مشعل أباالودع

من وحي الإلهام

الثلاثاء - 29 سبتمبر 2020

Tue - 29 Sep 2020

هل تساءلت يوما: من أين يا ترى تأتينا تلك الأفكار الملهمة، التي تقودنا إلى الإبداع وإبراز الفن والمواهب؟ من أين لنا بتلك الرغبة الجامحة في خط حروف توقف المنطق عن العمل؟ من أين لنا بتلك الطاقة التي تسري في اليد وتجعلها ترسم لوحة ينبهر أمامها الجميع؟

هي سلسلة مترابطة من العناصر، فكلما تأملنا أكثر في الطبيعة الأم وما تهدينا من ظواهر خارقة، حينها تبدأ حواسنا في الاشتغال وتغدو المنبهات مشتعلة بشكل مستمر، ومن هنا تستيقظ حاستنا السادسة، فيصبح بعدها استقبال كل المؤشرات سهلا وميسرا.

من المفروض أن يبحث الإنسان عن الإلهام في داخله، ليخرج ما في جعبته من طاقات وأفكار استثنائية، تنوره عن حقيقته وترافقه في رحلته للبحث عن المعنى وعن رسالته في الحياة، على العكس من ذلك، عندما يبحث المرء عن الملهمات في الخارج، فذلك لن يكون سوى مردود من وحي التقليد يأتي تحت قشرة وهم الإلهام.

رجوعا إلى الطبيعة الأم، والتي اعتبرها شخصيا من أهم السبل التي توصلنا لأعماقنا، عندما نتأمل في السماء وفي حركة السحاب والرياح القادمة من كل الجهات، وفي الشهيق والزفير ونحن في تناغم وانسجام تلك الرياح، فيبدو الأمر كرقصة التانغو، تأخذ فيها عملية التنفس وتعطي... حينها سنصل إلى جوهرنا وسنعي أننا مرتبطون بنفس المصدر ونفس الطريق... سنستشعر اسم الله الواسع، الذي وسع السماء والأرض والبشر.

إن الرجوع إلى مضامين هذا الكون الفسيح ومكوناته يدخلنا مباشرة في حالة من السكون واليقين. أولا نتيقن بأن الوجود يستحيل أن يكون من عدم، وبعدها نشهد حقا أن لا إله إلا الله قولا وفعلا وعملا، وبهذا تسقط كل الحواجز والشكوك والظنون السيئة التي كانت تكبلنا في الماضي، ونعلم أن رحمة الله تتجلى في كل شيء وكل مكان، وأن من سخر للطير الصغير التوازن ليحلق في الأعالي، سيرزقنا من حيث لا ندري وسيبلغنا المراد في أقرب الآجال إن شاء تعالى.

هذا الرجوع هو نفسه الذي يبين لنا أن كل إنجازاتنا المبهرة ليست من وحي الصدفة، بل مصدرها الإلهام الذي يضعه الله في قلب عبده ويقوده إلى صنع المستحيل، تخليدا لاسمه العظيم، وتخليدا له وبرهانا على عظمته لمن يتفكرون.