فيصل الشمري

عندما يتخبط «العالم الأول».. التعليم أنموذجا..

الثلاثاء - 25 أغسطس 2020

Tue - 25 Aug 2020

ربما ستصاب بالصدمة إذا علمت أن دول العالم الأول اليوم تعيش جدالا كبيرا، وحالة من اليأس تعرقل حياتهم اليومية.

شاشات التلفاز وعناوين الأخبار، ومقالات الصحف جميعها بلا استثناء في الولايات المتحدة الأميركية تجادل بشأن إعادة فتح المدارس، وهل سيتم السماح لأبنائهم بالدراسة من جديد، أم سيتم تعليقها حتى العام القادم؟!

الصورة التي في مخيلتك عن العالم الأول وما لديه من الخطط التطويرية والتقدم التقني في عصر المعلومات، هو نفسه ذاك العالم يعيش هذا الجدل يوميا!

ماذا لو لم ينته كابوس كورونا قريبا؟ أو قل ستستمر الأزمة لأعوام قادمة حتى يصل الطب إلى لقاح ناجع يقضي على كوفيد - 19، ماذا سيحدث لأبنائهم؟ إنها كارثة بحق الجيل الحالي!

هذا السؤال في مملكتنا الغالية وجد إجابته منذ 4 أشهر ماضية، وفي خلال 48 ساعة منذ فرض حظر التجول واتخاذ الحكومة السعودية التدابير اللازمة بمواجهة كورونا، تحولت الفصول الدراسية والمدارس كافة إلى فصول افتراضية تقنية، وافتتحت وزارة التعليم والجامعات قنوات تعليمية ومحاضرات عبر الإنترنت. فيما ظلم أطفال الولايات المتحدة وبقية دول العالم المتقدم المتحضر من ذلك وتم إلغاء الدراسة وتعليقها، بسبب عدم وجود الكفاية اللازمة لكل الطلاب بالحصول على التعليم التقني عن بعد!

بالنسبة لي هي صدمة، السعودية اليوم بدأت عاما دراسيا جديدا والعالم الأول لا يزال يجادل! ويضرب بعضه بعضا! السعودية مرت بما يمر به العالم الحالي وأكثر، هي عبارة عن خلية نحل لا تتوقف عن العمل، تقاتل في الحد الجنوبي ميليشيات إرهابية حوثية تهدد أمنها، وبالمقابل أبحاثها الطبية وكوادرها الصحية تعمل ليل نهار في مواجهة فيروس كورونا، ومستشفياتها على أهبة الاستعداد تستقبل وتعالج، وحالات التعافي في صعود، وحالات الوفيات في انخفاض.

كما أنها تضررت بشكل كبير من انخفاض أسعار البترول والطاقة وانخفاض الطلب، وفي الوقت ذاته ضخت مليارات الدولارات كي يستقر السوق وتستمر الوظائف، في الوقت الذي خسر الكثير من الأمريكيين وظائفهم وبلغت مستويات البطالة أرقاما خيالية ومنخفضة لم تصل لها أبدا من قبل، ومع ذلك لم تقف الحياة في السعودية إطلاقا.

أعيش في الولايات المتحدة وأرى بعيني ما لا يراه الآخرون، فكما يقال من رأى ليس كمن سمع. ذكر تقرير لـ«اليونسكو» أن «انتشار الفيروس سجل رقما قياسيا للأطفال والشباب الذين انقطعوا عن الذهاب إلى المدارس أو الجامعات. للأسف أطفالي أحد هؤلاء المتضررين من هذه الأزمة وممن يشملهم تقرير اليونسكو.

مدينة الأبراج والخيال والأفلام والموضة والعلم .. نيويورك، تعيش أصعب أيامها وحربا ضروسا بين رابطة المعلمين وعمدة المدينة حول متى سيتم إعادة فتح المدارس هناك، وكذلك الحال في كاليفورنيا! والسبب ليست جميع المدارس مهيأة في بنيتها التقنية والتحتية للانتقال إلى التعليم الافتراضي.

من تجربتي الشخصية مع أبنائي حاليا في مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا الأمريكية، أرى كمية التخبط في المعلومات الواردة حتى الآن من المسؤولين التعليميين، هل ستكون الدراسة عن بعد؟ ما هي الآلية؟... كل أسبوع تقريبا هناك قرار جديد!

بينما وزارة التعليم السعودية بقيادة وزيرها ذي القرارات الجريئة الدكتور حمد آل الشيخ حسم هذا الجدل في 48 ساعة فقط، كان على قدر عال من المسؤولية والثقة التي منحتها له قيادتنا الرشيدة. كانت وزارته واضحة في خطتها وبالتفصيل تحدث الوزير للمواطنين عن الآلية والطريقة، وهذا ما يجعل أولياء الأمور مطمئنين على المستوى العلمي لطلابنا، الذي سوف يؤهلهم للنجاح. عزيزي القارئ، حقا وبلا مبالغة..والله إنها السعودية العظمى.

mr_alshammeri@