محمد الأحمدي

المحفظة الاستثمارية في الصحة المدرسية

الثلاثاء - 29 سبتمبر 2020

Tue - 29 Sep 2020

التغذية المدرسية ركيزة رئيسية في تنمية السلوك الغذائي السليم للطفل، وجزء من عملية تنمية مهاراته الغذائية التي تنعكس عليه طيلة حياته، وتؤثر على إنتاجيته المستقبلية، ومستوى صحة المجتمع. فمرحلة تكوين القيم الصحيحة والسلوكيات الطويلة مهمة خير من يقوم بها المدرسة.

بلمحة على تاريخ التغذية المدرسية في أنظمة التعليم العالمية حيث تصنع مملكتنا نموذجها الفريد مستفيدة من تجارب العالم، نبدأ بميونخ في ألمانيا عام 1790م التي قدمت أولى الوجبات الغذائية المدرسية. ومنذ 1906م نوقش أمر التغذية المدرسية في التعليم في بريطانيا، فقدمت الوجبات الغذائية المجانية للأطفال الفقراء عام 1879 بمانشستر لرفع مستوى صحتهم. ثم في عام 1941م طورت نظام سياسية الحصص الغذائية المدرسية المتوازنة. واستوردت النرويج الغذاء المدرسي من السويد لتغذية طلاب التعليم في حقبة الحرب العالمية الثانية. وتقدم السويد وأستونيا وفنلندا الوجبات المدرسية الساخنة مجانا لطلاب التعليم الإلزامي، بينما تقدم فرنسا وإيطاليا واليابان وأمريكا وبريطانيا الوجبات المدرسية برسوم مخفضة، وأحيانا تقدم الوجبات الغذائية كمنح مجانية لمراحل التعليم الأولى.

أما في المملكة فمنذ نشأة التعليم النظامي صاحبه التفكير في تقديم تغذية مدرسية للطلاب في مختلف المراحل التعليمية، ففي 1397هـ وزعت الحكومة السعودية الحصص الغذائية المتزنة على المتعلمين. وبدأت تنمو تلك التجربة إلى العصر الحالي، الذي توج بوجود إدارة الشؤون الصحية المدرسية التابعة لوكالة الشؤون المدرسية في وزارة التعليم. وهذا مؤشر على حرص القيادة والمسؤولين بالتعليم على صحة المتعلمين والكادر التعليمي، ولذا فهي تملك صلاحية التواصل مع اللجان الوطنية للصحة المدرسية بالمناطق والمحافظات، والتنسيق مع وزارة الصحة، وسأضيف أنها بحاجة إلى التواصل مع الإدارة العامة للاستثمار والتخصيص المرتبطة بالوزير مباشرة، مما يسهل عملية التطوير المنشود.

المدارس غير قادرة على إيجاد المستثمر بعيد المدى في المرحلة الحالية، الذي يقدم الخدمات الغذائية للطلاب بشكل يحقق طموح القيادة الحكيمة والوزارة وولي الأمر، ولذا تتدنى الخدمات الغذائية المدرسية.

التغذية المدرسية في ظل التطور المتسارع للتعليم في المملكة بحاجة لخطة تنفيذية إجرائية عامة لتقدم الطبق الغذاء المدرسي المتوازن، الذي يسهم في تحقيق المؤشرات الصحية لوزارة الصحة، ويصب في رفع جودة الحياة في المملكة، وزيادة مستوى متوسط العمر للمواطن السعودي، ورفع تصنيف النظام التعليمي السعودي عالميا بتحقيق لائحة التغذية المدرسية المتزنة. كما أن تنمية العادات الصحية المتزنة للأجيال ستقلص الرعاية الطبية أو تأخيرها لمراحل عمرية متأخرة.

من المناسب للمرحلة الثانوية التي تمر بتطوير البرامج وتحديث هيكلها ليتوافق مع متطلبات القرن الحديث، أن تقدم التغذية المدرسية لمتعلمي المرحلة الثانوية بطريقة التغذية الجامعية في الجامعات السعودية كالبوفيهات المفتوحة، والشراكات مع المؤسسات الغذائية المختلفة كالمطاعم، والكافيات وفق قواعد الحصص الغذائية المتوازنة ستحقق رفع جودة الغذاء المدرسي، وتمهد المتعلم للحياة في المستقبل في المراحل الجامعية. وهذا بدوره سيزيد ربط المتعلم بالبيئة التعليمية، وتعزيز الولاء لها لتحقيق احتياجاته الغذائية بالإضافة للعملية التعليمية، وتقليل التسرب الدراسي.

إن فكرة تنظيم المطعم المدرسي الصحي الخاضع للاشتراطات الغذائية الصحية قادرة على جلب الاستثمارات للوزارة عند تنظيم عملية الدخل المتوقع للمستثمرين في القطاع الخاص. فإنشاء نظام محاسبي ينظم العلاقة بين ولي الأمر ومسؤولي التغذية بالمدرسة الذي يمكن ولي الأمر من الشراء المسبق للوجبات الغذائية الساخنة لأطفاله؛ يسهل المهمة على الطفل وعلى المؤسسة ويزيل عبء المحاسبة اليدوية الروتينية، ويكون نظاما محاسبيا تحت مظلة رسمية تستطيع من خلاله الوزارة التفاوض مع المستثمر، وتقديم المنح لمستحقي الدعم من فئات المجتمع كمستفيدي الضمان الاجتماعي بشراء حصصهم الغذائية لمدة عام دراسي. وتقديم خدمة راقية في مؤسسات التعليم التي تعد محضنا لصناعة القيم والأخلاق.

آخر إحصاءات التعليم تشير إلى نحو 6 ملايين طالب وطالبة، وبمعدل وجبة غذائية واحدة متكاملة تقدر بمبلغ 5 ريالات يوميا يكون الدخل اليومي لهذا الرقم 30 مليون ريال، أو 5 مليارات و310 ملايين ريال للسنة الدراسية المكونة من 177 يوما دراسيا، وبهذا يكلف الطفل الواحد الأسرة 855 ريالا في السنة الدراسية. وفي ظل توجيه الدعم لمستحقيه فإن الوزارة ستستقبل المنح والتبرعات الحكومية والفردية لتغذية الأطفال المستحقين.

@alahmadim2010