شاكر أبوطالب

حان الوقت لفتح ملف المشاهير!

الاحد - 09 أغسطس 2020

Sun - 09 Aug 2020

أعلنت حكومة الكويت فتح ملف مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، والتحقيق في وجود شبكة لتبييض الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة (غسل الأموال). وبعد أيام قليلة انتشرت صور لقائمة من مشاهير (السناب شات) الذين يعملون لصالح إحدى الشركات التسويقية في السعودية، تضمنت القائمة أسماء المشاهير ومدن إقامتهم وعدد المشاهدات وتكلفة الإعلان من المنزل أو الزيارة لموقع طالب الإعلان.

وبغض النظر عن إثبات التهم الموجهة لقائمة ليست بالقصيرة من المشاهير في الكويت، فإن السؤال المهم هنا هو: ما الذي يمنع حدوث عمليات غسل الأموال عن طريق مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية؟! والسؤال الأكثر إلحاحا هو: هل التشريعات القانونية والإجراءات الحالية كافية لضبط أعمال تسويق المؤثرين والحملات الإعلانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟!

إن الواقع التنظيمي لتسويق المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية ليس مطمئنا، إذ يندرج المحتوى الإعلاني والتسويقي لمشاهير وسائل التواصل الاجتماعي تحت نشاط النشر الالكتروني؛ الذي يخضع بجميع أشكاله الحالية والمستحدثة لأحكام نظام المطبوعات والنشر، واللائحة التنفيذية لنشاط النشر الالكتروني، واللائحة تشترط فقط على المشاهير تسجيل نشاطهم في سجل خاص لوزارة الإعلام. وهذا الإجراء الوحيد ليس كافيا، خاصة أن النشر الالكتروني لا يخضع بكافة أشكاله للرقابة من قبل إدارة النشر الالكتروني في الوزارة حسب ما تقوله المادة الثالثة عشرة من اللائحة، كما لا يحق تقديم الشكوى ضد أنشطة النشر الالكتروني المعرفة في اللائحة إلا ممن له صفة ومصلحة مباشرة أو ما يحال من وزير الإعلام.

ويمارس المشاهير حاليا أعمالهم بكل حرية وأريحية، ويتم التعامل معهم من قبل المعلنين دون دراسات أو أبحاث تسويقية، بل على أساس أعداد المتابعين، وهو معيار لا علاقة له بجودة المحتوى وقيمه ومضمونه، وينفذ المشاهير حملاتهم الترويجية وينشرون محتواهم الإعلاني دون ترخيص أو رقابة، ويتقاضون مقابل ذلك أموالا ضخمة دون تدقيق مالي أو دفع مقابل سواء رسوم أو ضريبة، وبتكلفة تشغيلية تقترب فعليا من الصفر!

إن مراجعة وتطوير التشريعات القائمة ضرورة ملحة، لتوفير منظومة قانونية محكمة قادرة على ضبط المحتوى الذي يقدمه مشاهير التواصل الاجتماعي، خاصة التسويقي والإعلاني منه، للمساهمة في حماية المجتمع من الممارسات الخاطئة، والحد من الضحايا المتابعين للتسويق الاستهلاكي المضلل، وهم بالدرجة الأولى من الأطفال والمراهقين، الذين يتم خداعهم على مدار الساعة بمحتوى إعلاني غايته الأولى والأخيرة الكسب المادي، دون اعتبارات أخلاقية أو مهنية، أو مراعاة للأمن الصحي والاجتماعي.

إن الوضع القانوني لدخل مشاهير التواصل الاجتماعي لا يضمن تماما عدم حدوث عمليات غسل الأموال، أو حتى استخدامها كإحدى الطرق المستحدثة للتهرب الضريبي، وعلاوة على ذلك فإن الإيرادات الإعلانية لمشاهير التواصل الاجتماعي لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني بسبب قصر دورتها وتدويرها، في حين يمكن التعرف وبسهولة على الآثار الإيجابية لعوائد الإعلانات عبر الدورة المؤسسية الرسمية في صناعة الإعلام السعودي، ودوره الرئيس والحيوي في تعزيز التنمية المستدامة، خاصة المؤسسات الصحفية التي تواجه تحديات كبرى تهدد استمرار أعمالها.

إن تنظيم فوضى المحتوى لمشاهير التواصل الاجتماعي وضبط حملاتهم التسويقية، ومعالجة التشوه والخلل في السوق الإعلانية، هي مسؤولية مشتركة بين وزارتي الإعلام والتجارة، لمراجعة وتطوير التشريعات القائمة لتقنين هذه الممارسات الإعلانية والتسويقية وضبطها لحماية الفرد والمجتمع والاقتصاد والمؤسسات الإعلامية، والوقت مناسب جدا للبدء في ذلك، لأن الدكتور ماجد القصبي يقود الوزارتين حاليا، الأمر الذي يزيد من فرص النجاح والإنجاز.