3 روايات كاذبة عن انفجار لبنان

الآلة الإعلامية لإيران وحزب الله الإرهابي تبث شائعات وهمية لتبرئ نفسها من المسؤولية
الآلة الإعلامية لإيران وحزب الله الإرهابي تبث شائعات وهمية لتبرئ نفسها من المسؤولية

الخميس - 13 أغسطس 2020

Thu - 13 Aug 2020

فيما تواصل فرق التحقيق المحلية محاولة كشف لغز انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يقارب من 200 شخص، وتسبب في إصابة وجرح 6 آلاف آخرين، بدأت الآلة الإعلامية لإيران وحزب الله الإرهابي الموالي لها نشر روايات كاذبة عن الحادث، بهدف إبعاد المسؤولية عنهما.

كشف مقال نشره مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد الإنجليزية عن 3 قصص يتداولها بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي. تقول الأولى إن التفجير نتيجة قنبلة نووية، والثانية تقول إنه نتيجة صاروخ ضرب المكان، بينما تؤكد الثالثة أن أشخاصا سمعوا أزيز طائرات وهي تضرب مكان الانفجار.

وفي الوقت الذي كذب فيه المركز البريطاني العالمي الروايات الثلاث، شدد على أن الانفجار كان مجالا خصبا لنشر الشائعات وتداول الكثير من الأمور المضللة والكاذبة، بعدما أكدت التحقيقات الأولية أن الحادث نتيجة انفجار نترات الأمونيوم المخزنة في ميناء بيروت، ونظير إهمال الحكومة التي تسيطر عليها الميليشيات الموالية لحزب الله، وربما يعود إلى قيام الحزب بتكديس الأسلحة في قلب الكتل السكنية بالعاصمة اللبنانية.

أسوأ أزمة

في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية شهدها لبنان في تاريخه الحديث، يتأرجح الاقتصاد اللبناني ونظامه الحاكم على حافة مأساة اجتماعية هائلة، إذ فقدت الليرة اللبنانية، منذ بداية الاحتجاجات الشعبية العارمة ضد الفساد في أكتوبر 2019 نحو 75% من قيمتها.

وبحسب مقال نشره مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد الإنجليزية، أدى هذا الانخفاض في قيمة الليرة اللبنانية، في البلاد التي تستورد قرابة 80% من المواد الغذائية، إلى تعريض قطاعات واسعة من سكانها، ومنهم 30% يُصنفون كلاجئين، لارتفاع حاد في معدلات انعدام الأمن الغذائي، بعدما شهد تضخم أسعار المواد الغذائية زيادة كبيرة من أقل من 2% إلى أكثر من 150% خلال الأشهر الثمانية الماضية فحسب، مما جعل الشعب اللبناني يعاني من أجل توفير الطعام، بل اضطرت أسر الطبقة الوسطى إلى تقليص مشترياتها الشهرية إلى النصف.

مأساة خطيرة

يؤكد المقال أن لبنان يعيش مأساة إنسانية خطيرة، وفي حين أن حجم المعاناة الذي بدأ يتكشف يذكرنا بوضع البلدان التي ترزح تحت عبء الحروب والعقوبات أو المجاعة، فإن لبنان ليس في حالة حرب ولا يترنح تحت وطأة العقوبات، لكنه عوضا عن ذلك يخوض حربا مع نفسه، أو بتعبير أدق لبنان دولة تخوض نخبها الحاكمة معركة صامتة ضد ملايين من شعبها البائس.

لقد دعمت التسوية السياسية في لبنان، التي توزع السلطة السياسية على زعماء الطوائف الدينية في البلاد، اقتصادا سياسيا ريعيا تتفوق فيه مصالح الأوليجاركية الاقتصادية والسياسية على أي احتمالات حقيقية للإصلاح، وقد تم الحفاظ على صفقة النخبة هذه من خلال التدفق المستمر لرأس المال الخارجي، مع ارتفاع أسعار الفائدة ونظام سعر الصرف الثابت.

وظل لبنان مجالا جاذبا للمودعين، وتراجعت تدفقات التحويلات من المغتربين اللبنانيين، التي تشكل مصدرا مهما لرأس المال الأجنبي، من 25% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008 إلى 14% في 2019.

تحديات جديدة

على مدى الأشهر الثمانية الماضية واجهت صفقة النخبة في البلاد تحديا غير مسبوق:

- موجة احتجاجات مناهضة للفساد، تحدت الانقسامات العمرية والطائفية والإقليمية، وجلبت آلاف الأشخاص إلى الشوارع.

- انهيار أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا (كوفيد 19).

- التخلف للمرة الأولى عن سداد 1.2 مليار دولار من ديونها الخارجية البالغة 33.4 مليار دولار، مما أدى إلى سلسلة من القيود على المودعين ومسارعة على سحب العملة.

