عبدالله زايد

تذهب بعيدا وهي ما برحت مكانها

السبت - 19 سبتمبر 2020

Sat - 19 Sep 2020

مشكلة الحكومة القطرية لا تنحصر في الجهل السياسي أو في قراءة واقعها بشكل غير صحيح فحسب، لأن هناك دولا كثيرة قد تعاني نكسات وجمودا واخفاقات سياسية، ولكنها تدرك قدراتها وتسعى للعلاج والخروج من حالة الخطأ.

المشكلة القطرية أكبر وأوسع، فصاحب القرار في الدوحة يقدس هذه الحالة الجاهلة، الفيلسوف برتراند راسل، تحدث بكلمات بليغة عن المجتمعات لكن لنسقطها على دولة مثل قطر، عندما قال «يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة، الأخطر أن ترى جهلها مقدسا» الحكومة القطرية تجاوزت الجهل وتقديسه، لأن هناك مشكلة أخرى فادحة ترتكبها الدوحة تتمثل في العمل بجهد وحماس لنشر ودعم هذا التجهيل، فهي متورطة وقابعة في هذا المستنقع وتعمل بجهد لنشر هذا التخلف في محيطها وبين الناس وفي المجتمعات العربية.

وللتأثير على الجماهير ولتمرير الجهل والإقناع به، تستخدم الأديان على اختلافها، وهي حالة تم رصدها مطولا ولها ملامحها وطرقها وأساليبها وخطابها الملتوي، وما تنظيم الإخوان الإرهابي والاستماتة في دعمه ببعيد عنا. الطبيب والفيلسوف المعروف «ابن رشد»، قال في هذا السياق كلمات بليغة قبل نحو ثمانمئة عام «التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل».

مرة أخرى لنسقط هذه الكلمات على الحكومة القطرية التي تقبع في مستنقع جاهل، تستخدم هذه التجارة الكاسدة، حيث يمكن ملاحظة كل تلك الشعارات الدينية التي ترفع، هدفها بطبيعة الحال الاستخدام في معارك أبعد ما تكون عن الدين وقيمه، والغاية توظيف هذه القيم لحشد الجموع ثم قيادتها والسيطرة عليها ولا أكثر.

إذا لم تكن الجماهير جاهلة فلا يمكن التأثير عليها، ولا يقتل الجهل ويحد من قتامته وظلاميته إلا التعليم والمعرفة.

في المجتمع الذي تنتشر فيه المعارف والثقافات وتسوده قوانين التسامح والعدالة، تجد الاستقرار والأمان والتقدم والتطور الحضاري، لذا عندما يراد ضرب أي مجتمع مزدهر ومتقدم ومتعلم، تبدأ الأصوات الانتهازية والنشاز بالتحدث عن الدين والظلم المذهبي وعدم العدالة وضياع الحقوق، وتستخدم الأكاذيب وتروج للترهات كما تفعل منصات الإعلام القطرية، حتى تكوين قاعدة من السذج الذين تم تمرير هذه الأجندة عليهم ويجري توظيفهم كأبواق سامة ضد بلادهم ومجتمعاتهم.

تظهر هذه الأصوات بلباس الوعظ والمطالبة بالحقوق، وفي اللحظة نفسها تستدعي الاحتلال الأجنبي وتتقوى بمن هو متخلف ومتراجع حضاريا وإنسانيا ليساعدها على ضرب الأهل والجيران.

الحكومة القطرية تنكر الجغرافيا والتاريخ وترفض تصديق لغة العلم والدم الواحد، تذهب بعيدا وهي ما برحت مكانها، تضر نفسها وتصيب قلبها، وغدا ستطرق أبواب جيرانها طلبا للدواء.

@abdullahzayed