شمخاني.. على خطى سليماني
الخميس - 17 سبتمبر 2020
Thu - 17 Sep 2020
ورغم تورطه في قضايا فساد ومشاريع بناء وعقارات بالمليارات، واتهام صهره بالضلوع في قضايا خطيرة، تحول الشخص الذي كانوا يطلقون عليه (عراب التقارب العربي الإيراني) إلى حامي حمى النظام الإرهابي الذي يصدر القتل والدمار للعالم كله، وباتت تصريحاته الأكثر صدامية في تركيبة الملالي الجديدة، مما يكشف عن تصاعد نفوذه، ودوره الكبير في صناعة القرار.
يكشف تقرير حديث صادر عن موقع «متحدون ضد إيران» أن شمخاني ذو الجذور العربية، بات يسير على خطى قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ويسعى أن يكون الشخص الشعبوي الأكثر جذبا بعيدا عن كرسي الرئاسة في طهران.
رجل التوازنات
يقول التقرير إن شمخاني بات في قمة السلطة، وإن تجربته في الحرس الثوري ووزارة الدفاع ثم أمينا لمجلس الأمن القوي، قد زودته بمنظور واسع يفتقر إليه اللاعبون الآخرون في النظام الإيراني، حيث أثبت أنه رجل التوازنات المقبلة، حيث يحافظ على حسن النية بين الإصلاحيين والمؤسسة الدينية وعناصر من الحرس الثوري الإيراني على حد سواء، ولأن النظام ما زال يحاول ملء الفراغ الذي خلفه مقتل سليماني، سيكون من المهم مراقبة التقدم الوظيفي لشمخاني.
بات شمخاني، أحد الاستراتيجيين البارزين في إيران، حيث تمتد أوراق اعتماده إلى مجموعة متنوعة من مراكز القوة في طهران، بما في ذلك فيلق الحرس الثوري، والجيش النظامي ووزارة الدفاع واللوجستيات، وهناك أدلة تشير إلى أن شمخاني أصبح أكثر نفوذا في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد وفاة مثله الأعلى قاسم سليماني.
شكوى ومرارة
تعرف شمخاني خلال الحرب العراقية الإيرانية عن شخصيات رئيسية في النظام، مما ساهم في صعوده، بما في ذلك مؤسس الثورة روح الله الخميني ورئيس البرلمان أكبر هاشمي رفسنجاني.
اشتكى بمرارة من فضل الله محلاتي، ممثل آية الله الخميني في الحرس الثوري الإيراني، أثناء الحرب العراقية، وقام بكتابة رسالة إلى المرشد الأعلى والاتصال بالرئيس رفسنجاني بشأن هذه القضية.
وبالمثل، في مايو 1986، أطلع رفسنجاني على «تقرير مرير عن التراجعات» مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقائد المستقبلي للقوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني محمد باقر قاليباف، وهو جيل قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية الذين شغلوا أعلى الرتب في النظام لاحقا.
مشاهد الحرب
في عام 1988، حل شمخاني مكان محسن رفيقدوست وزيرا للحرس الثوري الإيراني، لم يدم ذلك طويلا، حيث أعادت إيران تنظيم أجهزتها الأمنية في 1989 بعد تولي علي خامنئي منصب المرشد الأعلى وأصبح شمخاني قائدا للبحرية الإيرانية في ذلك الوقت.
أشار خامنئي خلال الإعلان عن تعيين شمخاني إلى أنه اختاره «لخدماته القيمة ومساعيه الكبيرة في مشاهد الحرب والمهمات المنتصرة، وواجباته الحساسة في فيلق الحرس الإيراني»، وعين شمخاني ضابطا آخر في الحرس الثوري الإيراني، عباس محتج، نائبا له في البحرية، وجاء تعيينه قائدا للبحرية في فترة حساسة كان يسعى خلالها المرشد إلى إعادة بنائها.
القيادة الثانية
حصل شمخاني على القيادة الثانية المتزامنة له كقائد للقوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني، بعدما تولى في السابق قيادة مزدوجة خلال الحرب العراقية الإيرانية عندما شغل منصب نائب القائد العام وقائد القوات البرية في الحرس الثوري.
وخلال فترة ولايته، تمسك شمخاني بالرسائل التقليدية لإيران حول الخليج العربي، حيث قال «إن وجود سفن حربية أجنبية يزعج الأمن الإقليمي»، وسلط الضوء على أولويات البحرية الإيرانية، لا سيما الحاجة إلى تعلم الدروس من الحرب الإيرانية العراقية، والمشاركة في التدريبات العسكرية، وتعزيز «الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية».
