عبدالله قاسم العنزي

جريمة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات والأفراح

الاثنين - 28 سبتمبر 2020

Mon - 28 Sep 2020

إن البحث عن لحظة الفرح التي يجتمع فيها الأصدقاء والأهل والأحبة، يمثل مطلبا طبيعيا وضروريا للإنسان في كل مكان، حتى يجدد حيويته وطاقته الروحية في مواجهة تحديات الحياة اليومية، ولكن تعبيرنا عن هذا الفرح في مجتمعنا يأخذ مظاهر ليست سلبية فحسب بل خطيرة!

لدينا في المملكة العربية السعودية حالة غريبة تحدث باستمرار، وهي حالة قيام البعض - وهم ليسوا قلة - بإطلاق الأعيرة النارية في السماء أو بطريقة عشوائية في المناسبات، بحجة إظهار الفرح والاحتفاء والاحتفال، وهي حالة تخلف وتشكل خطورة بالغة على المجتمع والناس، بل قد تعكر صفو المناسبة، وربما تحولها إلى مأساة ليذهب جراء هذا السلوك الأرعن أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم جاؤوا ليحتفلوا بمناسبة عزيزة عليهم.

واللجوء إلى هذه الظاهرة إنما دافعه التباهي والتفاخر وحب الظهور بحمل السلاح، وهذه الظاهرة باتت مشهدا مألوفا وظاهرة مقلقة وسلبية جدا في مجتمعنا، ويرجع ذلك إلى عدم التقدير الصحيح من قبل بعض الأشخاص للمخاطر التي يمكن أن تلحق بهم وبمن حولهم عند طلاقهم النار بداعي الفرح والابتهاج.

صدر قرار معالي النائب العام رقم (1) وتاريخ 01 / 01 /1442هـ القاضي بتحديد الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، استنادا للمادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية، والذي اعتبر مجرما إطلاق النار من سلاح ناري في المناسبات.

ومن وجهة نظري أرى أنه حال وقعت وفاة أحد الحضور في مناسبة الفرح أو إصابته إصابة بالغة فإنه لا يمكن عدها جريمة من جرائم الخطأ في ذاتها، لأسباب عدة، منها:

  • أولا: مطلق النار أو مستخدم السلاح الناري لا يمكن عده جاهلا بنتيجة وأثر عملية إطلاق النار، ومآل الرصاصات المنطلقة من فوهة سلاحه، ولا يمكن الأخذ بدفعه بأنه لم يكن يعلم بأنها سوف تصيب أحدهم في مقتل.

  • ثانيا: مطلق الرصاص في هكذا حالات لا يهتم بالنتيجة بقدر انتشائه بمظاهر الابتهاج الهستيرية التي تحوزه وتسيطر عليه.

  • ثالثا: مجرد إطلاق النار في مناطق مأهولة بالسكان جريمة جنائية، وليست مخالفة ولا خطأ ناجما عن رعونة آنية.


ومن تسبب في قتل شخص أو في جرحه أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للأنظمة الصادرة في منع إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات؛ لا يعد شخصا مخطأ بالمعنى الدقيق، إنما يعد شخصا جانيا فاعلا لجريمة كبيرة.

إن حدوث مثل هذا السلوك وتكراره دون محاسبة ودون التعرض له بالانتقاد والمنع من قبل أفراد المجتمع؛ ينطوي على تمجيد هذا السلوك المذموم، وسيترك أثرا على النشء الذين هم في طور التعلم والنمو السلوكي، ويجعل بعضهم يتطلع إلى التقليد والمحاكاة ما يرى أنه محل إعجاب وتقدير من الآخرين، وأعتقد أنه بات ضروريا إعادة ترميم منظومة القيم المجتمعية التي تحمي وتحصن الناس والمجتمع من المظاهر السلبية أو بعضها.

expert_55@