خالد بن جبر آل ابراهيم

عبدالعزيز بن فهد.. فريد الجود

السبت - 12 سبتمبر 2020

Sat - 12 Sep 2020

عهدتك نبراسا وقلبك واقد

إذا استنجد الملهوف إنك ماجد

وأنت كريم لا تبارى بالندى

ويهرب شنآن ويهزم جاحد

أراك لقلبي كالمغيث على المنى

كأنك في دنيا المصائب واحد

فلا تخش ميدانا وأنت أميره

وأنت أمام النائبات تعاهد

... ..

هكذا أنت أيها القادم على غيمة لتمتطي حصان المجهول الذاهب إلى الأبد كسائر الكرماء الذين حفظهم التاريخ درسا، ولقنه إلى البشرية فظل حاتم الطائي مغيثا لقومه إلى يومنا هذا ولا زلت يا سيدي شأنك شأن الفرسان كريما شهما أبيا في زمن صعب، وهذا زمن لا يتحمله إلا كبار النفوس وأصحاب الهمة العالية.

لهذا وذاك يسعدني أن أكون قريبا منك وأرى نورك المبارك الذي لا يتمكن منه إلا الكرماء والطيبون أمثالك وهم قلة، فلا قريب ولا بعيد يمكن أن يشك من قدر أنت بنيته على همة العلياء محاطا بشرف الكرامة وأهل للكرم.

ولا بد أن تعلم أيها الوارف الذي يستظل بفيئك المتعبون أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا فأنت لكثرة الخير الذي تحبه لسواك محفوظ بحماية خالق ديدنه أن يصون الكرماء لتكون الأرض بخير برغم كل شيء.

وأريد أيها الأصيل أن يعرف التاريخ أنك تغيث الملهوف ولا ترد مظلوما وأنت لا غالب لك إلى الخير، وها قد سبقت الرجال وهم على غاية أهميتهم ومكانتهم كأنك ذلك الجواد البهي المقدام الكريم الذي سبق أقرانه لتكون أول من يفعل الخير لينطبق عليهم قول النابغة الذبياني إلى الملك النعمان بن المنذر:

فليس على جرحي سواك مهدهدا

وفي كل بلوى يا كبير تساند

سبقت الرجال الباهشين إلى العلى

كسبق الجواد اصطاد قبل الطوارد

علوت معدا نائلا ونكاية

فأنت لغيث الحمد أول رائد

..

وتعلم أنك ابن من كان يشبه البحر في عطائه حين يدعو الناس إلى سكينته فيلجؤون إلى هدوئه وسعته، ويشبهه أيضا إذا غضب هذا البحر فهاج رعبا وموجا، لتكون كل ملوك الأرض خائفة وخاشعة له فينطبق عليه قول المتنبي:

هو البحر غص فيه إذا كان ساكنا

على الدر واحذره إذا كان مزبدا

فإني رأيت البحر يعثر بالفتى

وهذا الذي يأتي الفتى متعمدا

تظل ملوك الأرض خاشعة له

تفارقه هلكى وتلقاه سجدا

..

هكذا أنت ووالدك في فرائد التاريخ ليتشرف زمن مرت عليه نوائب ونكبات فلولا أمثالكم لكان البلاء خطيرا

وليس غريبا يا بن الفهد الذي تجاوز الملوك لتكون أنت عزيزه المقدام ونديه الأنبل فأنت الثابت ابن الأصيل المتحدر والمتجذر إلى سلالة شماء أهم ما أحب قوله لك

..

إذا نلت منك الود فالكل هينٌ

وكل الذي فوق التراب تراب

ولو كتبت عنك عمرا بكامله لظل قلمي يقطر لهفة، وأنا أحاول أن أرسم شخصك وأبقى مقصرا ...

أيها القادم مع رف غيوم تبشر دائما بالغدق والندى والنور كم تألمت لأولئك الذين لا يجدون أحدا يلمس جراحهم ويسمع شكواهم، فجئت تجبر خواطرهم بكل ما أوتيت من وفاء وتنقلت بهم إلى حيث يأخذ الله بيدهم كأن حدسك أبهى من الغيوم وأكرم من المطر لهذا كان اسمك أخضر الحضور في قلوب أولئك المتوجعين.

لم تكن ناسيا أبدا الواجب الذي جعلك تنشر ذكرى الله في كل أنحاء العالم فلا يوجد مكانٌ إلا وقلت للجهلاء هكذا تجدون النور، وهكذا تصلون إلى الجنان الوارفة، وأنتم في خلود المحبة متحملا عبء كل ما يجب أن يكون فلا يخونك كرم ولا يتعبك شقاء.

وليس هذا فحسب بل جمعت المعرفة في العالم لتنشرها دون أن تشكو من تعب وإرهاق وبوسائل تصل إلى كرماء النفوس، ولا ترهقهم فكان الله أهم عندك لهذا ألبسك هذا الثوب الذي يفيض بالعافية ويبث النور بعفوية وطيب.

أيها الساكن دمي أذكر تماما أنك لم تترك شريدا إلا وجعلت له مأوى كذلك الذي يجد مأوى في قلب أبويه فأسكنته وكأنك تحيط به بكفيك وليس هذا فحسب بل ذهبت تبحث عن الغيث ليشرب الآخر حتى ولو كنت ظمآن فهمك أن يكون الله راضيا وأن يكون الإنسان في أجمل حال.

لم تترك مرهونا إلى حالٍ اضطره إلا وحملت هم إعادته إلى أهله وبيته وأطفاله حتى لا يكون هناك شكوى فأنت لا تستطيع أن تترك شاكيا إلا وتتحمل مسؤولية شكواه.

لأنك لا يمكن أن ترى محتاجا ولا يستطيع قلبك أن يحمل هذا الألم لأن أي ألمٍ يصل مباشرة بالحدس والعفوية فتقدم ما يشفي وتندي بما يكفي فلا تطيق أن ترى محتاجا.

كما أنك تفعل الخير ولا تعدم جوازيه فكم من جمعية أسست أركانها بقوة وكم من مكان بنيت فيه الخير حتى يذهب إليه الناس بكبريائهم وعزتهم فلا تريد لأحد أن يطلب ولا تريد لأحد أن يذل هكذا هو الإنسان الكبير الذي يطاول عنان السماء بأسس يمتد بها من الله ولا يخشى سواه.

وأذكر أيضا ولن يزول من ذاكرتي أنك أوصلت إلى البيت الذي يفضي به الناس بهمومهم ويعتذرون به إلى الله فيحجون وصولا إلى رضا الخالق فما وجدت من شقاء أمام وصولهم إلا وأزلته داخل المملكة وخارج المملكة لأنك لا ترغب أن يبقى عاقل إلا ويصل إلى الله، وهكذا هو المؤمن وهكذا هو الكبير وهكذا هو الندي.

يا جابر العثرات يا ابن الندى

يا من جبرت هموم كل كريم

ها أنت تسكن في القلوب وترتقي

وبنور ربك أنت جد مقيم

يا فريد الجود ويا جابر عثرات الكرام .. هكذا تكون الرجال وهكذا تتجسد معاني الإنسانية

وأراك في الدنيا كأجمل نجمةٍ

ترقى إلى العلياء ثم تضيء

أتمنى أن أكون قد قدمت للبشرية شيئا مما أنت عليه فسامحني إنْ قصرت لأنك أكبر مقاما لا أوفي صفاتك وصفات أصلك الزاهي، ولك من العهد المورق أن أكون وفيا أمام بهائك لأبقى أكشف للقادم فرائد صفاتك مادمت حيا.