عيد الفايدي

بدر.. مدينة التاريخ

الخميس - 13 أغسطس 2020

Thu - 13 Aug 2020

مدينة بدر لها بعد تاريخي فريد وماض عريق ارتبط بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. كيف لا وهي المدينة التي حدثت فيها أول معركة في الإسلام. وورد اسم بدر في آيات بينات من القرآن الكريم وصفت أحداث المعركة. وهذا شرف خاص بمكان المعركة «مدينة بدر». قال الله تعالى: «ولقد نصركم الله ببدر وأَنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون».

قال القرطبي في تفسيره: فنصر الله المسلمين يوم بدر وقتل فيه صناديد المشركين، وعلى ذلك اليوم انتشر الإسلام، وكان أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه وسلم كان في معركة بدر وسمي ذلك اليوم يوم الفرقان. وقد وردت في ذلك اليوم قصص وروايات تاريخية فيها دروس وعبر.

وقبل ظهور الإسلام كان «ماء بدر» محطة للقوافل التجارية، وتشارك تلك القوافل بنشاط اقتصادي فريد له مدة محددة وموعد معروف بينهم، فهو من أقدم الأسواق التاريخية.

وبدر المدينة لها موقع فريد استراتيجي تلتقي حوله سلاسل جبلية مرتفعة مع كثبان رملية ذهبية داخل بيئة صحراوية تتناثر فيها الواحات الزراعية الخضراء، ويخترق هذا التنوع أودية وسهول تتجه نحو سواحل البحر الأحمر. هذا التنوع انعكس على النشاط الزراعي وقيام زراعة موسمية خاصة.

واليوم مدينة بدر فيها مبان ذات تصميم عمراني حديث وفق مخططات تنظيمية تؤكد الحاضر الزاهر لهذه المدينة التاريخية. ولا يخفى على الجميع تلك الجهود التي تبذل من كل القطاعات للحفاظ على المظهر الجميل، ولكن قد تختلف وجهات النظر فيما تم تنفيذه، ومن ذلك تلك اللوحة الكبيرة في مكان متسع ومنظم مكتوبة باللغة الإنجليزية (أنا.. «رسم للقلب» .. بدر)، لكن الذي يقف أمام تلك اللوحة تظهر له أسئلة قد لا يجد لها الجواب الوافي، من ذلك: لماذا اللغة الإنجليزية بينما اللغة الرسمية هي اللغة العربية؟ قد يقول قائل إنها رسالة للزوار غير العرب.

هنا يظهر سؤال آخر: هل كل الزوار غير العرب يعرفون الإنجليزية؟ وهناك حل بسيط لهذه اللوحة الإنجليزية بوضع لوحة رقمية الكترونية أقل تكلفة وتحقق أهدافا عدة، وتكون بلغات عدة وليس بلغة واحدة، ترحب بالزائر وتقدم له معلومات طبية وتاريخية وغير ذلك.

وأيضا هناك سؤال آخر: لماذا استعمل رمز القلب وباللون الأحمر؟ علما أن هذا الرمز لا يمثل القلب الحقيقي وإنما له أساطير خاصة بمجتمعات غير مسلمة، فهو قد يكون مناسبا لمكان ومدينة ليس لها بعد ديني وتاريخي تبحث جاهدة عن مكان في قلوب الناس، فهي بحاجة لذلك الرمز الذي هو على هيئة مثلث مقلوب وله دلالات رمزية معروفة.

والمسلم مهما كان عمره أو مكانه فإنه بالتأكيد يحب مدينة بدر ويتمنى زيارتها. وتلك المحبة والرغبة تأكيد على إيمانه بخالقه ومحبة لهدي محمد صلى الله عليه وسلم.

وكل محب لمدينة بدر يتمنى أن يكون على أرض الواقع مخطط تنظيمي حديث وجديد يضع مكان معركة بدر في البؤرة وفي منتصف الدائرة.

وهذا سهل جدا ولا يحتاج إلى إجراءات، بل يحتاج إلى إعادة تخطيط المنطقة التاريخية من خلال وضع دائرة بيضاوية تبدأ من طريق جدة القديم يكون في داخلها المزارع الحالية والأحياء المجاورة لمسجد العريش وأرض معركة الفرقان مع مقبرة الشهداء، ويكون هناك ممر مشاة يربط أطراف الدائرة ويخترق المزارع الحالية، مع منع البناء داخل الدائرة. ويكون على الجانب الخارجي لهذه الدائرة المحلات التجارية والمساكن الفندقية، والتي تكون مناسبة لقضاء بعض الوقت في هذا المكان التاريخي.

بالتأكيد، إن هذه الدائرة البيضاوية لها طريق واحد واتجاه واحد فقط حتى لا تكون هناك حاجة إلى تقاطعات أو جسور، وبطريقة هندسية سهلة ترتبط بكل الطرق الرئيسة الموجودة حاليا.

أما الدائرة البيضاوية الكبرى فهي طريق دائري كبير جديد يضم مدينة بدر الحالية، ويقوم بعملية ربط خارجي للأطراف الخارجية مع المواقع التاريخية المهمة، مثل منطقة دخول المسلمين لبدر، والتي لها علاقة مباشرة بالسيرة النبوية. وعلى هذا الطريق الدائري الجديد كل المشاريع الجديدة والمستقبلية لمدينة بدر، مثل المستشفى الجامعي والمدينة الجامعية، والمدينة الرياضية وميدان سباق السيارات، والمدينة الصناعية والاقتصادية، والمدينة الإدارية للجهات الحكومية، ومنطقة الأسواق الزراعية والحيوانية، لتخدم المواطن والزائر.

هذه رؤية لمدينة حديثة لها محبة خاصة عند الجميع، تنظر للمستقبل وتحافظ على الماضي بعون الله وتوفيقه.