أحمد الهلالي

معاناة التوحديين في المستشفيات والمراكز!

الثلاثاء - 01 سبتمبر 2020

Tue - 01 Sep 2020

خصصت الحديث في المقالة السابقة لمعاناة بعض أسر المصابين بالتوحد، في الجانب التعليمي؛ لأننا كنا على أبواب العام الدراسي، وتطرقت فيها أيضا لموضوع الرعاية الصحية للمصابين بالتوحد، وضعف مستوى كثير من الأطباء في التعاطي مع حالاتهم حسب شكاوى الأسر، وستكون هذه المقالة مخصصة للشأن الصحي لحالات التوحد، سواء على مستوى الصحة الجسدية العامة، أم على مستوى اضطرابات الحالة التوحدية.

حكى بعض الآباء عن معاناتهم في العيادات بصفة عامة، وضعف قدرات بعض الأطباء في التعاطي مع التوحديين، خاصة في عيادات الأسنان والعيون والكشف السريري، وقلة مهارة أو خبرة أو صبر الأطباء على هذه الحالات الخاصة، وكذلك تحدثوا عن دور العيادات المخصصة للتوحديين في بعض المستشفيات الكبرى، وإن كانوا يحمدون للوزارة وجودها إلا أنهم لا يشعرون بالرضا عن دورها الذي يرونه تنسيقيا شكليا في الغالب، ويتساءلون لماذا لا تطور وزارة الصحة هذه العيادات، فتكون لها برامج وخدمات متقدمة للتوحديين، أفضل مما تقدمه حاليا، تيسر مراجعاتهم من جهة، وتيسر أيضا للأطباء المتماسين معهم فقه التعامل مع حالاتهم الخاصة، ثم تعممها الوزارة على كل مستشفياتها ومراكزها الصحية لخدمة هذه الفئة من المواطنين، وتيسير حياتهم.

أما على مستوى اضطرابات الطيف التوحدي، فكما أسلفت في المقالة الماضية عن وعد الجهات الحكومية للأسر بثلاثة مراكز متكاملة لخدمتهم في (الرياض وجدة والدمام) ولكن تلك الوعود لم تتحقق، وما تزال الأسر تعاني من ازدحام الحالات في المراكز القائمة، وكذلك تعاني من الغلاء الفاحش في المراكز الخاصة التي تقدم خدمات إلى التوحديين، مقارنة بالمراكز المماثلة لها في الدول المجاورة، ومن غير المنطقي أن تتكبد الأسر عناء السفر والبعد عن مصالحها هروبا من فواتير تلك المراكز المبالغ فيها جدا، فالجلسة الواحدة تكلف الأسرة مبلغا كبيرا، فما بالنا بجلسات متتابعة على مدى أشهر.

وهنا يأتي دور الهندسة القيمية التي يجب أن تنتهجها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ووزارة الصحة مع مثل هذه المراكز الجشعة، ومن جهة أخرى لربما ترفع بعض مراكز (الرعاية النهارية) أسعار خدماتها على الأهالي لأنها أصلا تحصل على مقابل عن بعض الحالات من الوزارة بأسعار عالية، وإن جاء المواطن أو لم يأت فلا فرق، وبناء على ذلك يجب أن تشترط الوزارة تخفيض الأسعار مقابلا للتعاقد.

التوحديون يعانون اضطرابات شتى، تؤثر على عدد من الوظائف لديهم، (السمع/ التركيز/ الكلام/ التشتت/ فرط الحركة/ التواصل/ وغيرها مما يعرفه المتخصصون والأسر) وهذا كله يحتاج إلى طاقات كبرى لمعالجته، ويكفي أن تقوم الأسر بما تستطيع القيام به في المنازل، ويبقى دور الجهات الرسمية في تيسير شؤون المعالجات في المراكز العامة والخاصة، ليس في المدن والمحافظات الكبرى فقط، بل في كل أرجاء الوطن، فالعناية بالحالة تحتاج إلى سنوات من المثابرة، وحاجة الناس إلى الكشف المبكر على أبنائهم تعد أولية مهمة جدا في ملف التوحد.

أولياء أمور حالات التوحد بحاجة ماسة إلى الجلوس مع المسؤولين في الوزارات الثلاث (التنمية الاجتماعية/ الصحة/ التعليم)، فالناس يشتكون من ضعف الاستماع إليهم، ويرون اهتمام الجهات الرسمية والخيرية بالشكليات الإعلامية أكثر من سواها، وذلك ما تومئ إليه المعلومات القليلة التي حصلت عليها وأنا أبحث عن شؤون التوحد في مواقع عدد من الجهات والجمعيات المتخصصة، فالمواقع تزودني بالكثير من المعلومات الشكلية، لكنها لا تقدم لي إحصائيات، لا عن الحالات ولا عن المراكز المتخصصة، ولا عن مناطق انتشارها، ولا عن أسعار الخدمات، وضعف هذا المحتوى لا يخرج عن أمرين، الأول: أن جهودا تبذل والجهات لا تسجلها وفي هذا هضم لتلك الجهود، وثانيا: أن الجهود متواضعة وطيها خير من نشرها، وفي هذا إخلال بواجبات الجهات ومسؤولياتها تجاه الأسر والتوحديين، وآمل أن يكون الأول، وأن تبادر الجهات إلى نشر مجهوداتها ومنجزاتها أمام الجميع.

ahmad_helali@