سالم العنزي

الأرقام لا تكذب. ولكن!

الخميس - 27 أغسطس 2020

Thu - 27 Aug 2020

حوالي 35% من حالات زواج السعوديين تنتهي بالطلاق، بينما ترتفع النسبة إلى أكثر من 95% عندما يكون الطرفان أو أحدهما غير سعودي، وذلك حسب أحدث تقرير رسمي صدر من مركز ذكاء الأعمال ودعم القرار في وزارة العدل السعودية.

وهذا يعني أن 1 من كل 3 زواجات للسعوديين ينتهي بالفشل، بينما 9 من كل 10 زواجات تنتهي بالفشل عندما يكون الطرفان أو أحدهما غير سعودي.

في الواقع، نستخدم الأرقام كل يوم في حياتنا، وفي كل جانب من جوانب حياتنا للدلالة على شيء أو تمثيل آخر أو لإعطاء مصداقية للرأي أو المعلومة المذكورة. الأرقام تعطي مصداقية عالية للمعلومة أو الرأي. ومع ذلك، في أغلب الحالات التي يتم فيها استخدام الأرقام أو الإحصاءات يكون من الصعب - نوعا ما - الاتفاق على أن المعلومة أو التأكد من مصداقية المعلومة.

مشكلة الأرقام أنها تحتاج تفسيرا مرافقا لها، فالأرقام بحد ذاتها لا تعني شيئا. لذلك، فإن مصداقية المعلومة تعتمد اعتمادا كليا على التفسير المرافق للرقم. هذا يعني أن أي معلومات معروضة بالأرقام يمكن أن تكون إما صحيحة أو خاطئة، اعتمادا على مصداقية التفسير المرافق. وخير مثال على ذلك هو عندما يقول أحدهم «920030100» هذه الأرقام يمكن أن تعني أي شيء. قد تعني كلمة مرور أو رصيد بنكي أو رقم هاتف. إذا قال المتحدث إن الرقم المذكور عبارة عن كلمة مرور بينما الرقم يشير إلى رقم هاتف، فإن الكذاب هو المتحدث وليس الأرقام.

يمكن للكذابين الأذكياء دائما إيجاد طرق للمبالغة في الحقائق أو تقليلها، دون الكذب فعليا بخصوص الأرقام. لسوء الحظ، فإن العديد من الأرقام التي تراها في كل ما كان عرضة لهذا التلاعب. ابتداء من الأخبار وأسواق المال والأعمال وحتى إحصاءات كرة القدم والرياضات الأخرى. الأرقام لا تكذب، ولكن قد يتم عرضها بطريقة معينة بغرض التأثير على الرأي. ولاحظ أننا لا نتكلم عن الكذب هنا، بل نتكلم عن إساءة عرض الأرقام والحقائق (الصحيحة) للوصول إلى نتيجة معينة. يقول أندريه دانكلس «من السهل الكذب باستخدام الأرقام، ولكن من الصعب قول الحقيقة بدونها»

هناك خط رفيع بين الكذب الصريح وبين إساءة استخدام الأرقام لخلق انطباع خاطئ. في كلتا الحالتين القصد هو الخداع وخلق شعور كاذب عن قضية ما.

الإحصائية التي ذكرتها في بداية المقال تعتمد على أرقام صحيحة صادرة من تقرير لوزارة العدل، ولكن تم تفسيرها وقراءتها ومن ثم عرضها في المقال بطريقة خاطئة متعمدة، لزيادة تأثير وحجم مشكلة الطلاق في السعودية. فالرقم 35% كان يعتمد على نسبة حالات طلاق السعوديين في مدينة الرياض فقط، بينما 95% كانت نسبة الطلاق غير السعوديين في منطقة عسير (مع العلم أن عدد حالات الطلاق في عسير كان 28 حالة فقط). الجدير بالذكر أن التقرير كان يغطي فترة شهر واحد فقط وهي المعلومة التي تم تغييبها عمدا عند ذكر الإحصائية.

توجد 5 طرق مشهورة للتلاعب في تفسيرات الأرقام:

1- تعميم حجم عينة صغيرة.

2- التجاهل أو التلاعب بالإطار الزماني.

3- درجة الارتباط والسببية.

4- متوسطات الأعداد

5- التصويت واستطلاعات الرأي .

الشخص الموضوعي يراجع الحقائق وبناء عليها يشكل رأيه، ولكن الشخص غير الموضوعي هو من يشكل الحقائق والأرقام لدعم رأيه ووجهة نظره. ببساطة يمكنك جعل الأرقام والإحصاءات تقول أي شيء أنت تريده. الأرقام لا معنى لها. الأرقام لا تكذب ولكن الكذابين يستخدمون الأرقام.