كيف تساوم إيران بالباليستي والنووي؟

نيويورك تايمز: انتهازية طهران دفعتها للاستعانة بوكلاء يحاربون نيابة عنها
نيويورك تايمز: انتهازية طهران دفعتها للاستعانة بوكلاء يحاربون نيابة عنها

الأحد - 16 أغسطس 2020

Sun - 16 Aug 2020

تؤكد مؤسسة راند البحثية أن إيران تستخدم برنامجها النووي وصواريخها الباليستية وسيلة للمساومة والحصول على أعلى المكاسب، بينما تؤكد صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن نظام الملالي يقوم على الانتهازية، ويستخدم الميليشيات الإرهابية المسلحة في عدد من دول المنطقة كوكلاء يحاربون نيابة عنه.

ويجمع خبراء راند على أن الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، الممثلة في حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي وغيرها، يعوضون ضعف القوة العسكرية الإيرانية، والتسليح التقليدي المتهالك لجيشها الذي يعود لعقود ماضية.

وأشاروا إلى أن وكلاء الشر المنتشرين في عدد من دول المنطقة يشكلون جانبا رئيسيا من السياسة الخارجية الإيرانية، ويتحكمون إلى حد كبير في صناعة القرار، لكنهم يشكلون في الوقت نفسه خطرا على نظام إيران نفسه.

تصدير الإرهاب

شكلت الثورة الخمينية عام 1979 سياسات إيران الخارجية، وكان الهداف الأوسع المعلن هو استقلال إيران وإبعادها عن التأثير الخارجي، وتعطيل النظام الدولي، بداعي أن القوى العظمى تسيطر عليها على حساب الدول الضعيفة .

واستندت إيران على هذا الخطاب المناهض للإمبريالية لتبرير تصدير الإرهاب إلى الدول المجاورة في محاولة لإنكار الهيمنة الأجنبية والأمريكية بشكل خاص، وبحسب ورقة بحثية بعنوان «مأساة سياسات القوى العظمى»، كانت إيران تأمل في تنمية نفوذها في الوقت الذي تنكر فيه أعظم قواعدها الإقليمية وغيرها من الفرص الاستراتيجية.

وعلى الرغم من أن رغبة إيران بمرور الوقت في «تصدير الثورة» ومواجهة أمريكا التي أطلقت عليها لقب «الشيطان الأكبر»، فقد أفسحت المجال لسياسات أكثر تحفظا وواقعية.

مصالح معقدة

وللتنقل في هذه الازدواجية وتحقيق أهدافها الإقليمية الأوسع، تدير السياسات الخارجية الإيرانية ترابطا معقدا بين المصالح الاستراتيجية والقومية والدينية المتداخلة للدولة، فمن الناحية الاستراتيجية، يبدو الهدف النهائي للنظام الإيراني، هو استمرار بقاء وسيادة الدولة، وبشكل أكثر تحديدا، الجمهورية الإسلامية الحالية.

ويشكل هذا الهدف حجر الأساس لكل السياسات الخارجية والداخلية لإيران، فبعد ثورة عام 1979، امتدت الاعتبارات الاستراتيجية لإيران إلى أبعد من ذلك، وسعت إلى ترسيخ الأمن القومي للدولة بطرد التأثيرات الخارجية، ولا سيما التأثيرات الأمريكية، من المنطقة ككل، وعلى المدى القريب، تتطلب هذه الاستراتيجية موازنة واحتواء حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة دول الجوار، بحسب نيويورك تايمز.

حلم الهيمنة

تتداخل الأهداف بشكل ملائم مع المشاعر القومية للإيران، وبينما تتركز المثل الثورية على معاداة الإمبريالية ومشاعر الوحدة، تفضل إيران بلا شك تثبيت أنظمة مؤيدة لإيران في جميع أنحاء المنطقة، وبهذا المعنى، فإن المشاعر للنظام الإيراني ترقى بشكل مثالي إلى مجموعة من الجمهوريات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة، مع إيران كزعيم وهيمنة إقليمية.

تتوازى هذه الأهداف الاستراتيجية والقومية بقوة مع الدوافع الدينية الإيرانية كدولة ثيوقراطية مبنية على شكل من أشكال الشيعة الإثني عشرية التي ترفض الإرادة السائدة، وتسعى إيران إلى تصدير أيديولوجيتها الناشطة إلى بعض الدول.

قد يكون السكان الشيعة المهمشون متقبلين بشكل خاص للخطاب الثوري، حيث يوسع النظام الإيراني هذا المدى من خلال دعم الحكومات المنتسبة إلى الشيعة والحركات الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة، وذلك وفقا لما جاء بكتاب أصدرته مؤسسة راند بعنوان «نقاط الضعف السياسية والديمجرافية والاقتصادية الإيرانية».

