب: وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر. لا شك أن عينك سقطت مرارا وتكرارا على هذه المقولة المتداولة في كل مكان، وما يسعنا سوى أن نقف أمامها محتارين في كيف اختزلت سر الإنسان في جملة واحدة من بضع كلمات.

ما زالت رحلتنا في التنقيب في الذات البشرية المحيرة مستمرة، هذه الذات التي لا تنفك تطلعنا كل يوم على أسرار وعجائب تضرب بمنطقنا عرض الحائط، وتضع العلم والتكنولوجيا والطب المادي في قفص الاتهام، لقدرتها على التشافي الذاتي وتجاوز الصعاب واستمداد كل الطاقات التي تحتاجها من مكونات هذا الكون الفسيح.

إن الإنسان في المبدأ العام يختزل كل أنواع الإبداع والإلهام والاختراع، وكرما من الله نفخ فيه من روحه وجعل زاده التأمل والتفكر والتدبر في ذاته، وفي العالم المحيط به، وكلما ازداد تفاعل هذه المكونات استطاع الإنسان طبخ ألذ الوسائل وأفضل القواعد يسري عليها في حياته بأكملها.

اليوم وعلى حين غرة، وجدت البشرية نفسها أمام عديد من المعضلات عجزت عن حلها، وبعض الأمراض التي ظهرت منذ زمن بعيد ولم يسطع الطب الحديث التوصل بالدواء المناسب لها.

يوما ما قرأت عن بعض الحالات المصابة بالسرطان، والتي استطاعت في غضون سنة أن تتشافى دون حصص الكيماوي المؤلمة ولا الإبر الحادة، بل وصلوا إلى التشافي الذاتي عن طريق الرجوع إلى الأصل، إلى الأكل الطبيعي والرياضة والتأمل وسط الطبيعة الأم، في اتصال تام مع خالق هذا الكون عز وجل، وهم على يقين أن كل شيء ينطوي فيهم.

هذه كلها أمور تحير العقل المادي الذي اعتاد البحث عن الدليل ومعاينة الأشياء، لكن من تخطى مرحلة الشهادة ووصل مرحلة الإيمان، سيكفيه التفكر والتدبر في هذه الحقائق ليؤمن ويسلم بالآيات التي تسكنه والعجائب التي يصورها هذا الكون بشكل لحظي.

كل ما تراه أمام عينيك الآن لو فكرت في مصدره ستجد أن الأمر بدأ بفكرة ملهمة آمن بها صاحبها فأصبحت حقيقة ملموسة، ولو عدنا للتفكر في أصل تلك الفكرة في حد ذاتها سنخلص إلى أنها وحي من الله يبينه لمن تأمل في خلقه وآمن بأنه يسع هذا الكون بأكمله.

إن من يتدبر في الحياة سيقتنع بأنها ليست مملة لدرجة تجعله يتجاهلها. من حاول أن يكون سالكا للطريق لا معرقلا، ومن حاول اكتشاف خباياها وجانبها المنير، سيصل حتما إلى درجة الرضا والاكتفاء بما أعطته إياه من نعم وقدرات.