محمد حطحوط

تسويق المنتجات الجامعية

السبت - 29 أغسطس 2020

Sat - 29 Aug 2020

مدير التسويق في جامعة هارفارد - لا يوجد هذا المنصب في أي جامعة سعودية - يقول: نحن لا نعتبر الطلاب فقط تلاميذ داخل حرم جامعة، وإنما نسميهم عملاء، لأنهم - والحديث له - هم الفئة التي نخدمها. هذا الفكر التسويقي المتقدم بدأ ينتقل للجامعات السعودية، تحت وقع الرؤية السعودية التي حسمت أكثر نقاش بيزنطي داخل أروقة الجامعات: أي جامعة لا تخدم المجتمع، ولا تردم الفجوة مع القطاع الخاص، وتقيم شراكات مع الجهات ذات العلاقة.. ستخسر الرهان. والرهان هنا واضح وصريح: إغلاق أي كلية في أي جامعة، لا تبحث عن مداخيل مالية.

هذا التوجه الجديد، يتطلب فكرا مختلفا، يواكب هذا التغيير، لهذا كان برنامج استقلال الجامعات، ليحل أزمة البيروقراطية القاتلة في المنشآت الحكومية، والذي يمكّن الجامعات من إنشاء شركات خاصة بها، لتنافس القطاع الخاص. لاحظ المساحات التي تشغلها اليوم أوقاف جامعة الملك سعود، وكم تدر من الملايين سنويا على الجامعة، وتستطيع أن تستغل موقعها المذهل في شاشات إعلانية ضخمة على شوارعها المحورية الأربعة، ناهيك عن باقي التفاصيل الكثيرة داخل حرم الجامعة. كل هذه الأفكار تصطدم أمام بيروقراطية قاتلة، نأمل أن يقضي برنامج استقلال الجامعات على هذه التحديات، ويفتح آفاقا جديدة من الإبداع.

الفترة القادمة ستشهد إطلاق برامج دراسات عليا، ماجستير ودكتوراه، بمقابل مالي، بعد عقود من الدراسات العليا المجانية، سيتطلب جهودا مكثفة تحت بند التسويق لهذه البرامج. ولأن الكثير يحصر التسويق في الترويج، وهو أحد أركان التسويق، ولكن ليس الوحيد. الخطوة التسويقية الأهم أن يكون للعميل - كما تسمي هارفارد الطالب - دور في بناء وتطوير المنتج، برنامج الماجستير وتفاصيله. لا يعقل أن يكون هناك برنامج ماجستير في القانون كمثال دون أن يكون من اللجنة التي أشرفت على بناء هذا المنتج عضوان أو ثلاثة من القطاع الخاص. من غير المقبول إطلاق مشروع يمس شريحة أو قطاع دون أخذ رأي هذا القطاع. أهم مرحلة هي مرحلة بناء المنتج الحقيقي الذي يقدم قيمة مضافة تجعل هذا الطالب يتحول إلى مسوق لهذا المنتج لأنه أضاف له معارف ومهارات كانت نقطة تحول في حياته.

هل توجد جامعات اليوم تستمع لرأي طلابها بعد تخرجهم سواء على مستوى البكالوريوس أو الدراسات العليا؟ صحيح هناك استبيان باهت يوزع، لكنه شكلي ليس له أثر على القرارات الاستراتيجية للكلية فضلا عن الجامعة. غياب مصطلح تحسين تجربة الطالب كارثة أخرى تحتاج نقاشا، وغياب ثقافة تسويقية داخل أروقة الجامعات تهتم بالعميل أو الطالب. إذا توفرت هذه المقومات الأساسية، تستطيع الحديث عن ترويج وتسويق البرامج والمنتجات الجامعية على اختلاف أنواعها.

محمد حطحوط

مستشار وأكاديمي متخصص بالتسويق

mHatHut@