آمال في الهواء

بينما علقت النخب السياسية في لبنان آمالها على خطة إنقاذ خارجية، فإن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تواجهها مختلفة هذه المرة. هذا سبب إضافي لضرورة أن تكون الاستجابة العالمية مختلفة أيضا، فبدلا من توزيع الأموال بشروط ميسرة، يحتاج المقرضون الدوليون، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمانحون الثنائيون المؤثرون، إلى موازنة الاحتياجات الإنسانية للشعب اللبناني مقابل حوافز إصلاح النخبة.

لم يسبق أن واجه المانحون الأجانب مثل هذا الاختيار الحاسم بين البقاء والإصلاح في تعاملاتهم مع لبنان. ومن الواضح أنه بدون شكل من أشكال المساعدة الخارجية سينزلق المزيد والمزيد من اللبنانيين إلى الفقر، والذي يدعم شريان الحياة للنخب في السلطة.

في هذا الصدد، يواجه لبنان مشكلة التزام كلاسيكية، يتم تحفيز النخب الحاكمة بقوة لإعلان موقف إصلاحي، ولكن بمجرد أن يبدأ المال في التدفق، فمن المرجح أن تتراجع عن مثل هذه الإصلاحات في المستقبل. والسبب بسيط: الإصلاح الاقتصادي الهادف سيقوض بشكل خطير سلطتها السياسية، والتي تقوم على التوزيع الزبائني للريوع على دوائرها السياسية.

فشل الحكومة

تاريخيا، فشلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في الوفاء بالتزامات الإصلاح التي تعهدت بها للمانحين الأجانب، والدليل على ذلك حين استضافت فرنسا مؤتمرين دوليين رئيسيين للمانحين من أجل لبنان في عام 2002 (باريس 2) و2007 (باريس 3)، بعد مؤتمر المانحين الدولي الأول (باريس 1) الذي عقده الرئيس الفرنسي جاك شيراك في 2001.

في ذلك الوقت قدمت الحكومات اللبنانية خطط الإصلاح الاقتصادي لمنظمي المؤتمرين، مما أدى إلى تحرير موارد كبيرة تصل إلى 7.6 مليارات دولار في شكل مساعدات مالية وقروض ميسرة في 2007. ولكن لم يؤد أي من هذه المؤتمرات إلى إصلاح ذي مغزى.

حلل المركز اللبناني لدراسات السياسات الإصلاحات المتفق عليها في مؤتمر باريس 3، وأشار التحليل إلى أن:

- أقل من ربع جميع تدابير الإصلاح «26 من أصل 117» قد طبقها لبنان عمليا.

- الإصلاحات المؤسسية لتحسين القدرة الإدارية كانت متدنية «14 من أصل 90».

- إجراءات الإصلاح التي تتطلب قدرا أقل بكثير من الاتفاق والجهود المتضافرة بين النخبة السياسية نُفذت بنسبة 50%.

شروط المانحين

في مواجهة ذلك، يكمن التحدي الذي يواجه المانحين الأجانب في مساعدة لبنان بطرق تلزم نخبته بمصداقية بإجراء إصلاحات كانت في أمس الحاجة إليها.

ويعد كل من توقيت وتسلسل الإصلاح والتمويل من الأمور الجوهرية هنا.

ويتعين على النخب اللبنانية الموافقة على مجموعة ملموسة من الإصلاحات وإظهار التزامها بمواصلة المسار قبل إتاحة الأموال الأجنبية.

ولإثبات التزامها بالإصلاح، يمكن للنخب اللبنانية إجراء تدقيق قانوني للبنك المركزي لتوفير معلومات دقيقة بشأن الخسائر المالية للبنان، وخفض النفقات الزائدة عن الحاجة، وتقليل التهرب من الرسوم الجمركية، والكشف عن المصالح المالية والتجارية لكل شخص معرض سياسيا للمساءلة.

وقد يؤدي القيام بذلك إلى تقليل عدم ثقة الجمهور، وإعطاء إشارة إلى أن هذه المرة مختلفة بالفعل.

شائعات الانفجار

على الرغم من هول انفجار مرفأ بيروت إلا أن هذا لم يمنع ناشري الشائعات من تداول الكثير من المعلومات المضللة. نشر موقع «بيلنكات» الإخباري تقريرا حول الانفجار الذي هز بيروت. وذكر التقرير أنه «خلال الأيام الثلاثة التي تلت الانفجار رأينا أمثلة متعددة لمعلومات ومقاطع فيديو مضللة أو مزيفة تسعى إلى تضليل الناس وحملهم على تصديق روايات كاذبة».

انفجار نووي

من أوائل المزاعم حول هذا الانفجار أنه كان تفجيرا نوويا. وتم نشر هذا من خلال مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك منظمة تسمى Veterans Today، والتي على الرغم من أنها تبدو شرعية للوهلة الأولى، فهي شبكة مؤامرة معروفة.

ومع ذلك يمكن التعرف بسهولة على هذه الادعاءات على أنها كاذبة، حيث أشار عدد من الخبراء النوويين إلى أن الانفجار لا يحتوي على أي من السمات المميزة للانفجار النووي، مثل وميض الضوء الخافت والنبضة الحرارية. باختصار لا شيء في الانفجار في بيروت يشير إلى أنه كان انفجارا نوويا.

