تهمة الإدارة
السبت - 22 أغسطس 2020
Sat - 22 Aug 2020
كثيرا ما أستغرب الجدال حول الإدارة والمدير، وأتساءل كيف تحولت الإدارة إلى تهمة في أفهام البعض، لدرجة أنه قد يحدث أن «يُتهم» الشخص بأنه «مدير» لوصف نقصه، والحقيقة التي لا أرغب في إخفائها أني أتعاطف جدا مع مفهوم الإدارة الذي تعرض كثيرا لهجمات المتعصبين لمصطلحات مختلفة كالقيادة مثلا أو مصطلحات أخرى ربما، وكأن الإدارة صارت تهمة فكرية أو شيئا من أساطير الأولين يجب التخلص منه وإعلان البراءة منه.
ليست هذه الأسطر للهجوم على تلك المفاهيم بقدر ما هي للدفاع عن الإدارة بكل ما تتضمنه من مهارات وعمليات أساسية لنجاح أي منشأة ولتقدم أي فريق. فكيف يمكن أن يتحقق نجاح لأي عمل أو أي قيادة في ظل غياب إدارة ناجحة ومدير متميز؟
نعم للإدارة دور عظيم في تحقيق أهداف المؤسسات والمجتمعات والأفراد، وللمديرين مكان بالغ الأهمية لا يمكن أن يُسد بأي شخص إن كان يفتقر لأدنى مقومات الإدارة. فالإدارة ليست وظيفة عادية تُقدم بلا معايير، أو تُترك لترشيح غير منطقي، أو تُمنح كمنصب شرفي مجاملة لأشخاص وجناية على إدارات. ولا أظن أنه يمكن تعويض الإدارة الجيدة بتقديم قيادة لا تتوفر لديها المعرفة والخبرة «الإدارية» الكافية. وليس من المنطقي تبجيل القيادة بتقليل شأن الإدارة.
لماذا يقلل البعض من شأن «الإدارة» كعلم، ومن شأن المدير كمسؤول؟ الإجابة المتوفرة عندي قد تنحصر في النماذج الإدارية التعيسة للإدارة، والصور الكئيبة لبعض المدراء ممن هم ليسوا من أهلها.
وهنا نذكّر أنه لا يصح أبدا أن نحكم على الإدارة بشكل عام بسبب سلوكيات مشوهة تقدم نفسها كنماذج حقيقية للإدارة، فيظنها الآخرون كذلك. فالشخص لا يكون مديرا إلا إن كان مدركا لكل مسؤولياته، وملتزما بجميع واجباته، بداية من التخطيط المنهجي لتحقيق الرؤى المستقبلية للمؤسسة، ونقلها من واقعها وإن كان جيدا إلى مكانة أكثر تميزا وتقدما، وأن يكون قادرا على تخطيط مواردها واستثمارها وتنسيق الجهود وتنظيم الأعمال والعاملين ومتابعة تقدم مركب الإدارة حتى يصل إلى مرفأ الإنجاز والنجاح. فالإدارة لم تكن يوما جهودا مبعثرة يتولاها أفراد غير مؤهلين لها يفتقرون للجدارات الإدارية الأساسية مثلما يحدث ببعض الإدارات، وهذا بالنسبة لي قد يكون العذر الأقوى للذين هاجموا الإدارة.
كما أن توريط المدير بمهام ليست من صميم عمله الإداري، وإثقال يومه بإجراءات ومتاهات روتينية ينغمس فيها فيغيب دوره الحقيقي، تجعل إدارته ضعيفة ودوره أضعف، وهذه كلها أعراض أساسية لأزمة الإدارة، ووصفة مؤكدة لفشلها.
أما القيادة، فهي مفهوم آخر سيطر على مساحات كبيرة من الاهتمام والبحث والدراسة، ولا يمكن أن نقلل من أهميتها أو ضرورة دراستها. لكني أعتقد أنه من غير المنطقي أن نركز على القيادة دون الإدارة، أو نقدس القادة ونقلل من أهمية المدراء. فالقيادة والإدارة وجهان لحقيقة واحدة، والمؤسسات تحتاج إلى قيادة قوية، وفي ذات الوقت لا تستغني عن إدارة قوية. وكل مؤسسة بحاجة إلى مدير بروح القائد لتأمين نجاحها وتحقيق تطورها.
