خالد بن جبر آل ابراهيم

احذر الكلمات

السبت - 26 سبتمبر 2020

Sat - 26 Sep 2020

تساءلت كثيرا كيف نقف منبهرين أمام سحر الكلمات ومندهشين أمام القوافي المنسوجة على دواوين الشعر وصفحات الروايات؟ تساءلت كيف لها أن تخضعك وتسلمك لهواك، وتعيد ترتيب ذاكرتك لتنسج على أساسها أحلامك المستقبلية؟ كيف لها أن تتحكم في مزاجك وتجعلك أسيرا لها؟

الكلمة بضعة حروف رسمت على الشفتين أو خطتها اليد على الورقة، وتحمل بين طياتها رسالة ومعنى وشعورا وزمانا ومكانا وخريطة تفكير بأكملها، لتطيح بصاحبها أو ترفعه درجات، فيتلقاها مستقبلها بكل حمولتها.

الكلمة قد تكون وسيلة لبلوغ المبتغى، وقد تكون في حد ذاتها غاية نصنع بها تاريخنا، وبذلك تكون وسيلة عندما تتوجه للتعبير عن المكنون داخلنا أو لنقل مشاعرنا، وتكون غاية عندما نختار صنعها بأنفسنا وتزيينها لتجعل منا منفردين من نوعنا وأشخاص لن يعيدهم التاريخ.

كم من الوعود صدقناها بكلمة، وكم من الأحلام بنيناها على أساس كلمة، وكم حاولنا كالمجانين اصطياد الكواكب من أجل كلمة واحدة رغبنا في الحصول عليها، وكم من أهداف بلغناها بفضل كلمة، وأخرى تخلينا عنها بسبب كلمة كذلك.

للكلمة عبقريتها الخاصة التي تستطيع أن تجعلك تؤمن بالفكرة وتصنع لنفسك واقعا يناسبك، وعلى العكس من ذلك يمكنها أن تدمرك، فكم من شخص عادت الخلايا في جسمه إلى الحياة بفضل كلمة، وآخر رمت به الأيام في إحدى المستشفيات بسبب كلمة.

تتمخض هذه الأخيرة وتنبثق من قلب إحساس خاص وتجربة خاصة، وقلما تولد من الوعي، فغالبا ما يكون اللاوعي هو المسؤول عنها، لهذا تجدنا أحيانا نفاجأ من كلمات خرجت من أفواهنا أو خطتها أنامنها.

الكلمة إصدار للحكم النهائي من طرف القاضي، ذلك الحكم الذي لا رجعة فيه، حتى لو كان حكما بالإعدام وسيكلف الشخص حياته بأكملها.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال