مشعل أباالودع

ما لك بالطويلة

الأربعاء - 16 سبتمبر 2020

Wed - 16 Sep 2020

يقال إن التفكير هو ما يجعلنا نستشعر مرور الزمن، سآخذكم معي في مزاج مكتوب لأعود وإياكم إلى الزمن الجميل، حيث كنا نستشعر لطافة الحياة وبساطة الأيام، وحيث كنا نزند النار بعود الثقاب ونجتمع حولها لنغرد شدى الألحان ولنتحدث شعرا وقافية.

في بساطة تلك الأيام التي خلت ومضت ترافقنا أينما حللنا وأينما نزلنا، نلمس الفرق القائم والتغيير الطارئ. نتذكر يوم كنا نستيقظ باكرا على أصوات الطبيعة الأم، فنعانق الرياح الآتية من الجهات الأربع من هذا الكون البديع، نستنشق روائح الأعواد بالفرن التقليدي التي تحترق ببطء، ولا شيء يسرع من وتيرة الاحتراق تلك، حتى ترمي عليه الأمهات الخبز لتقدمه طريا يافعا لوجبة الفطور.

في زمن ماض كانت حياة البوادي تطغى، وكان لكل شيء طعمه الخاص، التحام قوي مع الطبيعة بكل مكوناتها؛ الأرض والسماء والجبال والواحات والوديان. بطرق تقليدية محضة كان الناس يزرعون بعض الخضراوات وأشجار النخيل، يتوكلون على الله وينوون على محصولا يغطي حاجياتهم وكفى. كان كل شيء بريئا وبسيطا، بعيدا عن الضوضاء والفوضى التي أصبحنا نعيش فيها اليوم.

كنا نجالس المساء، تحت أنوار البدر المنير، لم يكن لشيء أن يشغلنا عن الاستمتاع بالتجمعات العائلية، والسهر تحت ضوء القمر ببهو البيت. كان كل شيء يدعو إلى الحياة، ولابتداع القصائد الوجدانية والأشعار الغزلية، ورائحة القهوة المشقرة تداعب الوجدان وتحلي سهرنا أكثر.

في الزمن الماضي كان المحبون يختارون عري عشقهم مظلة للأيام والعمر بأكمله، كانت تكفيهم نية الحسنى والمحبة ليؤسسوا أسرة متناغمة تعيش على البساطة وتضمد الحنان بجملة. لم يكن للمرء حاجة أن يقدم ما يفوق طاقته ليعيش في سعادة.

كانت الحياة منظمة، وفصول السنة تأتي كاملة والخضار والفواكه في مواسمها. لم يكن الإنسان يلهث وراء السرعة والحياة النمطية، كان كل شيء يعاش في وقته ويؤكل في موسمه. كان الناس يستمتعون بكل شيء ويتذوقون طعم الافتقاد وطعم الوفرة.

صحيح أن الحياة التي نتحدث عنها لم تكن تخلو هي الأخرى من المشاكل والعقبات، لكنها كانت صافية وبسيطة، ووتيرتها منخفضة لا تسمح للتعب والكلل أن يتكدسا بين المفاصل. كانت فعلا حياة حالمة ومتألقة.