عبدالله الأعرج

دقيقتان فقط لإنهاء علاقة!

الاحد - 27 سبتمبر 2020

Sun - 27 Sep 2020

تماما كما يشير عنوان المقال، دقيقتان، أي 120 ثانية، كانتا كافيتين لإنهاء علاقة مع أشخاص دونما تردد أو شعور بأي حرج وربما ندم!

دعوني أسرد قصتي مع الوقت في البداية، فأنا بايولوجيا ونفسيا وقل ما شئت شخص لديه حساسية وربما (أكزيما) مع أولئك الذين لا يقدرون الوقت إلى حد تقديس كل ثانية فيه! ومن عايشني وعارك الحياة معي من الأقارب والأصدقاء والزملاء يعي تماما أن قدح زناد انفعالاتي غير المحسوبة يأتي من بوابة اسمها (عدم الالتزام بالوقت)!

ولأن أيام الإنسان في هذه الحياة هي الثواني والدقائق فإنني لم أشعر يوما أنني متسرع أو متعد في قراراتي تجاه قطع علاقتي بأحدهم لأنه لا يحترم الوقت، ولا يمكن لي أن أشعر بذلك أبدا لأنني حين أتخذ ذلك القرار أدرك تماما أن السبب يتعلق بشخصية اعتبارية من الحجم المعتبر وهي (الزمن)!

قال لي أحدهم إن الأمر لا يحتاج ولا يستدعي كل تلك الصرامة، وهو يقصد أن الوقت القليل لا يعتد به في صنع العلاقات أو اتخاذ قرارات شخصية سيادية ومصيرية، كقطع علاقتك بأحدهم، وما علم محدثي أن قرارات السلم والحرب تتخذ في ثوان، وساعات الصفر تأتي بغتة، بل إنه لم يحط خبرا بأن أحمد زويل (أبو كيمياء الفيمتو) رحمه الله نال جائزة نوبل تقديرا وثناء على تجاربه الميكروسكوبية التي ترصد حركة جزيئات المادة في الجزء المتجزئ من الثانية! ثم يستهزئ محدثي وينتقص الدقيقتين ذاتي الـ 120 ثانية!

من يكون على موعد معك ثم يأتي متأخرا لسبب قاهر فهو خارج المعادلة أعلاه! وحينما أقول لسبب قاهر فأنا أقصد أنه عرض له ما أعاق وصوله إليك من نوائب الدهر، شريطة أن يكون هنالك اعتذار وإيضاح مباشر لسبب التأخير يسبق وصوله أو يبادر بطرحه من تأخر عنك قبل أن يسلم عليك!

أما التأخر (المدلل) الذي أعاق صاحبه كوب من القهوة المختصة بسبب الاصطفاف عند متجرها! أو الحديث الجانبي مع شخص آخر التهم وقته! أو التراخي في الخروج من المنزل والتنطع في ارتداء الملابس والانشغال بمكالمة هاتفية أو بوسائل التواصل الاجتماعي؛ كل هذه الأعذار وما شابهها - بالنسبة لي - ورقة طلاق فورية لأي علاقة، لأنها لا تعكس سوى استهتار أو عدم جدية أو عدم اهتمام وكلها مبررات كافية لقطع العلاقة فورا.

ويزداد الأمر سوءا حينما يكون أحدهم في حاجة شخص ما ثم ترى المحتاج «يتلكك» في الحضور ويتباطأ في التواصل، بل ويتنطع في إظهار عدم وجود أي ضرر من تصرفه، ولسان حاله يقول إن المشكلة ليست تأخري عن الموعد، بل عجلة مقدم الخدمة!

بقي أن أشير إلى أن تقديس الموعد هو تقدير لمن واعدته! وأن أؤكد أن الروابط الإنسانية في التعامل لا بد أن تبنى على الاحترام المتبادل، ومن ذروة سنامها احترام الوقت، وأن من فرط في الوقت فهو لما سواه أكثر تفريطا!

وبقي أن أختم بأن الله وهب الناس قدرات لتقدير الأولويات، فمن رأى في احترام الموعد قداسة فمرحبا به في مركب المنضبطين، ومن لم يجد في ذلك بأسا فذلك شأنه، وسيعي يوما أنه جانب الصواب، «ولتعلمن نبأه بعد حين»!

dralaaraj@