طلال الشريف

كرامة المعلم تحت مطرقة المتطاولين

الأربعاء - 12 أغسطس 2020

Wed - 12 Aug 2020

في ألمانيا قالت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل للقضاة المتظاهرين المطالبين بمساواة رواتبهم بالمعلمين، كيف تطالبونني أن أساويكم بمن علموكم؟ وفي اليابان يلقبون المعلم بلقب السعادة تقديرا لقيمته ومكانته، وعزا إمبراطورهم تقدم اليابان في زمن قياسي إلى منح المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير، وفي بريطانيا يتم تكريم الأكفاء من المعلمين من قبل الملكة بجوائز مادية قيمة وميدالية فارس الإمبراطورية البريطانية، وفي الصين ينظر إلى مهنة المعلم باعتبارها أكثر المهن احتراما ويصفون المعلم بأنه مهندس الروح، وفي سنغافورة وضعت مهنة التعليم ضمن المهن ذات الصيت العالي ومنحت المعلم تحديد مسار مستقبل الوطن، وكثير من دول العالم المتقدم وضعوا للمعلم مكانة مرموقة ومنحوه الحقوق المادية والمعنوية والاجتماعية والمهنية الداعمة لنجاحه. فأين نحن من هؤلاء؟

نحن وبكل شفافية كمجتمع من أهدر كرامة المعلم بالتقليل من قيمة المهنة ومميزاتها والإقبال عليها، ونحن من قلل من دور المعلم وكفاءته وتحميله كامل المسؤولية في ضعف نظامنا التعليمي، ونحن من أذل المعلم براتبه وحوافزه وإجازاته الأسبوعية والسنوية رغم أن راتبه وحوافزه الأقل مقارنة بالمعلم في الدول المتقدمة. وإن كانت إجازاته قريبة من إجازات المعلمين في الدول المتقدمة، ونحن من سكت على الإساءة للمعلمين وتجاهلنا المطالبة المستمرة بسن القوانين الرادعة لحمايتهم وحصانتهم من المتطاولين.

المعلمون والمعلمات يا سادة هم بناة العقول وموجهو الأجيال، ونجاح أي أمة مقرون بكفاءة وقوة نظامها التعليمي، وقوة النظام التعليمي مرهونة بوجود المعلم المؤهل القادر على صناعة المنهج الملائم وتهيئة البيئة المدرسية وإدارة وتنفيذ العملية التعليمية، ونجاح المعلم متوقف على علو مهنته وتقدير المجتمع لجهوده.

والحقيقة أن مسؤولية حصانة المعلم وحمايته مسؤولية مجتمعية مشتركة تبدأ من الأسرة كأهم كيان في بناء المجتمعات لتقوم بدورها وتحمل مسؤولياتها في تربية النشء كما يجب أن يكون بحسن الرعاية الجسدية والنفسية والفكرية والوعي بأساليب التربية الحديثة في ظل الانفتاح وكثافة وتنوع مصادر التلقي والتوازن التربوي والتواصل الفاعل مع مؤسسات التعليم. ثم وزارة التعليم في سرعة تبني القوانين الضرورية لحماية المعلم وحصانته وإقرارها من الجهات ذات العلاقة، وخلق السياسات الكفيلة بإعادة القيمة والمكانة والهيبة لمهنة المعلم لتصبح أكثر جاذبية وإشباعا لحاجات المعلمين المالية والمعنوية والمهنية والاجتماعية، وإعادة النظر في معظم الأنظمة واللوائح التعليمية بما يخفف من مشقة المهنة والأعباء التربوية والإدارية على المعلمين. ويقع على مؤسسات المجتمع الأخرى وخاصة وسائل الإعلام الرسمية بمختلف صورها والجوامع والمساجد دور كبير في تشكيل الرأي العام الداعم لاحترام وتقدير المعلم ليتحول ذلك الرأي إلى ثقافة مجتمعية تنظر للمعلم نظرة إجلال وتقدير. ويبقى دور المعلم ذاته مهما جدا في حماية مكانته المهنية والاجتماعية من خلال أداء واجباته بكل أمانة وإخلاص وتطوير نفسه والاستجابة والإيجابية في التفاعل مع متطلبات العملية التعليمية والتربوية الحديثة.

إذا وصلنا إلى مرحلة يتهكم فيها بعض النقاد الرياضيين ومشاهير السناب بالمعلم أمام الملايين من مشاهديهم وخاصة النشء، فنحن أمة في خطر ونظامنا التعليمي مهدد في أهم مكون من مكوناته، ويجب الإسراع في إصدار القوانين اللازمة لحصانة المعلم وتعزيز مكانته المهنية والاجتماعية.

drAlshreefTalal@