شاهر النهاري

سيناريو مختلف للانفجارات

الأربعاء - 05 أغسطس 2020

Wed - 05 Aug 2020

كلنا سمعنا وتابعنا ما حدث في إيران من انفجارات مهولة الشهر المنصرم في مناطق حيوية استراتيجية من محطات توليد الطاقة النووية والكهرباء ومخازن البترول، وكان ذلك يمر على إيران مرور الغفلة، ودون تحقيق دولي، ودون إعلان عن نتائج تحقيق، مما يزيد الغموض الإيراني تغورا في سراديب الغموض.

وبالطبع فقد كانت الاتهامات جاهزة على لسان الحكومة الإيرانية، وألسنة كل من غسلت أمخاخهم أيدلوجيا الخميني منذ ثورته، وقراره بوضع الثورة أساسا للدستور.

العالم أصبح قرية صغيرة، تدعى بالقرية السيبرانية، ولكن إيران تظل تجهد نفسها بالعزلة، وتغطية الأمور بالتجهيل، والكذب الصريح، ليستمر الشعب الإيراني يعاني من أزماته الداخلية وشظف عيشه، وتزايد المضايقات على كل من ينتقد، فيعتبر خائنا للثورة، ويعاقب إما بالاعتقال أو الشنق أو الاغتيال، ودون شفقة أو رحمة.

وقد اكتملت صورة التفجيرات بذلك التفجير العظيم، الذي هز العاصمة اللبنانية، بما يشابه الانفجار النووي، مخلفا كارثة إنسانية حضارية جعلت الحكومة اللبنانية تعلن أن بيروت بلد منكوب، مما يعني أنه يحتاج لسنوات عديدة لمعالجة ما حدث، ولو أن التصليح يحتاج لكثير من الإزالة، والبدء من الأساسات، وفي ظل العجز المالي اللبناني، وتردي الأحوال المعيشية وعلاقاتها بإخوتها العرب، فلا شك أن البناء والعودة سيطولان كثيرا، وسيهلكان الجيل الحالي بكامله.

انفجار في مستودعات للمواد الكيميائية (نترات)، كان حزب الله قد استأمن على وضعها في المرفأ المدني ببيروت، ذلك الذي يعتبر شريان الاستيراد والتصدير، وحفظ الحبوب والمنتجات على مختلف أنواعها.

ست سنوات وهذا المستودع موجود، بكل خطورته، وبكل شروره المرتقبة، وما من حكومة سابقة استطاعت مناقشة أمره، باعتبار أن جند إيران في لبنان (حزب الله)، هم المسؤولون عنه، وأنه من المحرمات، التي لا تستطيع أي حكومة منتخبة أن تناقشه.

كارثة عظمى، قتل فيها كإحصائيات أولية أكثر من مئة قتيل، وجرح الآلاف وتحطمت منازل المواطنين، ولم يعد ينفع الترميم في أغلبيتها، حيث إن الأسس اختلت ولم تعد تتحمل الهم.

السيناريوهات اختلفت، ولكن السيناريو، الذي لم يناقشه أحد، هو كيفية تسلسل الحوادث، بشكل يدعو للشك، مع عدم وجود أي دليل على تدخل أجنبي.

وفي وجهة نظري، أن ما حدث بعد الحادث الأول في إيران، أن تنبهت الحكومة لكمية الإهمال، الذي كانت تعاني منه منشأتها العسكرية، فقامت بتكوين لجان، للفحص، والتقصي، ومعالجة الخلل.

والكارثة العظمى، أن هذه اللجان هي من كانت تستدعي تلك التفجيرات، بجهل منها في عمليات الفحص والصيانة، أو لأن أحوال تلك المنشآت متقادمة متهالكة تفتقد أولويات آليات الطوارئ، وأن سيجارة واحدة قادرة على أن تزيلها من أساسها.

وما حدث في لبنان، نتج من قيام حزب الله بنفس العمل التفقدي، ومحاولة التأمين على مستودعهم القديم، الذي كانوا يتعاملون معه بالخفاء، والصمت، فما لبثوا من أتوا للتفتيش عليه وصيانته وتأمينه أن تسببوا في ذلك الانفجار العظيم، الذي حسب في مدينة عمان الأردنية وعلى بعد أكثر من مئة كيلو متر بقوة زلزال بدرجة 4.5 ريختر!

ذلك السيناريو لا أحد يناقشه، ولكني أجد من المفيد أن نذكره، ونتذكر أن كثيرا من المنشآت المهملة التابعة لأذرع إيران، ليست إلا قنابل موقوتة لقتل الشعوب العربية.

alnahariShaher@