حتى لا يصبح النسخ واللصق ثقافة!
الخميس - 01 أكتوبر 2020
Thu - 01 Oct 2020
هناك ممارسات تصنع من مفهوم النسخ واللصق ثقافة، وهذه الثقافة السلبية إن وجدت تجعل من الإبداع creativity أمرا مخيفا وغير مقبول. أتذكر جيدا ما كان يقوله لي مدرس الرياضيات في المرحلة المتوسطة، كان يقول لي (لا تتفلسف وحل الواجب مثل طريقة الكتاب ... فاهم؟)، وأذكر أيضا أن أستاذ الفيزياء في الثانوية كان يتعامل بهذه الطريقة: (أيه اللي هببته دا، الطالب: طريقة سهلة تؤدي إلى نفس النتيجة، الأستاذ: جاوب زي البني آدمين، مش عايزين إبداعات)، لا تتفلسف ولا تبدع. من وجهة نظر شخصية أرى أن هناك ثلاث جهات مسؤولة عن تعزيز مفهوم النسخ واللصق -جراء سلوكها السلبي- وهي التعليم والتجارة وبيئة العمل.
إن إصرار التعليم بكل فروعه ومستوياته على تدريس مناهج أكل الدهر عليها وشرب هو نوع من أشكال النسخ واللصق، في حين نرى أن أغلب الجامعات العالمية المرموقة تعتمد على دراسة أوراق وأبحاث ونظريات جديدة، هذه من ناحية المواد أما من ناحية الفكر، فلابد أن تكون مساحة التفكير غير مقتصرة على طرق الكتاب ولا منحصرة داخل دائرة فهم ووعي المدرس. إن النسخ في بعض الجامعات وصل إلى مرحلة نسخ الاسم وليس فقط الفكرة، حيث نرى مسمى «وادي ... للتقنية» قد انتشر بشكل كبير، منسوخا من اسم وادي السليكون في أمريكا.
أما التجارة فحدث ولا حرج، فبمجرد أن تفتح مغسلة ملابس وتبدأ في تحصيل الأرباح حتى يبدأ الجميع في الاستثمار في ذات المجال، إلى أن تجد أن الحي قد أصبح مكتظا بمحلات غسيل الملابس. رأس مال جبان لا يعترف بالإبداع بل يهرب منه، لكن وبمجرد أن تظهر ثمار ذلك الإبداع، يحضر المستثمر إما ليشارك المبدع في أرباحه أو ليبدأ في عملية نسخ فكرته ولصقها -أمام متجره- حتى ينافسه في فكرته بشكل قوي.
أما بيئة العمل، فنجد أن بعض المديرين في كلا القطاعين العام والخاص يتخوفون من الإبداع والابتكار، سؤالهم الذي يتفقون عليه دائما (مين عمل نفس الفكرة قبل كذا)!. يتغنون بعبارة «التفكير خارج الصندوق» والبعض منهم في الحقيقة «صندوق»، تفكيرهم -في أحسن الأحوال- لا يتجاوز نسخ الأفكار الناجحة وإلصاقها في بيئة العمل التي يتولون إدارتها. وإذا ألح المبدع على أحدهم رد عليه، لا توجد ميزانية، المبدع: لا حاجة لميزانية، المدير: هذه الطريقة ممنوعة حسب الأنظمة، المبدع: لقد راجعت الأنظمة .. لا شيء يمنع، المدير: والنهاية معك!
إن الأسلوب التقليدي في التوسع يعد أيضا عملية نسخ ولصق، فتكبير حجم مطار على سبيل المثال بدلا من الابتكار في الخدمات واستغلال المساحات يعد نسخا للمنظومة السابقة وإلصاقا لها في مساحات جديدة. وأن تزيد في عدد شركات العمرة لاستيعاب عدد أكبر من المعتمرين يعد أيضا نسخا لفكرة قديمة، في حين كان من الأجدى أن تعطى للإبداع مساحة أكبر.
وجود الابتكارات والإبداعات دليل على رقي المجتمع وازدهاره، وهي أيضا قوة ناعمة للدولة تزيد من حضورها وتعزز مكانتها بين باقي الدول.
@ALSHAHRANI_1400
إن إصرار التعليم بكل فروعه ومستوياته على تدريس مناهج أكل الدهر عليها وشرب هو نوع من أشكال النسخ واللصق، في حين نرى أن أغلب الجامعات العالمية المرموقة تعتمد على دراسة أوراق وأبحاث ونظريات جديدة، هذه من ناحية المواد أما من ناحية الفكر، فلابد أن تكون مساحة التفكير غير مقتصرة على طرق الكتاب ولا منحصرة داخل دائرة فهم ووعي المدرس. إن النسخ في بعض الجامعات وصل إلى مرحلة نسخ الاسم وليس فقط الفكرة، حيث نرى مسمى «وادي ... للتقنية» قد انتشر بشكل كبير، منسوخا من اسم وادي السليكون في أمريكا.
أما التجارة فحدث ولا حرج، فبمجرد أن تفتح مغسلة ملابس وتبدأ في تحصيل الأرباح حتى يبدأ الجميع في الاستثمار في ذات المجال، إلى أن تجد أن الحي قد أصبح مكتظا بمحلات غسيل الملابس. رأس مال جبان لا يعترف بالإبداع بل يهرب منه، لكن وبمجرد أن تظهر ثمار ذلك الإبداع، يحضر المستثمر إما ليشارك المبدع في أرباحه أو ليبدأ في عملية نسخ فكرته ولصقها -أمام متجره- حتى ينافسه في فكرته بشكل قوي.
أما بيئة العمل، فنجد أن بعض المديرين في كلا القطاعين العام والخاص يتخوفون من الإبداع والابتكار، سؤالهم الذي يتفقون عليه دائما (مين عمل نفس الفكرة قبل كذا)!. يتغنون بعبارة «التفكير خارج الصندوق» والبعض منهم في الحقيقة «صندوق»، تفكيرهم -في أحسن الأحوال- لا يتجاوز نسخ الأفكار الناجحة وإلصاقها في بيئة العمل التي يتولون إدارتها. وإذا ألح المبدع على أحدهم رد عليه، لا توجد ميزانية، المبدع: لا حاجة لميزانية، المدير: هذه الطريقة ممنوعة حسب الأنظمة، المبدع: لقد راجعت الأنظمة .. لا شيء يمنع، المدير: والنهاية معك!
إن الأسلوب التقليدي في التوسع يعد أيضا عملية نسخ ولصق، فتكبير حجم مطار على سبيل المثال بدلا من الابتكار في الخدمات واستغلال المساحات يعد نسخا للمنظومة السابقة وإلصاقا لها في مساحات جديدة. وأن تزيد في عدد شركات العمرة لاستيعاب عدد أكبر من المعتمرين يعد أيضا نسخا لفكرة قديمة، في حين كان من الأجدى أن تعطى للإبداع مساحة أكبر.
وجود الابتكارات والإبداعات دليل على رقي المجتمع وازدهاره، وهي أيضا قوة ناعمة للدولة تزيد من حضورها وتعزز مكانتها بين باقي الدول.
@ALSHAHRANI_1400