ومن جميل ما قرأت عن هذا الموضوع ما كتبه د. أوهلال: «إدارة قوية مع قيادة ضعيفة تعطي نتائج أفضل من قيادة قوية مع إدارة ضعيفة، أما إذا اجتمعت القيادة الضعيفة مع الإدارة الضعيفة فانتظر الساعة».
_darifi@
ليست هذه الأسطر للهجوم على تلك المفاهيم بقدر ما هي للدفاع عن الإدارة بكل ما تتضمنه من مهارات وعمليات أساسية لنجاح أي منشأة ولتقدم أي فريق. فكيف يمكن أن يتحقق نجاح لأي عمل أو أي قيادة في ظل غياب إدارة ناجحة ومدير متميز؟
نعم للإدارة دور عظيم في تحقيق أهداف المؤسسات والمجتمعات والأفراد، وللمديرين مكان بالغ الأهمية لا يمكن أن يُسد بأي شخص إن كان يفتقر لأدنى مقومات الإدارة. فالإدارة ليست وظيفة عادية تُقدم بلا معايير، أو تُترك لترشيح غير منطقي، أو تُمنح كمنصب شرفي مجاملة لأشخاص وجناية على إدارات. ولا أظن أنه يمكن تعويض الإدارة الجيدة بتقديم قيادة لا تتوفر لديها المعرفة والخبرة «الإدارية» الكافية. وليس من المنطقي تبجيل القيادة بتقليل شأن الإدارة.
لماذا يقلل البعض من شأن «الإدارة» كعلم، ومن شأن المدير كمسؤول؟ الإجابة المتوفرة عندي قد تنحصر في النماذج الإدارية التعيسة للإدارة، والصور الكئيبة لبعض المدراء ممن هم ليسوا من أهلها.
وهنا نذكّر أنه لا يصح أبدا أن نحكم على الإدارة بشكل عام بسبب سلوكيات مشوهة تقدم نفسها كنماذج حقيقية للإدارة، فيظنها الآخرون كذلك. فالشخص لا يكون مديرا إلا إن كان مدركا لكل مسؤولياته، وملتزما بجميع واجباته، بداية من التخطيط المنهجي لتحقيق الرؤى المستقبلية للمؤسسة، ونقلها من واقعها وإن كان جيدا إلى مكانة أكثر تميزا وتقدما، وأن يكون قادرا على تخطيط مواردها واستثمارها وتنسيق الجهود وتنظيم الأعمال والعاملين ومتابعة تقدم مركب الإدارة حتى يصل إلى مرفأ الإنجاز والنجاح. فالإدارة لم تكن يوما جهودا مبعثرة يتولاها أفراد غير مؤهلين لها يفتقرون للجدارات الإدارية الأساسية مثلما يحدث ببعض الإدارات، وهذا بالنسبة لي قد يكون العذر الأقوى للذين هاجموا الإدارة.
كما أن توريط المدير بمهام ليست من صميم عمله الإداري، وإثقال يومه بإجراءات ومتاهات روتينية ينغمس فيها فيغيب دوره الحقيقي، تجعل إدارته ضعيفة ودوره أضعف، وهذه كلها أعراض أساسية لأزمة الإدارة، ووصفة مؤكدة لفشلها.
أما القيادة، فهي مفهوم آخر سيطر على مساحات كبيرة من الاهتمام والبحث والدراسة، ولا يمكن أن نقلل من أهميتها أو ضرورة دراستها. لكني أعتقد أنه من غير المنطقي أن نركز على القيادة دون الإدارة، أو نقدس القادة ونقلل من أهمية المدراء. فالقيادة والإدارة وجهان لحقيقة واحدة، والمؤسسات تحتاج إلى قيادة قوية، وفي ذات الوقت لا تستغني عن إدارة قوية. وكل مؤسسة بحاجة إلى مدير بروح القائد لتأمين نجاحها وتحقيق تطورها.
ومن جميل ما قرأت عن هذا الموضوع ما كتبه د. أوهلال: «إدارة قوية مع قيادة ضعيفة تعطي نتائج أفضل من قيادة قوية مع إدارة ضعيفة، أما إذا اجتمعت القيادة الضعيفة مع الإدارة الضعيفة فانتظر الساعة».
_darifi@