رسم كاريكاتوري

ظهرت مقاطع فيديو عدة على الإنترنت تدعي أنها تُظهر إصابة المستودع بصاروخ، ولم يُظهر أي منها ذلك. ومع التحليل الدقيق للصور اتضح أن جميع المقاطع مزيفة عن عمد، أو ببساطة أظهرت طيورا تحلق في مجال رؤية الكاميرا، فإذا تم عرضها كما هي، خاصة على شاشة الهاتف المحمول، فمن الممكن إعطاء مصداقية لهذا الفيديو.

ومع ذلك، إذا تمت مشاهدة الفيديو إطارا تلو الآخر، يصبح الواقع واضحا. «الصاروخ» عبارة عن قذيفة كرتونية مُضافة إلى الفيديو، ظهرت في مقطعين قبل أن تختفي فجأة على نحو غير مفهوم.

لوحظ أيضا نشر مقاطع فيديو تدعي أنها تظهر صاروخا تم ببساطة تفسيره بشكل خاطئ بدلا من تزويره، كلا الجسمين المزعوم أنهما صاروخان هما في الواقع وعند الفحص طائران.

صوت طائرات

أفاد بعض الأشخاص بأنهم سمعوا صوتا مشابها لصوت طائرة نفاثة منخفضة الارتفاع قبل ثوان قليلة من أحد الانفجارات الموقتة الأصغر، ولكن، لم تتم رؤية أي نفاثات في أي لقطات متعلقة بهذا الحدث، والذي تتوفر فيه مجموعة متنوعة مصورة من زوايا ومسافات مختلفة.

وبالإضافة إلى ذلك لا يظهر أي منها أي نوع من القذائف التي تضرب المستودع، ولذلك نتساءل: ما مصدر هذا الضجيج؟

أفاد حساب @AuroraIntel على موقع تويتر بأن شدة الحريق في المستودع زادت لبضع ثوان قبل وقوع هذا الانفجار الموقت، والتقط مقطع فيديو اكتُشِف سابقا أنه مصور من على مسافة حوالي 40 مترا من المستودع، وأجريت عملية مزامنة بينه وبين مقطع الفيديو.

ويظهر الفديو تغيَّر شدة الحريق تغيُّرا كبيرا في الثواني القليلة التي سبقت الانفجار الموقت، بما في ذلك زيادة فيما بدا أنها انفجارات صغيرة، وفي وقت هذا الحدث علّق بعضهم بأن هذا بدا مثل انفجار الألعاب النارية أو الذخيرة الحربية.

وتزداد شدة صوت الفرقعة والانفجارات الصغيرة لتصبح أزيزا لبضع ثوان قبل الانفجار الموقت. التفسير للأمر أن صوت الحرائق الشديدة في كثير من الأحيان يبدو وكأنه صوت محرك طائرة نفاثة، لأنها تسحب الهواء من محيطها.

كذبة عالمية

ويشدد مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية على أن الشائعات الثلاث لا تستند إلى أي حقيقة، ويقول: على الرغم من أننا نعتقد غالبا أن الكذبة يمكن أن تبلغ آفاق العالم قبل أن تظهر الحقيقة كفلق الصبح، إلا أن الحقيقة في هذه الحالة كان لها السبق. وفي مثل هذه الفواجع الكبرى من غير المرجح أن تُجرى عملية تحرير لمقاطع الفيديو الأولى، لأن التحرير يستغرق بعض الوقت، وقليلا من التخطيط.

وفي غضون بضع دقائق من وقوع الانفجار كانت توجد العشرات من مقاطع الفيديو التي تظهر الانفجار من زوايا عدة، ولم يظهر أي منها سقوط أي ذخيرة على المستودع، لذلك يجب أن يخضع أي فيديو يظهر لاحقا ويدَّعي أن صاروخا ضرب المستودع للفحص بحذر، وفي هذه الحالة يتضح لنا أن شخصا ما أو أشخاصا أنشؤوا مقاطع فيديو عدة مزيفة لهذه الحادثة في محاولة للتلاعب بالجماهير وخداعهم.

أسئلة حول الكارثة:

ما الذي بدأ الحريق الأول؟

هل كانت هناك بعض المواد الأخرى المخزنة في المستودع 12، والتي اشتعلت قبل أن تنتشر إلى نترات الأمونيوم؟

من المسؤول عن بقاء نترات الأمونيوم في الميناء لفترة طويلة؟وفيما يرفض حزب الله الإرهابي الموالي لإيران إحالة التحقيق إلى جهات دولية، تظهر أسئلة كثيرة لا يعرف اللبنانيون إجابات عنها حتى الآن، والاقتراب منها يدفع لتوخي الحذر وفقا للمركز، لأنه من الواضح أن بعض الجهات الفاعلة تحاول بالفعل ضخ معلومات خاطئة في الخطاب العام.

الأكثر قراءة