فلا الأذان أذان في منارته
الأربعاء - 06 يوليو 2016
Wed - 06 Jul 2016
في حاضرنا المعاصر فرق كبير بين القول والممارسة. نتكلم عن الصدق والأمانة والإخلاص والوفاء وحفظ الحقوق، ونمارس المغالطة والزيف والخداع وقلب الموازين وتشويه الحقائق، ندعي المثالية بالقول، ونمارس الغش والكذب والنفاق والتزلف بالعمل، ظاهرنا الحق، وباطننا الباطل.
لقد استمرأنا الازدواجية حتى تأصلت في نفوسنا، وتمثلنا التناقض حتى تجذر في ذواتنا، فأصبحا المعروف وغيرهما المنكر، أصبح التحايل والانتهازية والوصولية فضائل، وبات تحقيق المصالح الشخصية والمكاسب الآنية غاية تبرر من أجلها السبل والوسائل كافة، وأضحى الالتزام بالمبادئ نكرة وغباء، واستخدام الطرق الملتوية للوصول وتحقيق الغايات عرفا وذكاء.
اختلطت المفاهيم، واختلفت المعايير، وباتت المبادئ والأسس والأعراف والقيم شعارات، نعرفها قولا، ونجهلها ممارسة، حتى ما جاءت به الشرائع السماوية من نصوص ومفاهيم لم يسلم من تأويلنا بما يتناسب مع أوضاعنا ويخدم غاياتنا، ويحقق أهدافنا. يتخلف أحدنا عن موعد، أو يقصر في إنجاز عمل، ثم، وبكل بساطة، «الله ما أراد» وكأن مشيئة الله حجة تبرر الاستهتار، ومنفذ للتقصير وإيجاد الأعذار. يهمل أب مترف، أثقل ما فيه محفظته، يدلل ابنا له، معاقا هو الآخر، فيشتري له لعبة فارهة، سيارة، يقودها، لا على الطريق، وإنما على أجساد البشر، متسببا في إعاقة رب أسرة أو تيتيم أبناء أخرى، أو إيقاع مصيبة على رأس ثالثة، وبعد ذلك، «يا سيدي، إرادة الله، القدر، هو أحد قادر على رد القدر». ويستهتر طبيب في فحص مريض أو ملاحظة المعايير كافة لتقدير كمية مخدر أو تقدير إجراء معين في عملية جراحية، فتتوقف كلية مريض، وتنتقل العدوى من دم ملوث لآخر، ويدخل ثالث في غيبوبة، ويتوفى العشرات، ثم، وبكل صفاقة ووقاحة، «يا أخي، الأعمار بيد الله، خليك إنسان مؤمن»، ومن قال إن الأعمار بيد إبليس؟ من شكك في إرادة الخالق وقدرته وقدره؟ لماذا يقحم البعض شعبان في رمضان؟ لماذا عندما نشكو من غلاء أسعار الأراضي أو سوء التعامل في مرفق ما أو حتى عدم دقة ميكانيكي في صيانة السيارة، يأتينا الرد، «لعن الله اليهود، هم وراء كل المصائب»؟ لماذا يستخدم البعض الدين في تخدير الناس وإحباطهم في مطالبتهم بحقوقهم؟ لماذا الازدواجية والتناقض لدرجة:
فلا الأذان أذان في منارته
إذا تعالى ولا الآذان آذان
[email protected]
لقد استمرأنا الازدواجية حتى تأصلت في نفوسنا، وتمثلنا التناقض حتى تجذر في ذواتنا، فأصبحا المعروف وغيرهما المنكر، أصبح التحايل والانتهازية والوصولية فضائل، وبات تحقيق المصالح الشخصية والمكاسب الآنية غاية تبرر من أجلها السبل والوسائل كافة، وأضحى الالتزام بالمبادئ نكرة وغباء، واستخدام الطرق الملتوية للوصول وتحقيق الغايات عرفا وذكاء.
اختلطت المفاهيم، واختلفت المعايير، وباتت المبادئ والأسس والأعراف والقيم شعارات، نعرفها قولا، ونجهلها ممارسة، حتى ما جاءت به الشرائع السماوية من نصوص ومفاهيم لم يسلم من تأويلنا بما يتناسب مع أوضاعنا ويخدم غاياتنا، ويحقق أهدافنا. يتخلف أحدنا عن موعد، أو يقصر في إنجاز عمل، ثم، وبكل بساطة، «الله ما أراد» وكأن مشيئة الله حجة تبرر الاستهتار، ومنفذ للتقصير وإيجاد الأعذار. يهمل أب مترف، أثقل ما فيه محفظته، يدلل ابنا له، معاقا هو الآخر، فيشتري له لعبة فارهة، سيارة، يقودها، لا على الطريق، وإنما على أجساد البشر، متسببا في إعاقة رب أسرة أو تيتيم أبناء أخرى، أو إيقاع مصيبة على رأس ثالثة، وبعد ذلك، «يا سيدي، إرادة الله، القدر، هو أحد قادر على رد القدر». ويستهتر طبيب في فحص مريض أو ملاحظة المعايير كافة لتقدير كمية مخدر أو تقدير إجراء معين في عملية جراحية، فتتوقف كلية مريض، وتنتقل العدوى من دم ملوث لآخر، ويدخل ثالث في غيبوبة، ويتوفى العشرات، ثم، وبكل صفاقة ووقاحة، «يا أخي، الأعمار بيد الله، خليك إنسان مؤمن»، ومن قال إن الأعمار بيد إبليس؟ من شكك في إرادة الخالق وقدرته وقدره؟ لماذا يقحم البعض شعبان في رمضان؟ لماذا عندما نشكو من غلاء أسعار الأراضي أو سوء التعامل في مرفق ما أو حتى عدم دقة ميكانيكي في صيانة السيارة، يأتينا الرد، «لعن الله اليهود، هم وراء كل المصائب»؟ لماذا يستخدم البعض الدين في تخدير الناس وإحباطهم في مطالبتهم بحقوقهم؟ لماذا الازدواجية والتناقض لدرجة:
فلا الأذان أذان في منارته
إذا تعالى ولا الآذان آذان
[email protected]