سلطان سعود الخنفري

آثار جائحة كورونا على قطاع التعليم

الاحد - 09 أغسطس 2020

Sun - 09 Aug 2020

بعد مرور ما يقارب الأربعة أشهر من بداية الإغلاق في المملكة العربية السعودية بسبب جائحة كورونا وبداية العودة بشكل متدرج للحياة الطبيعية، بدأت تتضح لنا الرؤية حول مدى تأثير هذه الجائحة على قطاع التعليم.

ذكرت منظمة اليونيسكو في إحصائية لها أن أكثر من 1.2 مليار طفل حول العالم تأثر بإغلاق المدارس والحضانات حول العالم في نحو 186 دولة.

وعلى الرغم من العودة التدريجية التي تنتهجها بعض الدول للرجوع إلى الحياة الطبيعية، نجد تباينا في تعامل تلك الدول فيما يخص قطاع التعليم وطريقة الرجوع للوضع الطبيعي. فمثلا، في دولة الدنمارك، يعود الأطفال حتى سن 11 عاما إلى الحاضنات والمدارس بعد إغلاقها في البداية في 12 مارس 2020، بينما في دولة كوريا الجنوبية لا يزال الإغلاق مستمرا والعمل بتقنيات التعليم عن بعد هو المتبع حتى اللحظة، بينما في المملكة العربية السعودية العمل جار على وضع عدة سيناريوهات، ومنها الرجوع الكامل مع وضع الإجراءات الاحترازية كما صرح بذلك معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ. لكن قد يتساءل البعض: هل سيستمر العمل في التحول إلى تمكين تقنيات التعليم عن بعد كجزء أساسي في المنظومة التعليمية؟ وهل بالفعل جائحة كورونا غيرت طرق التعليم للأبد؟

التعليم عن طريق الانترنت ليس وليد اللحظة، بل وجد التعليم عن طريق الانترنت في أواسط التسعينات الميلادية، ومع تطور تقنيات الانترنت وانتشارها بشكل بسيط في أواخر التسعينات، ومن ثم أصبحت طفرة تطبيقات الجوال في بداية 2007 مع ظهور جيل جديد من المطورين والمبرمجين، مما ساعد على إحداث نقلة نوعية في طرق التعليم عبر الانترنت وتقنياته المستخدمة.

وحتى قبل جائحة كورونا كان هناك بالفعل نمو مرتفع واعتماد كبير جدا في تكنولوجيا التعليم، حيث وصلت استثمارات التعليم التقنية العالمية إلى 18.66 مليار دولار أمريكي عام 2019 ومن المتوقع أن يصل إجمالي سوق التعليم عبر الانترنت إلى 350 مليار دولار بحلول عام 2025. وكان من الملاحظ ازدياد استخدام التطبيقات التعليمية عبر الانترنت قبل جائحة كورونا، سواء كانت تطبيقات تعليمية مثل تطبيقات الجوال، أو منصات التعليم الافتراضية مثل Blackboard Ulrta sessions وأدوات التواصل عبر الانترنت مثل Zoom وMicrosoft Teams أو برامج التعليم عبر الانترنت مثل المحاضرات والدورات التي تعطى عبر مواقع تعليمية معتمدة.

وبسبب الجائحة واستجابة للطلب الكبير على التعليم عن بعد تقدم العديد من منصات التعليم عبر الانترنت خدماتها مجانا مثل منصة BYJU’S التي أنشئت عام 2011 ومقرها إقليم بنغالور وسط الهند، حيث أصبحت عام 2019 الشركة التعليمية الأكبر قيمة سوقية في العالم. منذ أن أعلنت الشركة عن دروس مجانية مباشرة عبر تطبيقها فكر وتعلم (Think and Learn) وبسبب الجائحة زاد عدد التسجيل للطلاب الجدد واستخدام التطبيق بنسبة 200%.

وفي الصين وبعد إعلان الحكومة الصينية عن تحويل ربع مليار من الطلاب إلى الفصول الافتراضية على شبكة الانترنت، أعلنت شركة Tencent أن 730000 طالب أي ما يعادل نسبة 81% من الطلاب في مدينة أوهان يحضرون الفصول الافتراضية عبر الانترنت. وكذلك شركات أخرى بدأت بتعزيز موقفها من هذا التحول بتوفير منصات موحدة للطلاب والمعلمين على حد سواء. مثلا شركة Lark ومقرها سينغافورة بدأت بتطوير منتجات داخلية لتواجه الطلب المتزايد على خدماتها التعليمية، حيث بدأت بتوفير وقت لا محدود للطلاب والمدرسين باستخدام المنصة لتقديم المحاضرات بالتصوير المباشر كذلك تقنيات الترجمة الفورية وفتح قنوات تحرير الكترونية فورية لمساعدة الطلاب في إعداد المشاريع الخاصة بهم والعديد من الخدمات الالكترونية التي تقدمها الشركة.

ولكي تفعل كل هذا عززت الشركة قدراتها التقنية بزيادة الخوادم (servers) في البنية التحتية والتأكد من توفير خدمة متكاملة ودائمة للمعلمين والطلاب.

كذلك العملاق الصيني علي بابا وذلك عن طريق فرع الشركة المسمى علي بابا لحلول التعليم عن بعد وعبر تطبيق DingTalk عكفت الشركة على تطوير قدراتها التعليمية عبر الانترنت، وذلك بزيادة 100000 خادم سحابي (cloud servers) خلال ساعتين فقط الشهر الماضي (وسجل كأعلى رقم من حيث طلب التوسع في تقديم خدمات التعليم عن طريق الانترنت في العالم).

كل هذه الأرقام والمؤشرات في التحول الالكتروني للتعليم تشير إلى أن منحنى التغيير في نظام التعليم قد بدأ فعلا باتجاه تصاعدي نحو التحول الرقمي شبه الكامل. رغم ما سيواجهه من تحديات قد تفرض لكي يتماشى التعليم عن بعد مع أنظمة وقوانين التعليم التقليدي، إلا أنه سيكون المستقبل القريب هو الاعتماد على تقنيات التعليم عن بعد بشكل مكمل وقوي في منظومة التعليم.