صباح العيد

الأربعاء - 06 يوليو 2016

Wed - 06 Jul 2016

الكثير من السنوات.. والأكثر من الأيام مرت من هنا.. من هذا الصباح

مقاعد - فطور العيد - بعض أهلها رحل.. وبقي من بقي.. من يحضر يكون بإشراقة وبهاء وجمال.

وأنفاس الصباح الجديد تملأ كل شيء.. أكواب الفطور.. والحليب الممزوج بالهيل.. ورائحه خبز أسمر تفوقت على كل جديد ونكهات تنتجها المخابز الآلية.

ووجه أمي.. يا لوجه أمي.. يمتص كل حزن ويدفنه. يزرع الأمل يعد بأشياء جميلة ستأتي بعد لحظة.. وبعد سنوات.

البهجة في وجه أمي هي ذاتها في قلبي.. لكن وجه أمي أصدق.. فقسمات وجهي انقطع عنها البث المباشر وأصبحت البرامج بها مسجلا فقط.

أحاديث صباح العيد.. يبث الأمل فيها شيئا من روحه.. تتوقف قليلا أحاديث الحروب والصراعات والسياسة.

هذه الصباحات هي فاصلة.. بي حزن وشيء آخر.. هذه الصباحات هي توقف عن الجري واللهث.. هذه الصباحات هي أمان لقلوب صغيرة مشردة.

في هذه الصباحات حبة الحلوى تصبح لحظه حب يسكنها طفل.. ويصبح تقبيل رأس أبي دوحة وارفة بالجنان.. وعناق أخ أو أخت أمانا وسط أكوام من الخوف منثورة في الطريق.

أدرك في العيد ما لا أدركه في الأيام التالية.. أدرك مع هذه الصباحات نعمة الأمل الذي يرغمنا على التفاؤل.. أدرك نعمة السقف الذي يظللني.. والأرض المستوية التي أمشي عليها.. أدرك قيمة رسم ابتسامة على أنفس ووجوه يسكنها الحزن.. وحذاء جديد لأقدام حافية.. وثوب له رائحة اسمها الجديد تفوقت على أفخر العطور الفرنسية.

أدرك قدر كل حب منحته أحدا أو منحته.. كبرت به شبرا حينا أو ذراعا.

كل يفهم العيد بطريقته.. صاحب الملابس المرقعة.. ومن يمتلك الدرر والياقوت.. من يتنفس ويأكل عبر أنابيب صناعية.. ومن ينعم بالعافية والصحة.

من يقيمون في مخيمات ممن ذاقوا الفقد والتشرد كيف هو الصباح عندهم إذا جاء بالعيد..؟!

الأماني والآمال كم يتغير أمرها من عيد إلى آخر وفي كل عيد عن الذي قبله.. الحماس الذي يملأ النفس ويحفز إلى العمل تغير مساره وتغيرت بتغيره أمور عدة ومفاهيم عدة تنقسم في نهاية الأمر إلى حقائق وأوهام.

لكن يبقى العيد هو العافية من كل ابتلاءات الدنيا مما لا نستطيع حمله.. ويبقى العيد مع كل إشراقة لوجه أمي ومع كل صدى لصوت أبي ذلك الصوت الذي ما رأيته إلا مسكونا بالذكر وتلاوة وترتيل القرآن.

العيد ليس زمنا يزورنا أو مكانا ينتظر.. العيد يدون في كل منا قصة فيها بهجة وفائدة وبعض الألم في بعض المرات.