عبدالله قاسم العنزي

نقد المعلم بين التجريم والإباحة

الاحد - 06 سبتمبر 2020

Sun - 06 Sep 2020

النقد في مفهومه الدقيق هو الحكم بمعنى إصدار رأي يبين عيوب ومزايا شخص ما أو مهنة أو سلوك معين، وأظن أن القارئ يوافقني إن قلنا على وجه الدقة أن النقد فن لا يجيده أي شخص، فالذي ينقد يجب أن يحكم نقده بمعايير موضوعية.

ولقد ثار جدل واسع في الآونة الأخيرة بنقد المعلم في المجتمع، ولما كانت شخصية المعلم هي الحقيقة المبدئية في كل سلوكه فإنه بالتأكيد أن سياط النقد سوف تتناول شخصيته فيما هل هي ملائمة لمهنة التعليم أم لا، ومن غير المقبول أن نضع المعلمين في برج عاج ونقف لهم تبجيلا ومنهم من لا يستحق ذلك وهؤلاء هم (محل النقد) وعبء على وزارة التعليم وعلى المجتمع.

إن موضوع التعليم والمعلمين من الموضوعات المشكلة في مجتمعنا، فالمعلم منهم من لم يأخذ حقه من الاحترام كما أن منهم من لم يأخذ حقه من التكريم من حيث الأجر، فيما يقدم كذلك منهم من لم يأخذ حقه من التدريب والتطوير لمهاراته الشخصية حتى يكون كفؤا لهذه المهمة العظيمة التي أصبحت خطا أحمر لمن يقترب لها خصوصا بعد تصريحات معالي النائب العام!

وبما أنني مختص في القانون فإنه من الواجب أن أوضح أن هناك فرقا بين النقد المباح والذي يعتبر حقا للمختص وحقا لولي الأمر الذي يتجاوز ولده مرحلة من مراحل التعليم ولا تزال قراءته للغة العربية ضعيفة فضلا عن ضعفه في المواد الأخرى ثم يطالبه المعلم الذي هو المسؤول الأول عن مهمة (التعليم) ويلقي بالعبء على ولي أمر الطالب ويقول له أنت لا تذاكر لولدك في المنزل، وإذا – حشرت – هذا المعلم في زاوية ضيقة قال لك: يا أخي أنا عندي أكثر من ثلاثين طالبا في الفصل كيف ألحق عليهم!

ونعود هنا للسطور السابقة ونؤكد أنه يجب أن يتعلم المعلم والمعلمة فن ومهارة إدارة الحصة وغيرها من المهارات التعليمية التي تساعده على أداء مهمته على أكمل وجه ممكن.

أقول: هناك فرق بين النقد المباح وبين القدح والذم الذي يمس شرف وكرامة المعلم لاعتبار أن لهما مدلولا موضوعيا بمعنى مكانة المعلم في المجتمع وما يتفرع عنها من حق تعامل المجتمع معه وفق ما تطلبه هذه المكانة، فهذا الذم والقدح العلني بالتأكيد أنه يخل بالنظام العام ويستحق التجريم.

ويعترف القانون بالشرف والكرامة والاعتبار للشخصيات الاعتبارية، لأن لها وظيفة اجتماعية ذات أهمية خاصة يوليها القانون حماية جنائية، والغاية من ذلك الحفاظ على اعتبار مهنة المعلم من أن تسقط بالمجتمع أو عند شريحة الطلاب والطالبات وبالتأكيد أن هذا يعد خطرا على المجتمع.

على أية حال لا نغالي في موضوع التعليم فهو بحاجة ماسة إلى تطوير المناهج وتطوير الكوادر البشرية التي تقوم بمهمة التعليم، وهنالك معلمون ومعلمات مجتهدون ومخلصون يستحقون التكريم والإشادة بهم، وفي المقابل هنالك معلمون ومعلمات مهملون ولم يطوروا مهاراتهم الشخصية والمهنية وتقع عليهم مسؤولية تقصيرية تجاه مهنتهم ويجب محاسبتهم أو تطويرهم وتعليمهم أو إبعادهم عن الميدان التعليمي.

expert_55@