لعبة السياسة
بدأ دخوله في اللعبة السياسية عام 1997، عندما فاز الإصلاحي محمد خاتمي بالرئاسة الإيرانية، عرف الاثنان بعضهما البعض كوزراء خلال العام الأخير لإدارة مير حسين موسوي، قبل إلغاء منصب رئيس الوزراء، وفي وقت لاحق، عين خاتمي شمخاني وزيرا للدفاع.
وخلال مظاهرات الطلاب في يوليو 1999، وجد شمخاني نفسه في وضع غير مريح، اندلعت احتجاجات على قرار إغلاق إحدى الصحف الرائدة ومحاولات تشديد قانون حرية الصحافة. وسرعان ما تبع ذلك مداهمات للشرطة في جامعة طهران، مما دفع مجلس الأمن القومي الذي يديره خاتمي إلى بيان وصف الغارة بأنها «لا تطاق».
وعلى الرغم من محاولات خاتمي تهدئة الطلاب، فإن ملاحظات شمخاني العامة في ذلك الوقت شددت في الغالب على القانون والنظام، وأشار إلى أنه «سيعيد السلام بأي ثمن في إيران، تتفق جميع السلطات على أنه لا ينبغي لأحد تجاوز 3 خطوط حمراء للحكم، ولاية الفقيه، وآية الله خامنئي كرمز للخطوتين الأوليين الركائز»، واتهم شمخاني الصحافة الأجنبية باستغلال الاضطرابات الداخلية الإيرانية.
الوزير الأطول
استمر شمخاني في منصب وزير الدفاع حتى نهاية الولاية الثانية لخاتمي في 2005 وانتهى به الأمر بكونه وزير الدفاع الأطول خدمة في تاريخ إيران، وتشير دراسة استقصائية لملاحظاته العامة من ولايته الثانية إلى أنه بينما استخدم في كثير من الأحيان الرسائل القياسية من المسؤولين في إيران، إشارات إلى المؤامرات الإسرائيلية والأمريكية والولاء للمرشد الأعلى، كان شمخاني في كثير من الأحيان أكثر اعتدالا من بعض زملاء الحرس الثوري الإيراني، يركزون أكثر على الاستراتيجية أكثر من التفجير.
وخلال فترة ولايته الثانية كوزير للدفاع في 2002، استشهدت وسائل الإعلام العراقية بالتعليقات التي أدلى بها، قائلا إن الطائرات الأمريكية لن تعامل على أنها معادية إذا دخلت عن طريق الخطأ المجال الجوي الإيراني، أثناء قيامها بعمليات عسكرية ضد نظام صدام حسين في العراق، لكن وزارة الخارجية الإيرانية أوضحت لاحقا أنه لن يتم التسامح مع أي انتهاكات لمجالها الجوي.
حديث المؤامرات
حدد شمخاني استراتيجية إيران الدفاعية في وسائل الإعلام الإيرانية عام 2003، وقال إنها تستند إلى دفاع رادع استراتيجي، وفي 2005، سعى إلى طمأنة أوروبا بأن إيران ستلتزم بمدى 2000 كم لصواريخها الباليستية، زاعما أن طهران «كانت على دراية بهذه الحساسية» ولكن أي أخبار عكس ذلك كانت مؤامرة صهيونية.
حاول شمخاني تقديم نفسه كخبير استراتيجي سياسيا وعسكريا، حيث حاول الحفاظ على مصداقيته داخل الحرس الثوري الإيراني بينما كان يشغل في الوقت نفسه منصب وزير في الحكومة الإصلاحية، الذي ظل زملاؤه القدامى متشككين فيه، وكعسكري، قام بربط ملاحظاته العلنية بما يكفي من العقيدة الثورية الإيرانية حتى يتمكن من الاستمرار في البقاء والازدهار داخل أروقة السلطة، مع الاحتفاظ بمصداقيته كخبير استراتيجي.
موقف حساس
انتهى عهد خاتمي بعد فوز المتشدد محمود أحمدي نجاد في انتخابات 2005 الرئاسية، وعين شمخاني عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الذي تم تشكيله عام 2006. وعين وزير الخارجية السابق كمال خرازي رئيسا للمجلس، وأوضح أن خامنئي «شعر بنقص في استراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية، حيث يلعب المجلس دورا في سد الثغرات. بالإضافة إلى هذا الدور، فإن الروايات الصحفية من هذه الفترة صورت شمخاني كمستشار عسكري للمرشد الأعلى، وكذلك رئيس مركز القوات المسلحة الإيرانية للدراسات الاستراتيجية.
وبعد انتخابات 2009 المتنازع عليها في إيران، لاحظ المراقبون أن شمخاني لم يدن مير حسين موسوي ومهدي كروبي، رئيس الوزراء الإيراني السابق ورئيس البرلمان، اللذين واجها أحمدي نجاد في 2009، على الرغم من كونهما شخصين غير مرغوب فيهما بعد وضعهما قيد الإقامة الجبرية، ليكشف مرة أخرى عن موقف سياسي ذكي يحافظ على المصداقية بين الإصلاحيين، بينما يحمي علاقته كرجل عسكري في الوقت نفسه.
الدولة العميقة
عاد شمخاني من ظلال الدولة الإيرانية العميقة بعد فوز حسن روحاني بالرئاسة في 2013، وعين أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي، وجاء ترقيه جديرا بالملاحظة من ناحيتين:
(1) بات أول أمين لمجلس الأمن القومي ينتمي إلى الحرس الثوري الإيراني والبحرية والقوات البرية الإيرانية
(2) عينه خامنئي في وقت واحد كممثل شخصي له في مجلس الأمن القومي
وعلى الرغم من أوراق اعتماد شمخاني الممتازة ورتبته، نقلت إدارة روحاني الملف النووي من مجلس الأمن القومي إلى وزارة الخارجية برئاسة محمد جواد ظريف، حيث كان أمناء المجلس في السابق هم المفاوضين النوويين الرئيسيين لإيران، وكان حسن روحاني وعلي لاريجاني وسعيد جليلي هم الرجال الأساسيون، كما أثار تعيينه الآمال بإطلاق سراح موسوي وكروبي من الإقامة الجبرية، لكن ذلك لم يحدث حيث ما زالا خلف القضبان حتى الآن.
اتهامات فساد
شهد شمخاني صعودا إعلاميا لافتا بعد وفاة قاسم سليماني، ويتم الزج به لملء الفراغ الذي تركه قائد فيلق القدس الذي كان يتمتع بشعبية داخل إيران، حيث يجيد اللغة العربية، ولديه علاقات قوية على الارتباط بالميليشيات الموالية لإيران، وهو الأمر الذي يفتقر إليه قائد فيلق القدس الحالي إسماعيل قاني.
بعد أن ردت إيران على مقتل سليماني بإطلاق صواريخ باليستية على القوات الأمريكية في العراق، عاقبت الحكومة الأمريكية شمخاني، الأمر الذي سلط الضوء على «مشاركته وتواطئه» في الهجوم، وكانت المرة الأولى التي تعاقب فيها إدارة ترمب أمين مجلس الأمن الإيراني، وإشارة إلى أهميته، كان الوحيد الذي تمت معاقبته إلى جانب رجال خامنئي.
قام شمخاني في الشهور الماضية برحلة مهمة إلى العراق، ولعب دورا في تشكيل الحكومة، استخدم رسائل مماثلة للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، بحجة أن «العد التنازلي لطرد أمريكا من المنطقة» قد بدأ.
وبعد أيام قليلة من زيارته، وبالتحديد في 11 مارس، أسفر هجوم للميلشيات الموالية لإيران عن مقتل 3 جنود «أمريكيان وبريطاني» في دلالة على دوره المحتمل في العملية، ومع تزايد مكانته في طهران.
لم تخل فترة ولايته كأمين للمجلس القومي من الجدل، فقد اتهم رجل دين عام 2019 شمخاني وزوجته وعائلته بالتورط في معاملات تجارية فاسدة، وتحديدا مشاريع البناء والعقارات. كانت هناك اتهامات مماثلة ضد صهره بشأن البناء في لافاسان.
رحلة علي شمخاني:
• ولد عام 1955 في الأحواز
• ينحدر شمخاني من عائلة عربية عراقية، الأمر الذي يجعل صعوده داخل صفوف إيران أكثر جدارة بالملاحظة.
• بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، زار لوس أنجلوس مع والده وإخوته، لكنه غادر لاحقا، قائلا لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، «لم أوافق على الثقافة».
• درس شمخاني الهندسة في جامعة الأحواز.
• جمع أوراق اعتماد ثورية كعضو في منظمة سرية «منصورون» تحارب النظام الملكي البهلوي.
• التقى محسن رضائي، الذي أصبح لاحقا القائد العام للحرس الثوري الإيراني.
• خدم في البداية كقائد للحرس الثوري الإيراني في محافظة خوزستان.
• قام رضائي في وقت لاحق بترقية شمخاني لمنصب نائب القائد العام.
• قاد شمخاني القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، بعد أن تم تعيينه في مايو 1986.