انتهازية طهران

من المهم ملاحظة أن هذه المصالح غالبا ما تكون ثانوية بالنسبة للأهداف الاستراتيجية المباشرة للدولة، والتي غالبا ما تكون مفتاح القرارات، وبعد كل شيء، فإن تاريخ السياسة الخارجية الإيرانية مليء بأمثلة براغماتية للنظام، وخاصة دعمه لمجموعة متنوعة من المجموعات بالوكالة، من أرمينيا المسيحية خلال نزاع ناغورنو كاراباخ، إلى حماس السنية في غزة وحتى طالبان في أفغانستان، أثبتت إيران أنها انتهازية وراغبة في العمل مع مجموعات لا تشترك في قيمها الأساسية، وذلك وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

وأكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن النظام الإيراني يعتمد على عدة أدوات تقليدية وغير تقليدية لمتابعة هذه المصالح، حيث تركز إيران على تعزيز قوتها العسكرية، ليكون ذلك حجر الزاوية في موقفها، ورغم أن الهدف المعلن للقوة العسكرية التقليدية هو الدفاع عن الوطن، لكن إيران تستخدم جيشها لترهيب وإكراه جيرانها.

المساومة بالنووي

تعد طهران الولايات المتحدة تهديدا وجوديا، وهي تدرك أن الصراع العسكري المباشر مع دول الخليج يخاطر بدفع الولايات المتحدة إلى الصراع، لذلك، استثمرت إيران في العديد من الاستراتيجيات البديلة لتكملة وسائلها التقليدية المحدودة، وبالإضافة إلى أشكال مختلفة من القوة الدبلوماسية واللينة، كرست موارد كبيرة لتطوير القدرات العسكرية غير المتكافئة، والتي قد توفر ميزة في النزاعات المستقبلية وتعزز وضع الأمن القومي للنظام.

أول هذه القدرات غير المتكافئة هو تاريخ إيران في السعي وراء التكنولوجيا النووية والأسلحة الباليستية، التي تهدف إلى ردع العدوان من قبل القوى الأجنبية وتهديد الخصوم الإقليميين، وفي حين أن هذه القدرات توفر قوة مساومة، وتشكل رادعا قويا في حالة تغيير النظام، إلا أنها أقل فائدة للاستخدام اليومي، ولا تزال قيمتها استراتيجية وتحقق فوائد تكتيكية محدودة.

دعم الميليشيات

استكمالا لهذه القدرات الاستراتيجية المتطورة، تستثمر إيران في دعم الميليشيات المسلحة، والتي يمكن أن توفر فوائد تكتيكية قصيرة المدى، بينما تخدم أيضا أهداف إيران طويلة المدى المتمثلة في إعادة تشكيل النظام الإقليمي. فيما

يساعد الدعم الإيراني هذه المجموعات على التحول إلى وكلاء كاملي الأهلية يحاربون من أجل إيران في النزاعات الإقليمية ويوسعون من نفوذ النظام في أنحاء الشرق الأوسط.

احتواء إيران

ويكشف كتاب أصدرته مؤسسة راند بعنوان «احتواء إيران: استراتيجيات لمعالجة العصر النووي الإيراني» فإن دعم إيران للجماعات بالوكالة ينبع من مزيج من مصالحها الاستراتيجية والقومية والدينية الأوسع نطاقا من جهة، وحاجتها الاستراتيجية لتحقيق مزايا عسكرية غير متكافئة ودعم قدراتها العسكرية التقليدية من جهة أخرى.

في جميع الحالات، تسعى إيران إلى استخدام مجموعاتها بالوكالة للنهوض بالمصالح الاستراتيجية للنظام، ومستوى دعم النظام للمجموعات في الخارج يدور إلى حد كبير حول مدى تأثير هذه المجموعة على الوضع الجغرافي السياسي الأكبر للدولة داخل المنطقة.

كيف تستفيد طهران من وكلائها؟

  • تغرق الميليشيات المسلحة خصوم إيران في النزاعات، وتفرض تكاليف متزايدة على الجيوش الإقليمية، وتصرف انتباههم عن طهران

  • يعوض وكلاء الشر ضعف قدرات إيران العسكرية التقليدية.. بتكلفة منخفضة

  • دعم الجماعات المتشددة يزيد من نفوذها داخل الدول المجاورة ويقدم آلية لتصدير أيديولوجية النظام العدائية في جميع أنحاء المنطقة

  • تتدخل الميليشيات الإرهابية لتشكيل سياسة مؤيدة لإيران ومحققة لأهدافها في عدد من الدول

الأكثر قراءة