محمد عبدالهادي الجهني

الوطن في يومه التسعين

الأربعاء - 23 سبتمبر 2020

Wed - 23 Sep 2020

في العام التسعين ليومها الوطني تحتفل قلب جزيرة العرب وبلاد الحرمين قبلة المسلمين باليوم الوطني مستذكرة واحدا من أهم الأحداث في تاريخ الأمم، فمع انحسار الدولة الإسلامية أو ما بقي منها وفي خضم الصراع الغربي (الأوروبي) على تقاسم خيرات البلدان الإسلامية والعربية في الربع الأول من القرن الماضي بدأت المرحلة الأولى من ولادة الدولة التي سوف تبسط نفوذها على ثلثي مساحة الجزيرة العربية، وذلك على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، ففي مثل هذا اليوم الموافق 17 / 5 / 1351هـ أصدر الملك المؤسس المرسوم رقم (2716) معلنا انتهاء مرحلة التوحيد وبداية مرحلة البناء ومطلقا اسم الدولة الحديثة (المملكة العربية السعودية).

الدولة هي المعلن عنها جزيرة العرب مهبط الوحي ومهد النبوة هي الحرمان الشريفان هي مكة المكرمة والمدينة المنورة وما تعنيانه هاتان المدينتان للعالم الإسلامي.

إنها الدولة التي بحجم قارة تزيد مساحتها على مليوني كلم وتحدها سبع دول إضافة إلى البحر والخليج.

الدولة التي على مدى 30 عاما من مسيرة التوحيد حولت فيها مشاعر الإحباط إلى قوة، والهزيمة إلى نصر والفرقة إلى وحدة والوحدة إلى تكامل، تحولت فيها الفوضى التي سادت بعض أجزائها إلى أمن وأمان، مرحلة انتقل فيها أبناؤها من الثارات والنعرات القبلية والنزاعات الطائفية إلى الأخوة والمحبة والتسامح والوئام، مما أنتج حالة من الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي في ظل ما أنعم الله به على هذه البلاد من خيرات ونعم لا تعد ولا تحصى متجاوزة عديدا من أزماتها الاقتصادية والسياسية والأمنية بعد أن تحقق لها التكامل والوحدة وأزيلت الفرقة والتفكك.

وتكمن أهمية هذا اليوم في تذكير هذا الجيل بكل المصاعب التي واجهت من سبقوهم في مرحلة البناء وتذكيرهم بالأمجاد التي سطرت والإنجازات التي حققت مع غرس القيم والمفاهيم الحضارية الوطنية في نفوس النشء والأجيال الشابة، لكي يسيرو على خطى ثابتة مقدمين أفضل النماذج والصور عن بلدهم في الداخل والخارج.

اليوم الوطني حافز وداعم للعمل الجاد الطموح وفيه نستلهم العبر والدروس من القائد المؤسس وكيف وحد الشمل ولم الشتات وكيف استطاع إحالة الفرقة والتناحر إلى وحدة وتلاحم بانيا مجتمعا متسامحا متعايشا تسوده الألفة والمحبة.. وفيه رسالة واضحة بأن من كان لديه هدف ورؤية وعزيمة وهمة عالية قادر بإذن الله على الوصول إلى الغاية مهما اعترض طريقه من معوقات.

واليوم يحصد أبناء هذا الوطن ثمار توحيد هذا الكيان فقد أصبحت المملكة وفي زمن قياسي مقارنة ببعض الدول الأخرى دولة في مصاف الدول المتقدمة وإحدى الدول الكبرى التي تمتلك التأثير والقوة وإحدى أهم ركائز السلام والامن العالمي بفضل سياستها الحكيمة المعتدلة مع تميزها على بقية الدول بمكانتها وقيمتها الدينية.

لقد أحسنت القيادة صنعا بأن جعلت من اليوم الوطني يوم إجازة رسمية بعد أن كان يوم عمل ربما يمر على البعض دون الشعور به وسط مشاغل الحياة اليومية.

اليوم الوطني يجب ألا يختزل بفرحة الإجازة فحسب، إنه يوم للراحة من شقاء العمل فحب الوطن ليس شعار يقال ويردد بالحناجر، بل هو إيمان وعمل بجد وإخلاص وأمانة واستشعار للمسؤولية ليكون اليوم أفضل من الأمس والغد أفضل من اليوم، ناظرين بعين البصيرة لمستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة غير مكترثين بما يردده المغرضون والحاقدون ضدنا وضد بلادنا، فالحقيقة هي ما نشاهده من إنجازات ليس ما نسمعه من مثبطات للعزيمة. هنيئا للوطن بقيادته وشعبه وهنيئا لهم بهذا الوطن.